[  للحسن قسمان      ] ( وقال ) أي :   ابن الصلاح     ( بان ) أي : ظهر ( لي بإمعاني ) أي : بإطالتي وإكثاري ( النظر ) والبحث جامعا بين أطراف كلامهم ، ملاحظا مواقع استعمالهم ( أن له ) أي الحسن ( قسمين ) : أحدهما - يعني وهو المسمى بالحسن لغيره - : أن يكون في الإسناد مستور لم تتحقق أهليته ، غير مغفل ، ولا كثير الخطأ في روايته ، ولا يتهم بتعمد الكذب فيها ، ولا ينسب إلى مفسق آخر ، واعتضد بمتابع أو شاهد .  
وثانيهما - يعني وهو  الحسن لذاته      - : أن تشتهر رواته بالصدق ، ولم يصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحيح .  
قلت : وهذا الثاني هو الحسن حقيقة ، بخلاف الآخر ، فهو لكونه يطلق على مرتبة من مراتب الضعيف - مجاز ، كما يطلق اسم الصحيح مجازا على الثاني .  
ثم إن القسمين ( كل ) من  الترمذي  والخطابي     ( قد ذكر ) منهما ( قسما ) ، وترك آخر لظهوره ، كما هو مقتضى كل من الاحتمالين الماضيين في  الترمذي     - أو ذهوله ; فكلام  الترمذي  يتنزل عند   ابن الصلاح  على أولهما ، وكلام  الخطابي  على ثانيهما ، لكن ليس الأول عنده من قبيل الحسن .  
وحينئذ فتركه له لذلك ، لا لما تقدم ، ( وزاد ) أي   ابن الصلاح  في كل منهما ( كونه ما عللا ولا بنكر أو شذوذ ) أي : بكل منهما ( شملا ) بناء على تغايرهما ، أما مع      [ ص: 92 ] ترادفهما - كما سيأتي البحث فيه - فاشتراط انتفاء أحدهما كاف .  
ولذا اقتصر في الصحيح على نفي الشذوذ فقط ، بل وكذا الحسن ، كما صرح به  الترمذي  ، وحينئذ فزيادة   ابن الصلاح  له إنما هي بالنسبة  للخطابي  خاصة بخلاف العلة مع إمكان أن يكون مجيء الجابر على وفقه يغني  الترمذي  عن التصريح بنفيها .  
ولكن قد قرر شيخنا منع اشتراطه نفيها ، وظهر بما قررته تفصيل ما أجمله  ابن دقيق العيد     ; حيث قال عقب كلام   ابن الصلاح     : وفيه مباحثات ومناقشات على بعض الألفاظ ، ولذلك مع اختلال غيرها من تعاريفه ، قيل : إنه لا مطمع في تمييزه .  
ولكن الحق أن من خاض بحار هذا الفن ، سهل ذلك عليه ، كما قاله شيخنا ; ولذا عرف الحسن لذاته ، فقال : هو  الحديث   المتصل الإسناد برواة معروفين بالصدق ، في ضبطهم قصور عن ضبط رواة الصحيح ، ولا يكون معلولا ولا شاذا ، ومحصله أنه هو والصحيح سواء ، إلا في تفاوت الضبط .  
فراوي الصحيح يشترط أن يكون موصوفا بالضبط الكامل ، وراوي الحسن لا يشترط أن يبلغ تلك الدرجة ، وإن كان ليس عريا عن الضبط في الجملة ; ليخرج عن كونه مغفلا ، وعن كونه كثير الخطأ ، وما عدا ذلك من الأوصاف المشترطة في الصحيح ، فلا بد من اشتراط كله في النوعين . انتهى .  
وأما مطلق الحسن فهو الذي اتصل سنده بالصدوق الضابط المتقن غير تامهما ، أو بالضعيف بما عدا الكذب إذا اعتضد مع خلوهما عن الشذوذ والعلة .  
				
						
						
