14026
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773وعن الحسن بن علي قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي - وكان وصافا - عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال : nindex.php?page=treesubj&link=30952_30948_29398كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخما مفخما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ، وأطول من المربوع ، وأقصر من المشذب عظيم الهامة ، رجل الشعر ، إذا تفرقت عقيصته فرق فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه ، إذا هو وفره ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب ، سوابغ من غير قرن بينهما عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين ، له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله أشم ، كث اللحية ، سهل الخدين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلج الأسنان ، دقيق المسربة ، كأن عنقه جيد دمنة في صفاء الفضة ، معتدل الخلق بادن متماسك ، سواء البطن والصدر ، عريض الصدر ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر طويل الزندين ، رحب الراحة ، سبط القصب ، شثن الكفين والقدمين ، سائر الأطراف ، خمصان الأخمصين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعا ، وتخطى تكفيا ، ويمشي هونا ، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وإذا التفت التفت معا ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه ، يبدر من لقي بالسلام . قلت : صف لي منطقه . قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، لا يتكلم في غير حاجة ، طويل الصمت يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلم ، فصل لا فصول ولا تقصير ، دمث ليس بالجافي ولا المهين ، يعظم النعمة وإن دقت لا يذم منها شيء، لا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها ، فإذا نوزع الحق لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ، لا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث [ ص: 274 ] اتصل بها فيضرب بباطن راحة اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا ضحك غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، ويفتر عن مثل حب الغمام . فكتمها الحسين زمانا ، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه ، فسألته عما سألته ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومجلسه ومخرجه وشكله ، فلم يدع منه شيئا . قال الحسين : سألت أبي عن دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك ، فكان إذا أوى إلى منزله جزأ نفسه ثلاثة أجزاء : جزء لله وجزء لأهله وجزء لنفسه . ثم جزأ نفسه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة ، فلا يدخر عنهم شيئا ، فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه ، وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم فيما يصلحهم ويلائمهم ويخبرهم بالذي ينبغي لهم ، ويقول : " ليبلغ الشاهد الغائب ، وأبلغوا في حاجة من لا يستطيع إبلاغها وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه يثبت الله قدميه يوم القيامة " . لا يذكر عنده إلا ذاك ، ولا يقبل من أحد غيره ، يدخلون روادا ولا يتفرقون إلا عن ذواق ويخرجون أذلة . قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخزن لسانه إلا مما ينفعهم ويؤلفهم ولا يفرقهم أو قال : ولا ينفرهم ، فيكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد سره ولا خلقه ، يتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبح ويوهنه ، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا ، لكل حال عنده عتاد ، لا يقصر عن الحق ولا يجوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، أفضلهم عنده أعظمهم نصيحة ، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة . فسألته عن مجلسه فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ، ويعطي كل جلسائه بنصيبه ، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المتصرف [ ص: 275 ] ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس منه بسطة وخلقة ، فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة ، لا ترفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته ، متعادلين متواصين فيه بالتقوى متواضعين ، يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذوي الحاجة ويحفظون الغريب . قال : قلت : كيف كانت سيرته في جلسائه ؟ قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا فاحش ولا عياب ولا مزاح ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤنس منه ولا يخيب فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء والإكبار ومما لا يعنيه ، وترك نفسه من ثلاث : كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير ، وإذا سكت تكلموا ، ولا يتنازعون عنده ، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أوليتهم ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الهفوة في منطقه ومسألته ، حتى إذا كان أصحابه ليستجلبوهم ويقول : " إذا رأيتم طالب الحاجة فأرشدوه " . ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام . قال : قلت : كيف كان سكوته ؟ قال : كان سكوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أربع : على الحلم والحذر والتقدير والتفكر ، فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس ، وأما تذكره - أو قال : تفكره - ففيما يبقى ويفنى ، وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يوصبه ولا يستفزه ، وجمع له الحذر في أربع : أخذه بالحسنى ليقتدوا به ، وتركه القبيح لينتهوا عنه ، وإجهاده الرأي فيما يصلح أمته ، والقيام فيما يجمع لهم الدنيا والآخرة . قال
أبو عبيد :
أبو هالة كان زوج
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمه
النباش من
بني أسيد بن عمرو بن تميم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار قال : حدثني
عمر بن أبي بكر الموصلي قال :
أبو هالة مالك بن زرارة من بني نباش بن زرارة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز : سمعت
أبا عبيد يقول : قوله : فخما : الفخامة نبله وامتلاؤه مع الجمال والمهابة . والمربوع : الذي بين الطويل والقصير . والمشذب : المفرط
[ ص: 276 ] في الطول وكذلك هو في كل شيء قال
جرير : ألوى بها شذب العروق مشذب فكأنما وكيب على طربال وقوله : رجل الشعر : الذي ليس بالسبط الذي لا تكسر فيه . والقطط : الشديد الجعودة يقول : فيه جعودة بين هذين . والعقيصة : الشعر المعقوص وهو نحو من المضفور ، ومنه قول
عمر : من عقص أو ضفر فعليه الحلق . وقوله : أزج الحاجبين سوابغ : الزجج في الحواجب أن يكون فيها تقوس مع طول في أطرافها وهو السبوغ ، قال
جميل بن معمر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
قوله : في غير قرن : فالقرن التقاء الحاجبين حتى يتصلا فليس هو كذلك ولكن بينهما فرجة ، يقال للرجل إذا كان كذلك : أبلج ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أن العرب تستحب هذا . وقوله : بينهما عرق يدره الغضب ، يقول : إذا غضب در العرق الذي بين الحاجبين . ودروره : غلظه ونتوؤه وامتلاؤه . وقوله : أقنى العرنين : يعني الأنف ، والقنا أن يكون فيه دقة مع ارتفاع في قصبته يقال منه : رجل أقن وامرأة قنواء . والأشم : أن يكون الأنف دقيقا لا قنا فيه . وقوله : كث اللحية ، الكثوثة : أن تكون اللحية غير رقيقة ولا طويلة ولكن فيها كثاثة من غير عظم ولا طول . وقوله : ضليع الفم : أحسبه يعني : حدة الشفتين . وقوله : أشنب الأشنب هو الذي في أسنانه رقة وتحديد ، يقال منه : رجل أشنب وامرأة شنباء ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
لمياء في شفتيها حدة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب
والمفلج : هو الذي في أسنانه تفرق . والمسربة : الشعر الذي بين اللبة إلى السرة . شعر يجري كالخط : قال
الأعشى :
الآن لما ابيض مسربتي وعضضت من نابي على جذمي
وقوله : جيد دمنة : الجيد : العنق ، والدمنة : الصورة . وقوله : ضخم الكراديس : قال بعضهم : هي العظام ، ومعناه أنه عظيم الألواح ، وبعضهم يجعل الكراديس رؤوس العظام والكراديس في غير هذا الكتائب . الزندان : العظمان اللذان في الساعدين المتصلان بالكفين ، وصفه بطول الذراعين . سبط القصب : القصب كل عظم ذي مخ مثل الساقين والعضدين والذراعين ،
[ ص: 277 ] وسبوطهما : امتدادهما ، يصفه بطول العظام ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
جواعل في البرى قصبا خدالا
أراد بالبرى : الأسورة والخلاخل وقوله : شثن الكفين والقدمين : يريد أن فيهما بعض الغلظ . والأخمص من القدم في باطنها ما بين صدرها وعقبها وهو الذي لا يلصق بالأرض من القدمين في الوطء ، قال
الأعشى يصف امرأة بإبطاء في المشي :
كأن أخمصها بالشوك منتعل
وقوله : خمصان : يعني أن ذلك الموضع من قدميه فيه تجاف عن الأرض وارتفاع ، وهو مأخوذ من خموصة البطن ، وهي ضمره ، يقال منه : رجل خمصان وامرأة خمصانة . وقوله : مسيح القدمين : يعني أنهما ملسان ، وأنه ليس في ظهورهما تكسر ولهذا قال : ينبو عنهما الماء : يعني أنه لا ثبات للماء عليهما . وقوله : إذا خطا تكفأ : يعني التمايل ، أخذه من تكفؤ السفن . وقوله : ذريع المشية : يعني واسع الخطا . كأنما ينحط في صبب : أراه يريد أنه مقبل على ما بين يديه ، غاض بصره لا يرفعه إلى السماء ، وكذلك يكون المنحط ، ثم فسره فقال : خافض الطرف نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء . وقوله : إذا التفت التفت جميعا : يريد أنه لا يلوي عنقه دون جسده فإن في هذا بعض الخفة والطيش . وقوله : دمث : هو اللين السهل ، ومنه قيل للرمل : دمث ، ومنه حديثه أنه أراد يبول فمال إلى دمث . وقوله : إذا غضب أعرض وأشاح : والإشاحة : الحد ، وقد يكون الحذر . وقوله : يفتر ، عن حب مثل حب الغمام : أراد البرد شبه به بياض أسنانه ، قال
جرير :
يجري السواك على أغر كأنه برد تحدر من متون غمام
وقوله : يدخلون روادا : الرواد : الطالبون ، واحدهم رائد ، ومنه قولهم : الرائد لا يكذب أهله . وقوله : لكل حال عنده عتاد : يعني عدة وقد أعد له . وقوله : لا يوطن الأماكن : أي لا يجعل لنفسه موضعا يعرف ، إنما يجلس حيث يمكنه في الموضع الذي تكون فيه حاجته ثم فسره فقال : يجلس حيث ينتهي به المجلس ، ومنه حديثه عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=941774أنه نهى أن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير . وقوله : في مجلسه لا تؤبن فيه الحرم : يقول : لا توصف فيه النساء ، منه حديثه - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=941775أنه نهى عن الشعر إذا أبنت [ ص: 278 ] فيه النساء .
قال
أبو عبيد : حدثنا
أبو إسماعيل المؤدب ، عن
مجالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941776كان رجال في المسجد يتناشدون الشعر فأقبل ابن الزبير فقال في حرم الله وعند بيت الله تتناشدون الشعر ؟ ! فقال رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنه ليس بك بأس يا ابن الزبير إنما nindex.php?page=treesubj&link=18940نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشعر إذا أبنت فيه النساء أو تروزئت فيه الأموال . وقوله : لا تنثى فلتاته : الفلتات : السقطات لا يتحدث بها . يقال : نثوت أنثو والاسم منه النثا ، وهذه الهاء التي في فلتاته راجعة على المجلس ، ألا ترى أن صدر الكلام أنه سأله عن مجلسه ، وقال أيضا : أنه لم يكن لمجلسه فلتات يحتاج أحد أن يحكيها ، فلتاته : يريد فلتات المجلس لا يتحدث بها بعضهم عن بعض . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وفيه من لم يسم .
14026
nindex.php?page=hadith&LINKID=941773وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ - وَكَانَ وَصَّافًا - عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=30952_30948_29398كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخْمًا مُفَخَّمًا ، يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَأَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ عَظِيمَ الْهَامَةِ ، رَجِلَ الشَّعْرِ ، إِذَا تَفَرَّقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ فَلَا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ ، إِذَا هُوَ وَفْرُهُ ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ ، وَاسِعَ الْجَبِينِ ، أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ ، سَوَابِغَ مِنْ غَيْرِ قَرْنٍ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ ، يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ ، كَثَّ اللِّحْيَةِ ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ ، ضَلِيعَ الْفَمِ ، أَشْنَبَ ، مُفَلَّجَ الْأَسْنَانَ ، دَقِيقَ الْمَسْرَبَةِ ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدَ دِمْنَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ بَادِنَ مُتَمَاسِكَ ، سَوَاءٌ الْبَطْنُ وَالصَّدْرُ ، عَرِيضَ الصَّدْرِ ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدَ ، مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ ، أَشَعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِيَ الصَّدْرِ طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ ، رَحْبَ الرَّاحَةِ ، سَبْطَ الْقَصَبِ ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ، سَائِرَ الْأَطْرَافِ ، خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ ، إِذَا زَالَ زَالَ قُلَعًا ، وَتَخَطَّى تَكَفِيًّا ، وَيَمْشِي هَوْنًا ، ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا ، خَافِضَ الطَّرْفِ ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ ، يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ . قُلْتُ : صِفْ لِي مَنْطِقَهُ . قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ ، طَوِيلَ الصَّمْتِ يَفْتَتِحُ الْكَلَامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ، فَصْلٌ لَا فُصُولٌ وَلَا تَقْصِيرٌ ، دَمِثٌ لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا الْمُهِينِ ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْءٌ، لَا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ ، وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَلَا مَا كَانَ لَهَا ، فَإِذَا نُوزِعَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ ، لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ ، وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا ، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا ، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا ، وَإِذَا تَحَدَّثَ [ ص: 274 ] اتَّصَلَ بِهَا فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَةِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى ، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ، وَإِذَا ضَحِكَ غَضَّ طَرْفَهُ ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ ، وَيَفْتُرُ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ . فَكَتَمَهَا الْحُسَيْنُ زَمَانًا ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مُدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمُخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ ، فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا . قَالَ الْحُسَيْنُ : سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ نَفْسَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ : جُزْءٌ لِلَّهِ وَجُزْءٌ لِأَهْلِهِ وَجُزْءٌ لِنَفْسِهِ . ثُمَّ جَزَّأَ نَفْسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ ، فَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا ، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ ، وَقَسْمُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَيُلَائِمُهُمْ وَيُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ ، وَيَقُولُ : " لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، وَأَبْلِغُوا فِي حَاجَةٍ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا إِيَّاهُ يُثَبِّتُ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . لَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَاكَ ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ ، يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَتَفَرَّقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَذِلَّةً . قَالَ : فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَزِّنُ لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَنْفَعُهُمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلَا يُفَرِّقُهُمْ أَوْ قَالَ : وَلَا يُنَفِّرُهُمْ ، فَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ ، وَيَحْذَرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ سِرَّهُ وَلَا خُلُقَهُ ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ ، وَيُقَبِّحُ الْقُبْحَ وَيُوهِنُهُ ، مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ ، لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا أَوْ يَمِيلُوا ، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ ، لَا يُقَصِّرُ عَنِ الْحَقِّ وَلَا يَجُوزُهُ ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ ، أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ نَصِيحَةً ، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً . فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ ، وَلَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا ، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ ، وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ ، لَا يَحْسَبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ [ ص: 275 ] وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ ، قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ بَسْطَةٌ وَخِلْقَةٌ ، فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً ، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ ، وَلَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ وَلَا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ ، مُتَعَادِلِينَ مُتَوَاصِينَ فِيهِ بِالتَّقْوَى مُتَوَاضِعِينَ ، يُوَقِّرُونَ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ وَيُؤْثِرُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ . قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ ؟ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَائِمَ الْبِشْرِ ، سَهْلَ الْخُلُقِ ، لَيِّنَ الْجَانِبِ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا فَاحِشٍ وَلَا عَيَّابٍ وَلَا مَزَّاحٍ ، يَتَغَافَلُ عَمًّا لَا يَشْتَهِي وَلَا يُؤْنَسُ مِنْهُ وَلَا يُخَيِّبُ فِيهِ ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ : الْمِرَاءُ وَالْإِكْبَارُ وَمِمَّا لَا يَعْنِيهِ ، وَتَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ : كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا وَلَا يُعَيِّرُهُ وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا ، وَلَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ ، حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْهَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ ، حَتَّى إِذَا كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُوهُمْ وَيَقُولُ : " إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ فَأَرْشِدُوهُ " . وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَهُ فَيَقْطَعَهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ . قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ ؟ قَالَ : كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَرْبَعٍ : عَلَى الْحِلْمِ وَالْحَذَرِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّفَكُّرِ ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَتِهِ النَّظَرَ وَالِاسْتِمَاعَ بَيْنَ النَّاسِ ، وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ - أَوْ قَالَ : تَفَكُّرُهُ - فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى ، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ فَكَانِ لَا يُوصِبُهُ وَلَا يَسْتَفِزُّهُ ، وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعٍ : أَخْذُهُ بِالْحُسْنَى لِيَقْتَدُوا بِهِ ، وَتَرْكُهُ الْقَبِيحَ لِيَنْتَهُوا عَنْهُ ، وَإِجْهَادُهُ الرَّأْيَ فِيمَا يُصْلِحُ أُمَّتَهُ ، وَالْقِيَامُ فِيمَا يَجْمَعُ لَهُمُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ :
أَبُو هَالَةَ كَانَ زَوْجَ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْمُهُ
النَّبَّاشُ مِنْ
بَنِي أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16628عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ :
أَبُو هَالَةَ مَالِكُ بْنُ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي نَبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16628عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : سَمِعْتُ
أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ : قَوْلُهُ : فَخْمًا : الْفَخَامَةُ نُبْلُهُ وَامْتِلَاؤُهُ مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ . وَالْمَرْبُوعُ : الَّذِي بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ . وَالْمُشَذَّبُ : الْمُفْرِطُ
[ ص: 276 ] فِي الطُّولِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ
جَرِيرٌ : أَلْوَى بِهَا شَذْبُ الْعُرُوقِ مُشَذَّبٌ فَكَأَنَّمَا وُكِيبُ عَلَى طِرْبَالِ وَقَوْلُهُ : رَجِلَ الشَّعْرِ : الَّذِي لَيْسَ بِالسَّبْطِ الَّذِي لَا تَكَسُّرَ فِيهِ . وَالْقَطَطُ : الشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ يَقُولُ : فِيهِ جُعُودَةٌ بَيْنَ هَذَيْنِ . وَالْعَقِيصَةُ : الشَّعْرُ الْمَعْقُوصُ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَضْفُورِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ : مَنْ عَقَصَ أَوْ ضَفَّرَ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ . وَقَوْلُهُ : أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ سَوَابِغُ : الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَقَوُّسٌ مَعَ طُولٍ فِي أَطْرَافِهَا وَهُوَ السُّبُوغُ ، قَالَ
جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ :
إِذَا مَا الْغَانِيَاتِ بَرَزْنَ يَوْمًا وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
قَوْلُهُ : فِي غَيْرِ قَرْنٍ : فَالْقَرْنُ الْتِقَاءُ الْحَاجِبَيْنِ حَتَّى يَتَّصِلَا فَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ بَيْنَهُمَا فُرْجَةً ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ : أَبْلَجُ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَحِبُّ هَذَا . وَقَوْلُهُ : بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ ، يَقُولُ : إِذَا غَضِبَ دَرَّ الْعِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ . وَدُرُورُهُ : غِلَظُهُ وَنُتُوؤُهُ وَامْتِلَاؤُهُ . وَقَوْلُهُ : أَقْنَى الْعِرْنِينِ : يَعْنِي الْأَنْفَ ، وَالْقَنَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ دِقَّةٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ فِي قَصَبَتِهِ يُقَالُ مِنْهُ : رَجُلٌ أَقَنُّ وَامْرَأَةٌ قَنْوَاءُ . وَالْأَشَمُّ : أَنْ يَكُونَ الْأَنْفُ دَقِيقًا لَا قَنَا فِيهِ . وَقَوْلُهُ : كَثَّ اللِّحْيَةِ ، الْكُثُوثَةُ : أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ غَيْرَ رَقِيقَةٍ وَلَا طَوِيلَةٍ وَلَكِنَّ فِيهَا كَثَاثَةً مِنْ غَيْرِ عِظَمٍ وَلَا طُولٍ . وَقَوْلُهُ : ضَلِيعَ الْفَمِ : أَحْسَبُهُ يَعْنِي : حِدَّةَ الشَّفَتَيْنِ . وَقَوْلُهُ : أَشْنَبَ الْأَشْنَبُ هُوَ الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ رِقَّةٌ وَتَحْدِيدٌ ، يُقَالُ مِنْهُ : رَجُلٌ أَشْنَبُ وَامْرَأَةٌ شَنْبَاءُ وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ :
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حِدَّةْ لَعَسٌ وَفِي اللِّثَاتِ وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ
وَالْمُفَلَّجُ : هُوَ الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ تَفَرُّقٌ . وَالْمَسْرَبَةُ : الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ اللَّبَّةِ إِلَى السُّرَّةِ . شَعْرٌ يَجْرِي كَالْخَطِّ : قَالَ
الْأَعْشَى :
الْآنَ لَمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتِي وَعَضَضْتُ مِنْ نَابِي عَلَى جَذَمِي
وَقَوْلُهُ : جِيدُ دِمْنَةٍ : الْجِيدُ : الْعُنُقُ ، وَالدِّمْنَةُ : الصُّورَةُ . وَقَوْلُهُ : ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ : قَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ الْعِظَامُ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَظِيمُ الْأَلْوَاحِ ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْكَرَادِيسَ رُؤُوسَ الْعِظَامِ وَالْكَرَادِيسَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكَتَائِبَ . الزَّنْدَانِ : الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ فِي السَّاعِدَيْنِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْكَفَّيْنِ ، وَصَفَهُ بِطُولِ الذِّرَاعَيْنِ . سِبْطَ الْقَصَبِ : الْقَصَبُ كُلُّ عَظْمٍ ذِي مُخٍّ مِثْلَ السَّاقَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ ،
[ ص: 277 ] وَسُبُوطُهُمَا : امْتِدَادُهُمَا ، يَصِفُهُ بِطُولِ الْعِظَامِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
جَوَاعِلُ فِي الْبَرَى قَصَبًا خِدَالًا
أَرَادَ بِالْبَرَى : الْأَسْوِرَةُ وَالْخَلَاخِلُ وَقَوْلُهُ : شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ : يُرِيدُ أَنَّ فِيهِمَا بَعْضَ الْغِلَظِ . وَالْأَخْمَصُ مِنَ الْقَدَمِ فِي بَاطِنِهَا مَا بَيْنَ صَدْرِهَا وَعَقِبِهَا وَهُوَ الَّذِي لَا يَلْصِقُ بِالْأَرْضِ مِنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوَطْءِ ، قَالَ
الْأَعْشَى يَصِفُ امْرَأَةً بِإِبْطَاءٍ فِي الْمَشْيِ :
كَأَنَّ أَخْمَصَهَا بِالشَّوْكِ مُنْتَعِلٌ
وَقَوْلُهُ : خُمْصَانَ : يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ قَدَمَيْهِ فِيهِ تَجَافٍ عَنِ الْأَرْضِ وَارْتِفَاعٌ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ خُمُوصَةِ الْبَطْنِ ، وَهِيَ ضَمْرُهُ ، يُقَالُ مِنْهُ : رَجُلٌ خُمْصَانٌ وَامْرَأَةٌ خُمْصَانَةٌ . وَقَوْلُهُ : مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ : يَعْنِي أَنَّهُمَا مَلْسَانِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي ظُهُورِهِمَا تَكَسُّرٌ وَلِهَذَا قَالَ : يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ : يَعْنِي أَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لِلْمَاءِ عَلَيْهِمَا . وَقَوْلُهُ : إِذَا خَطَا تَكَفَّأَ : يَعْنِي التَّمَايُلَ ، أَخَذَهُ مِنْ تَكَفُّؤِ السُّفُنِ . وَقَوْلُهُ : ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ : يَعْنِي وَاسِعَ الْخُطَا . كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ فِي صَبَبٍ : أَرَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، غَاضٌّ بَصَرَهُ لَا يَرْفَعُهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمُنْحَطُّ ، ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ : خَافِضُ الطَّرْفِ نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ . وَقَوْلُهُ : إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا : يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْوِي عُنُقَهُ دُونَ جَسَدِهِ فَإِنَّ فِي هَذَا بَعْضَ الْخِفَّةِ وَالطَّيْشِ . وَقَوْلُهُ : دَمِثَ : هُوَ اللَّيِّنُ السَّهْلُ ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّمْلِ : دَمِثٌ ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ أَنَّهُ أَرَادَ يَبُولُ فَمَالَ إِلَى دَمْثٍ . وَقَوْلُهُ : إِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ : وَالْإِشَاحَةُ : الْحَدُّ ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَذَرَ . وَقَوْلُهُ : يَفْتَرُّ ، عَنْ حَبٍّ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ : أَرَادَ الْبَرَدَ شَبَّهَ بِهِ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ ، قَالَ
جَرِيرٌ :
يَجْرِي السِّوَاكُ عَلَى أَغَرَّ كَأَنَّهُ بَرَدٌ تَحَدَّرَ مِنْ مُتُونِ غَمَامِ
وَقَوْلُهُ : يَدْخُلُونَ رُوَّادًا : الرُّوَّادُ : الطَّالِبُونَ ، وَاحِدُهُمْ رَائِدٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : الرَّائِدُ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ . وَقَوْلُهُ : لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ : يَعْنِي عُدَّةً وَقَدْ أَعَدَّ لَهُ . وَقَوْلُهُ : لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ : أَيْ لَا يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ مَوْضِعًا يُعْرَفُ ، إِنَّمَا يَجْلِسُ حَيْثُ يُمْكِنُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ حَاجَتُهُ ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ : يَجْلِسُ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=941774أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُوَطَّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطَّنُ الْبَعِيرُ . وَقَوْلُهُ : فِي مَجْلِسِهِ لَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ : يَقُولُ : لَا تُوصَفُ فِيهِ النِّسَاءُ ، مِنْهُ حَدِيثُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=941775أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِنَتْ [ ص: 278 ] فِيهِ النِّسَاءُ .
قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ ، عَنْ
مُجَالِدٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941776كَانَ رِجَالٌ فِي الْمَسْجِدِ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ فَأَقْبَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَعِنْدَ بَيْتِ اللَّهِ تَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ ؟ ! فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِنَّمَا nindex.php?page=treesubj&link=18940نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ أَوْ تُرُوزِئَتْ فِيهِ الْأَمْوَالُ . وَقَوْلُهُ : لَا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ : الْفَلَتَاتُ : السَّقَطَاتُ لَا يَتَحَدَّثُ بِهَا . يُقَالُ : نَثَوْتُ أَنْثُو وَالِاسْمُ مِنْهُ النَّثَا ، وَهَذِهِ الْهَاءُ الَّتِي فِي فَلَتَاتِهِ رَاجِعَةٌ عَلَى الْمَجْلِسِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَجْلِسِهِ ، وَقَالَ أَيْضًا : أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ يَحْتَاجُ أَحَدٌ أَنْ يَحْكِيَهَا ، فَلَتَاتُهُ : يُرِيدُ فَلَتَاتَ الْمَجْلِسِ لَا يَتَحَدَّثُ بِهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ .