الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإذا عطبت البدنة في الطريق ; فإن كان تطوعا نحرها وصبغ نعلها بدمها وضرب بها صفحة سنامها ، ولا يأكل هو ولا غيره من الأغنياء منها ) بذلك أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام ناجية الأسلمي رضي الله عنه والمراد بالنعل قلادتها ، وفائدة ذلك أن يعلم الناس أنه هدي فيأكل منه الفقراء دون الأغنياء وهذا ; لأن الإذن بتناوله معلق بشرط بلوغه محله ، فينبغي أن لا يحل قبل ذلك أصلا إلا أن التصدق على الفقراء أفضل من أن يتركه جزرا للسباع ، وفيه نوع تقرب والتقرب هو المقصود .

                                                                                                        ( فإن كانت واجبة أقام غيرها مقامها وصنع بها ما شاء ) لأنه لم يبق صالحا لما عينه وهو ملكه كسائر أملاكه ( ويقلد هدي التطوع والمتعة والقران ) لأنه دم نسك ، وفي التقليد إظهاره وتشهيره فيليق به ( ولا يقلد دم الإحصار ولا دم الجنايات ) لأن سببها الجناية والستر أليق بها ودم الإحصار جابر فيلحق بجنسها ، ثم ذكر الهدي ومراده البدنة ; لأنه لا يقلد الشاة عادة ولا يسن تقليده عندنا لعدم فائدة التقليد على ما تقدم ، والله أعلم .

                                                                                                        [ ص: 311 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 311 ] الحديث العاشر : قال المصنف : وإذا عطبت البدنة في الطريق ، فإن كان تطوعا [ ص: 312 - 313 ] نحرها ، وصبغ نعلها بدمها ، وضرب بها صفحة سنامها ، ولم يأكل هو ولا غيره من الأغنياء ، بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية الأسلمي ; قلت : تقدم حديث ناجية في " الحديث الثالث " ، وليس فيه قوله : { ولا تأكل منه أنت ، ولا أحد من رفيقك } ، ثم وجدناه في " المغازي " للواقدي ، وقد تقدم في " الحديث الثالث " ، وإنما هو في حديث ذؤيب ; ورواه مسلم ، وقد ذكرناه ، وفي الباب أحاديث : منها حديث عمرو بن خارجة : أخرجه الطبراني في " معجمه " عن شريك عن ليث عن شهر بن حوشب عن { عمرو بن خارجة الثمالي ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معى بهدي تطوع ، وقال : إذا عطب منها شيء فانحره ، ثم اضرب نعله في دمه ، ثم اضرب به صفحته ، ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك ، وخل بينه وبين الناس }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " ، ولم يقل فيه : تطوع .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن سليم بن مسلم الخشاب حدثنا ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي الخليل عن أبي قتادة ، قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدنة التطوع : إذا عطبت قبل أن تدخل الحرم فانحرها ، واغمس يدك في دمها ، واضرب صفحتها ، ولا تأكل منها ، فإن أكلت منها عظمتها }انتهى .

                                                                                                        وأعله بسليم هذا ، وأسند عن النسائي ، وابن معين ، أنهما قالا : هو ضعيف ، وأخرجه الطبراني في " معجمه الأوسط " عن إبراهيم بن طهمان عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن أبي الخليل عن أبي قتادة ، قال : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يكون معه الهدي تطوعا فيعطب ، قبل أن يبلغ ، قال : وينحرها ، ثم يلطخ نعلها بدمها ، ثم يضرب به جنبيها ، ولا يأكل منها ، فإن أكل منها وجب عليه قضاؤها }انتهى . [ ص: 314 ]

                                                                                                        { حديث آخر } : روى الحافظ تمام بن محمد في " فوائده " حدثنا القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد الحلبي عن أبي أيوب سليمان بن المعافى بن سليمان عن أبيه عن موسى بن أعين عن الأوزاعي عن عبد الله بن عباس عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام قال : { من أهدى بدنة طوعا ، فعطب ، فليس عليه بدل ، وإن كان نذرا فعليه البدل }انتهى .

                                                                                                        وذكره الشيخ في " الإمام " من جهة تمام ، وسكت عنه .




                                                                                                        الخدمات العلمية