الفصل الرابع : في زيادة الأقوال    . 
وفيه فروع أربعة : 
الأول في الكتاب : من قرأ السورة في الأخيرتين  لا سجود عليه ; لأن الخلاف في مشروعيتها في الأخيرتين   لابن عمر  وابن عبد الحكم  و ( ش ) ، وفي الجلاب عن  أشهب  يسجد . 
الثاني في الكتاب : من تكلم ناسيا  سجد بعد - وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) . 
 [ ص: 316 ] الكلام سهو يبطل  ، ومسلم أن السلام في أثنائها سهوا لا يبطل ; لنا القياس عليه ، وحديث  ذي اليدين  ، ولأن كل ما يبطل عمده ، يوجب السجود سهوه    . 
الثالث : إذا جهر فيما يسر فيه  سجد بعد ، في البيان : ولا خلاف أحفظه في أنه سجد بعد السلام ، والفرق بين هذا والعكس أن فعل ما تركه سنة أشد من ترك ما فعله سنة - لقوله - عليه السلام - : " إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه ، وإن أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم   . إلا أن تكون الآية ونحوها خلافا ( ح ش ) . لنا قوله - عليه السلام - : لكل سهو سجدتان ، وفي الصحيحين : كان - عليه السلام - يسمعنا الآية أحيانا ، قال صاحب الطراز : وقيل : يسجد قبل السلام - لنقصه السنة ، فلو تعمد ترك الإسرار أو الجهر  ، فأربعة أقوال : لا سجود عند  ابن القاسم     ; لفقدان سببه الذي هو السهو عنده ، والسجود لوجود الخلل ; والسجود جائز وتبطل الصلاة للاستهزاء ، وهذه جارية في كل سنة تعمد تركها    ; وتبطل الصلاة بالجهر كزيادة الكلام ; ولا تبطل بالسر ; لأنه نقص وما زاد . 
الرابع : قال في الكتاب : إذا سلم من اثنتين ساهيا فسبحوا به فلم يفقه  ، فقال له أحد المأمومين : سهوت ; فسألهم ، فقالوا : نعم ; فإنه يتمم بهم ، لما في الصحيحين أنه - عليه السلام - صلى إحدى صلاتي العشاء إما الظهر أو العصر فسلم من ركعتين ، ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليه كهيئة الغضبان . 
 [ ص: 317 ] وفي القوم  أبو بكر  وعمر  ، فهابا أن يتكلما ، فخرج سرعان الناس فقالوا : أقصرت الصلاة ؟ فقام  ذو اليدين  فقال : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ فنظر النبي - عليه السلام - يمينا وشمالا ، فقال : أحقا ما يقول  ذو اليدين  ؟ فقالوا : صدق - ولم تصل إلا ركعتين ; فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد   . والمشهور التسوية بين الاثنتين وغيرهما ، وقال   سحنون     : ذلك خاص بالاثنتين قصرا للحديث على مورده لمخالفة الأصول . 
وجوابه : أنه معلل بإصلاح الصلاة فيتعدى ، وحيث قلنا بالكلام ، ففي الجواهر ما لم يكثر ، وقيل : يبنى وإن كثر ؟ قال صاحب المنتقى : وكراهة الكلام للمأموم في هذا عن  ابن وهب  وابن نافع  ، فإن فعل ، فلا إعادة ، والإعادة أبدا عن   ابن كنانة  ، وجعل الحديث خاصا بصدر الإسلام - وقاله ( ح ش ) وليس كذلك ; لأن إباحة الكلام في الصلاة نسخت قبل خروج -   ابن مسعود  من الحبشة  ، وراوي هذا الحديث   أبو هريرة  وهو متأخر الإسلام . 
سؤالان 
الأول : كان - عليه السلام - يعتقد إتمام الصلاة ، والقوم يعتقدون النسخ ويجوزونه ; فلذلك تكلموا بخلاف صورة النزاع . 
الثاني : روي في الحديث : ما قصرت الصلاة ولا نسيت ، ويروى : كل ذلك لم يكن ، والخلف منه - عليه السلام - محال . 
 [ ص: 318 ] والجواب عن الأول : أنهم تكلموا بعد العلم بعدم النسخ بقوله : كل ذلك لم يكن   . 
وعن الثاني : أنه فعل ذلك - عليه السلام - قصدا أذن له فيه للتعليم ، فالكلام صدق ; وقوله - عليه السلام - : أحقا ما يقول للتثبت على القضية ، أو هو إخبار عن اعتقاد ، وهو كذلك فلا خلاف . 
فرع 
فلو كان الإمام يعتقد الإتمام  ، قال صاحب الطراز :  لمالك  قولان : يرجع ، وقيل : يرجع إن كثروا وفي الاثنتين والثلاث لا يرجع ، وجه الأول : أن يقينه يضطرب ، وجه الثاني : ترجيح اليقين على غيره ; وحيث قلنا يرجع ، ففي الجواهر يرجع بإحرام ، ثم يكبر تكبيرة القيام للثالثة ، وقال بعض المتأخرين : ليس ذلك عليه إن كان جالسا في مقامه ، وإنما يفتقر للإحرام لو قام بعد سلامه ، أو فعل ما يوجب حاجته للإحرام ; واعترضه  أبو الوليد  بأن الموجب للإحرام هو السلام وغيره ، وإذا قلنا يحرم منها قائما كالإحرام الأول قاله بعض المتقدمين ، أو جالسا لأنها الحالة التي فارق فيها الصلاة قاله  ابن شبلون     ; وإذا قلنا يحرم قائما جلس بعد ذلك عند  ابن القاسم  ليأتي بالنهضة ; وروى  ابن نافع  لا يجلس ; لأن النهضة غير مقصودة وقد فات محلها . قال صاحب المقدمات : إن سلم ساهيا قبل إتمام صلاته  لم يخرج من صلاته بذلك إجماعا ، ويتمها ويسجد إن كان فذا أو إماما ; وإن سلم شاكا في إتمام صلاته  ، لم يصح رجوعه إلى تمامها ; فإن تيقن بعد سلامه تمامها ، أجزأته عند  ابن حبيب  لبيان الصحة ، وقيل : فاسدة ، وهو الأظهر ;   [ ص: 319 ] وإن سلم قاصدا للتحليل معتقدا تمامها ، ثم شك أو تيقن بعد سلامه  ، رجع لإصلاحها ; وهل يرجع بإحرام ؟ قولان مبنيان على أن السلام سهوا هل يخرج من الصلاة  فلا يدخل إلا بإحرام - قاله  ابن القاسم  ومالك  ، أو لا يخرج من الصلاة فلا يحتاج إلى إحرام - قاله  أشهب  وعبد الملك  ومحمد     ; وعلى الأول قال  ابن القاسم     : يكبر ثم يجلس ثم يبني ، قال : والصواب يجلس ثم يكبر ثم يبني ; لئلا يزيد الانحطاط بين القيام ; وعلى القول بأن السلام يخرج ، يرجع إلى موضع المفارقة ; فإن سلم من اثنتين ، رجع للجلوس أو من غيرها فذكر قائما - رجع إلى حال رفع رأسه من السجود ولا يجلس ; لأنه ليس موضع جلوس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					