[ ص: 373 ] الباب الحادي عشر . 
في الجمع بين الصلاتين ، والنظر في أسبابه ، وشروطه ، وحكمه ، ومحله فهذه خمسة فصول : 
الفصل الأول : في أسبابه . 
وهي ستة : 
السبب الأول : السفر ، في الكتاب : إذا جد به المسير جمع آخر وقت الظهر وأول العصر ، ويؤخر المغرب إلى مغيب الشفق ; لما في الصحيحين : " كان - عليه السلام - إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر  ، أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ، ثم ينزل فيجمع بينهما . وفيهما أيضا إذا عجل به   [ ص: 374 ] السير في السفر ، أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ; يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء وأسرع السير ، وفي الجواهر قال  أشهب     : مبادرة ما يخاف فواته ، وجوزه  ابن حبيب  لمجرد قطع المسافة ، قال  الباجي     : أقوال أصحابنا تدل على جواز المنع لحدة السير ، وإن كان السفر لا تقصر فيه الصلاة . 
السبب الثاني في الجواهر : مهما اجتمع المطر والطين والظلمة  أو اثنان منهما أو انفرد المطر ; جاز الجمع ، بخلاف انفراد الظلام ، والمشهور عدم اعتبار انفراد الطين ، وظاهر المستخرجة جوازه . وقال ( ش ) : يجمع في المطر بخلاف الطين والظلمة ، ويجمع في سائر المساجد لعموم العذر ، وروي عن  مالك  تخصيصه بمسجده - عليه السلام - لمزيد الفضيلة ، ويخصص بالمغرب والعشاء على ما في الكتاب . واستقرأ  الباجي  اعتباره في الظهر والعصر من قول  مالك  في الموطأ : أرى ذلك في المطر . 
السبب الثالث المرض  في الكتاب : إذا خاف الغلبة على عقله يصلي الظهر والعصر إذا زالت الشمس ، والمغرب والعشاء عند الغروب - وقاله   ابن حنبل  خلافا ( ش ) . لنا أنه ورد في الحديث : أنه - عليه السلام - جمع من غير خوف ولا سفر ، وروي : من غير خوف ولا مطر . فلم يبق إلا المرض ، ولأن مشقة المرض أعظم من مشقة السفر ; قال  سند     : وقال   سحنون     : لا يجمع إلا بتأخير الظهر إلى أول العصر . وإذا فرعنا على المشهور فجمع ولم يذهب عقله ، قال  عيسى     : يعيد في الوقت كواجد الماء بعد الصلاة بالتيمم . 
سؤال : إن وقعت الغلبة على العقل سقط التكليف  ، فلا يفعل ما لم يؤمر   [ ص: 375 ] به ; لكونه غير مشروع كصلاة الفذ ، وإن لم يقع فلا يقدم الواجب عن وقته لغير ضرورة . 
جوابه : أن الوقت مشترك وهو سبب الصلاتين ، فتعلق الخطاب بالثانية ; لوجود سببها بخلاف صلاة الفذ . وفي الكتاب يجمع صاحب البطن ونحوه في وسط وقت الظهر ، والمغرب والعشاء عند الشفق ، قال  سند     : قال   ابن شعبان     : يجمع أول وقت الظهر ، وأول وقت المغرب ; قياسا على المسافر ، قال : وقوله : وسط الظهر ; ظاهره ربع القامة وقد وقع في مواضع تفسيرها بآخر القامة ، ويؤيده قوله : عند مغيب الشفق ، وبه فسر  الباجي  ، قال : وهذا كله فيمن يقدر على الأركان ، لكن تشق عليه الحركة ; أما لو كان يعتريه ما يعجزه عن ركن - ولو أنه القيام ، جمع أول الوقت ، وقال  مالك  في الكتاب : لو خاف الميد في البحر جمع أول الوقت ، ولا يصليهما في البحر قاعدا . 
 ( قاعدة ) : السبب الرابع في الجواهر : الخوف في جواز الجمع به  قولان  لابن القاسم     . 
السبب الخامس : الوقوف بعرفة    . 
السبب السادس : الإفاضة بمزدلفة    . 
فرع :   . 
هل يجوز الجمع بغير سبب  ؟ حكى  المازري  المنع  لابن القاسم  ، والجواز  لأشهب  بناء على الاشتراك في الوقت ، ويعضده حديث   ابن عباس     : " جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاتين من غير خوف ولا سفر " ، ويروى : من غير خوف   [ ص: 376 ] ولا مطر " ، قال   ابن عباس     : أراد ألا يحرج أمته   . 
				
						
						
