[ ص: 372 ] باب الغسل للجمعة والأعياد  
قال  الشافعي      : " والاختيار في السنة لكل من أراد صلاة الجمعة الاغتسال لها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :    " الغسل واجب على كل محتلم     " يريد وجوب الاختيار أنه قال صلى الله عليه وسلم :    " من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل  ، وقال  عمر   لعثمان   رضي الله عنهما حين راح :    " والوضوء أيضا : وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل "     .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال :  غسل الجمعة   سنة وليس بواجب ، وقال  داود بن علي   غسل الجمعة واجب وليس بسنة ، وروى قوله عن  مالك   استدلالا برواية  مالك   عن  صفوان بن سليم   عن  عطاء بن يسار   عن  أبي سعيد الخدري      : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  غسل الجمعة واجب على كل محتلم "  وبرواية  بكير   عن  نافع   عن  ابن عمر   عن  حفصة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال  على كل محتلم راح إلى الجمعة ، ومن راح إلى الجمعة الغسل  ، وبرواية  الزهري   عن  سالم   عن أبيه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :    " من جاء إلى الجمعة فليغتسل "  ودليلنا رواية  همام   عن  قتادة   عن  الحسن   عن  سمرة   قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :    " من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فهو فضل     " وروى  يحيى بن سعيد   عن  عمرة  عن  عائشة  قالت :   " كان الناس مهان أنفسهم فيروحون إلى الجمعة بهيئتهم وقيل لهم لو اغتسلتم "     .  
وروى  عمرو بن أبي عمرو   عن  عكرمة   أن ناسا من  العراق   جاءوا فقالوا : يا  ابن عباس      : أترى الغسل يوم الجمعة واجبا فقال : لا : ولكنه طهر وخير لمن اغتسل ، ومن لم يغتسل فليس بواجب ، وسأخبركم كيف بدأ الغسل  كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويحملون      [ ص: 373 ] على ظهورهم ، وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف إنما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار ، وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضا ، فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح ، فقال أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا ، وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه  ، قاله  ابن عباس   ثم جاء الله بالخير ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق  ذكره  أبو داود      .  
وروى  معمر   عن  الزهري   عن  سالم   عن أبيه قال :  دخل  عثمان بن عفان   يوم الجمعة  وعمر بن الخطاب   يخطب فقال  عمر      : أي ساعة هذه ؟ فقال : يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت وأقبلت فقال  عمر      : الوضوء أيضا ، وقد علمت أن رسول الله عليه كان يأمر بالغسل     .  
مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولو علما وجوبه لرجع  عثمان   وما تركه  عمر      " .  
قال  الماوردي      : ولأنه غسل لسبب مستقبل فاقتضى أن يكون سنة كالغسل لدخول  مكة   ، والوقوف  بعرفة   ، وعكسه غسل الجنابة .  
فأما الجواب عن أخبارهم فهو : أنها محمولة على وجوب الاختيار والاستحباب بدليل ما ذكرنا من الأخبار .  
				
						
						
