الشرط السادس : الخطبة    . فمن شرائط الجمعة : تقديم خطبتين . وأركان الخطبة  خمسة . أحدها : حمد الله تعالى ، ويتعين لفظ الحمد . والثاني : الصلاة 
 [ ص: 25 ] على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويتعين لفظ الصلاة . وحكي في ( النهاية ) عن كلام بعض الأصحاب : ما يوهم أنهما لا يتعينان ، ولم ينقله وجها مجزوما به . 
الثالث : الوصية بالتقوى  ، وهل يتعين لفظ الوصية ؟ وجهان . الصحيح المنصوص : لا يتعين . 
قال إمام الحرمين : ولا خلاف أنه لا يكفي الاقتصار على التحذير من الاغترار بالدنيا وزخارفها ، فإن ذلك قد يتواصى به منكرو الشرائع ، بل لا بد من الحمل على طاعة الله تعالى ، والمنع من المعاصي . ولا يجب في الموعظة كلام طويل ، بل لو قال : أطيعوا الله كفى ، وأبدى الإمام فيه احتمالا ، ولا تردد في أن كلمتي الحمد ، والصلاة ، كافيتان . 
ولو قال : والصلاة على محمد  ، أو على النبي ، أو رسول الله ، كفى . ولو قال : الحمد للرحمن ، أو الرحيم ، فمقتضى كلام   الغزالي     : أنه لا يكفيه ، ولم أره مسطورا ، وليس هو ببعيد كما في كلمة التكبير . ثم هذه الأركان الثلاثة ، لا بد منها في كل واحدة من الخطبتين . 
ولنا وجه : أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحداهما كافية ، وهو شاذ . 
الرابع : الدعاء للمؤمنين  ، وهو ركن على الصحيح . والثاني : لا يجب ، وحكي عن نصه في ( الإملاء ) . وإذا قلنا بالصحيح ، فهو مخصوص بالثانية . فلو دعا في الأولى لم يحسب ، ويكفي ما يقع عليه الاسم . 
قال إمام الحرمين : وأرى أنه يجب أن يكون متعلقا بأمور الآخرة ، وأنه لا بأس بتخصيصه بالسامعين ، بأن يقول : رحمكم الله . 
الخامس : قراءة القرآن    . وهي ركن على المشهور . وقيل : على الصحيح . والثاني : ليست بركن ، بل مستحبة . فعلى الأول أقلها آية ، نص عليه   الشافعي     - رحمه الله - ، سواء كانت وعدا ، أو وعيدا ، أو حكما ، أو قصة . 
قال إمام الحرمين : ولا يبعد الاكتفاء بشطر آية طويلة . ولا شك أنه لو قال : ( ثم نظر    ) [ المدثر : 21 ] لم يكف ، وإن عد آية ، بل يشترط كونها مفهمة . واختلفوا في محل القراءة على ثلاثة أوجه . أصحها ونص عليه في ( الأم ) : تجب في إحداهما لا بعينها . والثاني : تجب فيهما . والثالث : تجب في الأول خاصة ، وهو ظاهر نصه في ( المختصر ) : ويستحب أن يقرأ في الخطبة سورة ( ق ) . 
 [ ص: 26 ] قلت : قال  الدارمي     : يستحب أن تكون قراءة ( ق ) في الخطبة  الأولى . والمراد قراءتها بكمالها ، لاشتمالها على أنواع المواعظ . - والله أعلم - . 
ولو قرأ آية سجدة ، نزل وسجد    . فلو كان المنبر عاليا ، لو نزل لطال الفصل ، لم ينزل ، لكن يسجد عليه إن أمكنه ، وإلا ترك السجود . فلو نزل وطال الفصل ، ففيه الخلاف المتقدم في الموالاة . ولا تدخل القراءة في الأركان المذكورة . حتى لو قرأ آية فيها موعظة ، وقصد إيقاعها عن الجهتين ، لم يجزئ ، ولا يجوز أن يأتي بآيات تشتمل على الأركان المطلوبة ، لأن ذلك لا يسمى خطبة . ولو أتى ببعضها في ضمن آية لم يمتنع . 
وهل يشترط كون الخطبة كلها بالعربية  ؟ وجهان . الصحيح : اشتراطه ، فإن لم يكن فيهم من يحسن العربية ، خطب بغيرها . ويجب أن يتعلم كل واحد منهم الخطبة العربية ، كالعاجز عن التكبير بالعربية . فإن مضت مدة إمكان التعلم ولم يتعلموا ، عصوا كلهم ، ولا جمعة لهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					