الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        اللفظ الثالث : الدار ، فإذا قال : بعتك هذه الدار ، دخلت الأرض والأبنية جميعها ، حتى يدخل الحمام المعدود من مرافقها . وحكي عن نصه أن الحمام لا يدخل ،

                                                                                                                                                                        [ و ] حملوه على حمامات الحجاز ، وهي بيوت من خشب تنقل . ولو كان في وسطها شجر ففي دخوله الخلاف السابق في لفظ الأرض . ونقل الإمام في [ ص: 546 ] دخولها ، ثلاثة أوجه . ثالثها : إن كثرت بحيث يجوز تسمية الدار بستانا ، لم تدخل ، وإلا دخلت . وأما الآلات في الدار ، فثلاثة أضرب . أحدها : المنقولات ، كالدلو ، والبكرة ، والرشاء ، والمجارف ، والسرر ، والرفوف الموضوعة على الأوتاد ، والسلالم التي لم تسمر ولم تطين ، والأقفال ، والكنوز ، والدفائن ، فلا يدخل شيء منها . وفي مفتاح المغلاق المثبت ، وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : يدخل . ويجري الوجهان في ألواح الدكاكين ، وفي الأعلى من حجري الرحى .

                                                                                                                                                                        الضرب الثاني : ما أثبت تتمة للدار ليبقى فيها ، كالسقف والأبواب المنصوبة وما عليها من الأغلاق والحلق والسلاسل والضبات ، فتدخل قطعا .

                                                                                                                                                                        [ الضرب ] الثالث : ما أثبت على غير هذا الوجه ، كالرفوف والدنان والأجانات المثبتة والسلالم المسمرة ، والأوتاد المثبتة في الأرض ، أو في الجدار ، والأسفل من حجري الرحى ، وخشب القصار ، ومعجن الخباز ، فيدخل كل ذلك على الأصح ، لثباتها . وأشار إمام الحرمين إلى القطع بدخول الحجرين في البيع باسم الطاحونة ، وتدخل الأجانات المثبتة إذا باع باسم المدبغة والمصبغة ، وإن الخلاف إنما هو في البيع باسم الدار . وفي " التتمة " ما يقتضي التسوية بين اسم الدار والمدبغة .

                                                                                                                                                                        قلت : ويجري الوجهان في قدر الحمام ، قاله في " التتمة " . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لا تدخل مسايل الماء في بيع الأرض ، ولا يدخل فيه شربها من القناة والنهر المملوكين ، إلا أن يشرطه ، أو يقول : بحقوقها . وفي وجه : لا يكفي ذكر الحقوق .

                                                                                                                                                                        [ ص: 547 ] فرع

                                                                                                                                                                        لو كان في الدار المبيعة بئر ماء ، دخلت في البيع ، والماء الحاصل في البئر حال البيع ، لا يدخل على الصحيح . وفي وجه : يدخل ، كالثمرة التي لم تؤبر ، للعرف . وإن شرط دخوله في البيع صح على قولنا : الماء مملوك ، بل لا يصح البيع دون هذا الشرط ، وإلا ، اختلط الماء الموجود للبائع بماء يحدث للمشتري ، وانفسخ البيع .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الشرط على قولنا : الماء مملوك . فإن قلنا : لا يملك ، صح البيع مطلقا ، بل لا يجوز شرطه ؛ لأنه لا يملكه ، ويكون المشتري أحق به ؛ لأنه في يده ، كما لو توحل صيد في أرضه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وذكر الخلاف في الماء وفروعه ، يأتي في إحياء الموات إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو كان في الأرض أو الدار معدن ظاهر ، كالنفط ، والملح ، والقار ، والكبريت ، فهو كالماء . وإن كان باطنا ، كالذهب ، والفضة ، دخل في البيع ، إلا أنه لا يجوز بيع ما فيه معدن ذهب بالذهب ، بسبب الربا . وفي بيعه بالفضة قولان ، للجمع بين الصرف والبيع في صفقة .

                                                                                                                                                                        [ ص: 548 ] فرع

                                                                                                                                                                        باع دارا في طريق غير نافذ ، دخل حريمها في البيع . وفي دخول الأشجار ، الخلاف السابق . وإن كان في طريق نافذ ، لم يدخل الحريم والأشجار في البيع ، بل لا حريم لمثل هذه الدار ، كما سنذكره في إحياء الموات إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية