[ ص: 196 ] الباب الخامس
في الصلاة على الجنازة
وهذه الجملة يتعلق بها بعد معرفة وجوبها فصول :
أحدها : في صفة صلاة الجنازة .
والثاني : على من يصلى ، ومن أولى بالصلاة .
والثالث : في وقت هذه الصلاة .
والرابع : في موضع هذه الصلاة .
والخامس : في شروط هذه الصلاة .
الفصل الأول
في صفة صلاة الجنازة
فأما صفة الصلاة فإنها يتعلق بها مسائل :
المسألة الأولى
[ عدد تكبيرات صلاة الجنازة ]
اختلفوا في عدد التكبير في الصدر الأول اختلافا كثيرا من ثلاث إلى سبع - أعني : الصحابة - رضي الله عنهم - ، ولكن فقهاء الأمصار على أن التكبير في الجنازة أربع ، إلا ابن أبي ليلى وجابر بن زيد فإنهما كانا يقولون إنهما خمس .
وسبب الاختلاف : اختلاف الآثار في ذلك ، وذلك أنه روي من حديث أبي هريرة : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات " وهو حديث متفق على صحته ، ولذلك أخذ به جمهور فقهاء الأمصار ، وجاء في هذا المعنى أيضا من : " أنه - عليه الصلاة والسلام - صلى على قبر مسكينة فكبر عليها أربعا " . وروى مسلم أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : " كان زيد بن أرقم يكبر على الجنائز أربعا ، وأنه كبر على جنازة خمسا ، فسألناه فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبرها " . وروي عن أبي خيثمة عن أبيه قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر على الجنائز أربعا وخمسا وستا وسبعا وثمانيا حتى مات النجاشي ، فصف الناس وراءه وكبر أربعا ، ثم ثبت - صلى الله عليه وسلم - على أربع حتى توفاه الله " . وهذا فيه حجة لائحة للجمهور .
وأجمع العلماء على رفع اليدين في أول التكبير على الجنازة ، واختلفوا في سائر التكبير ، فقال قوم : يرفع; وقال قوم : لا يرفع . وروى الترمذي عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في جنازة فرفع يديه في أول التكبير ، ووضع يده اليمنى على اليسرى " . فمن ذهب إلى ظاهر هذا الأثر وكان مذهبه في الصلاة أنه لا يرفع إلا في أول التكبير قال : الرفع في أول التكبير . ومن قال يرفع في كل تكبير شبه التكبير الثاني بالأول ، لأنه كله يفعل في حال القيام والاستواء .


