[ أحكام المرضع والحامل والشيخ الكبير ]  
وأما باقي هذا الصنف وهو المرضع والحامل والشيخ الكبير فإن فيه مسألتين مشهورتين :  
إحداهما :  الحامل والمرضع إذا أفطرتا   ماذا عليهما ؟ وهذه المسألة للعلماء فيها أربعة مذاهب :  
أحدها : أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما ، وهو مروي عن   ابن عمر   وابن عباس     .  
والقول الثاني : أنهما يقضيان فقط ولا إطعام عليهما ، وهو مقابل الأول ، وبه قال  أبو حنيفة  وأصحابه  وأبو عبيد   وأبو ثور     .  
والثالث : أنهما يقضيان ويطعمان ، وبه قال   الشافعي     .  
والقول الرابع : أن الحامل تقضي ولا تطعم ، والمرضع تقضي وتطعم .  
وسبب اختلافهم : تردد شبههما بين الذي يجهده الصوم وبين المريض ، فمن شبههما بالمريض قال : عليهما القضاء فقط ، ومن شبههما بالذي يجهده الصوم قال عليهما الإطعام فقط بدليل قراءة من قرأ (  وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين      ) الآية .  
وأما من جمع عليهما الأمرين فيشبه أن يكون رأى فيهما من كل واحد شبها فقال : عليهما القضاء من جهة ما فيهما من شبه المريض ، وعليهما الفدية من جهة ما فيهما من شبه الذين يجهدهم الصيام ، ويشبه أن يكون شبههما بالمفطر الصحيح لكن يضعف هذا ، فإن الصحيح لا يباح له الفطر .  
ومن فرق بين الحامل والمرضع ألحق الحامل بالمريض ، وأبقى حكم المرضع مجموعا من حكم المريض وحكم الذي يجهده الصوم ، أو شبهها بالصحيح ، ومن أفرد لهما أحد الحكمين أولى - والله أعلم - ممن جمع ، كما أن من أفردهما بالقضاء أولى ممن أفردهما بالإطعام فقط لكون القراءة غير متواترة . - فتأمل هذا فإنه بين .  
[ ثانيهما ] : وأما  الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام      : فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا ، واختلفوا في ما عليهما إذا أفطرا ، فقال قوم : عليهما الإطعام . وقال قوم ليس عليهما إطعام . وبالأول قال   الشافعي  وأبو حنيفة  ، وبالثاني قال  مالك  إلا أنه استحبه .  
وأكثر من رأى الإطعام عليهما يقول : مد عن كل يوم ، وقيل إن حفن حفنات كما كان أنس يصنع أجزأه .  
وسبب اختلافهم : اختلافهم في القراءة التي ذكرناها - أعني : قراءة من قرأ (  وعلى الذين يطيقونه      ) - فمن أوجب العمل بالقراءة التي لم تثبت في المصحف إذا وردت من طريق الآحاد العدول قال : الشيخ منهم ، ومن لم يوجب بها عملا جعل حكمه حكم المريض الذي يتمادى به المرض حتى الموت .  
فهذه هي أحكام الصنف من الناس الذين يجوز لهم الفطر - أعني : أحكامهم المشهورة التي أكثرها منطوق به أو لها تعلق بالمنطوق به في الصنف الذي يجوز له الفطر .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					