[ 5 - الصيد ]  
وأما  المحظور الخامس فهو الاصطياد      : وذلك أيضا مجمع عليه لقوله - سبحانه وتعالى - : (  وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما      ) ، وقوله - تعالى - : ( ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) . وأجمعوا على أنه لا يجوز له صيده ولا أكل ما صاد هو منه .  
واختلفوا إذا  صاده حلال هل يجوز للمحرم أكله   ؟ على ثلاثة أقوال :  
1 - قول : إنه يجوز له أكله على الإطلاق ، وبه قال  أبو حنيفة  ، وهو قول   عمر بن الخطاب  والزبير     .  
2 - وقال قوم : هو محرم عليه على كل حال ، وهو قول   ابن عباس  وعلي   وابن عمر  ، وبه قال   الثوري     .  
3 - وقال  مالك     : ما  لم يصد من أجل المحرم   أو من أجل قوم محرمين فهو حلال ، وما  صيد من أجل محرم   فهو حرام على المحرم .  
وسبب اختلافهم : تعارض الآثار في ذلك .  
فأحدها : ما خرجه  مالك  من حديث  أبي قتادة     : أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حتى إذا كانوا ببعض طرق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم ، فرأى حمارا وحشيا فاستوى على فرسه ، فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه فسألهم رمحه فأبوا عليه ، فأخذه ثم شد على الحمار فقتله ، فأكل منه بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى بعضهم ، فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن ذلك فقال :  إنما هي طعمة أطعمكموها الله     " . وجاء أيضا في معناه حديث   طلحة بن عبيد الله  ذكره   النسائي  أن  عبد الرحمن   [ ص: 275 ] التميمي  قال : "  كنا مع   طلحة بن عبيد الله  ونحن محرمون ، فأهدي له ظبي وهو راقد ، فأكل بعضنا ، فاستيقظ  طلحة  فوافق على أكله وقال : أكلناه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم .  
والحديث الثاني : حديث   ابن عباس  خرجه أيضا  مالك     : "  أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه وقال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم     " .  
وللاختلاف سبب آخر : وهو هل يتعلق النهي عن الأكل بشرط القتل ، أو يتعلق بكل واحد منهما النهي عن الانفراد ؟ فمن أخذ بحديث  أبي قتادة  قال : إن النهي إنما يتعلق بالأكل مع القتل ، ومن أخذ بحديث   ابن عباس  قال : النهي يتعلق بكل واحد منهما على انفراده .  
فمن ذهب في هذه الأحاديث مذهب الترجيح قال : إما بحديث  أبي قتادة  ، وإما بحديث   ابن عباس     . ومن جمع بين الأحاديث قال بالقول الثالث .  
قالوا : والجمع أولى ، وأكدوا ذلك بما روي عن  جابر  عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : "  صيد البر حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم     " .  
واختلفوا في المضطر هل يأكل الميتة أو يصيد في الحرم ؟ فقال  مالك  وأبو حنيفة   والثوري  وزفر  وجماعة : إذا اضطر أكل الميتة ولحم الخنزير دون الصيد . وقال  أبو يوسف     : يصيد ويأكل وعليه الجزاء ، والأول أحسن للذريعة . وقال  أبو يوسف     : أقيس لأن تلك محرمة لعينها والصيد محرم لغرض من الأغراض ، وما حرم لعلة أخف مما حرم لعينه ، وما هو محرم لعينه أغلظ .  
فهذه الخمسة اتفق المسلمون على أنها من محظورات الإحرام .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					