ذكر خوارزم شاه مدينة بخارى ملك
لما ورد رسول ملك الخطا على خوارزم شاه بما ذكرناه ، أعاد الجواب : إن عسكرك إنما قصد انتزاع بلخ ، ولم يأتوا إلى نصرتي ، ولا اجتمعت بهم ، ولا أمرتهم بالعبور ، وإن كنت فعلت ذلك ، فأنا مقيم بالمال المطلوب مني ، ولكن حيث عجزتم أنتم عن الغورية عدتم علي بهذا القول وهذا المطلب ، وأما أنا فقد أصلحت الغورية ، ودخلت في طاعتهم ، ولا طاعة لكم عندي .
فعاد الرسول بالجواب ، فجهز ملك الخطا جيشا عظيما وسيره إلى خوارزم فحصروها ، فكان خوارزم شاه يخرج إليهم كل ليلة ، ويقتل منهم خلقا ، وأتاه من المتطوعة خلق كثير ، فلم يزل هذا فعله بهم حتى أتى على أكثرهم ، فدخل الباقون إلى بلادهم ، ورحل خوارزم شاه في آثارهم ، وقصد بخارى فنازلها وحصرها ، وامتنع أهلها منه ، وقاتلوه مع الخطا ، حتى أنهم أخذوا كلبا أعورا وألبسوه قباء وقلنسوة ، وقالوا : هذا خوارزم شاه ، لأنه كان أعور ، وطافوا به على السور ، ثم ألقوه في منجنيق [ إلى ] العسكر ، وقالوا : هذا سلطانكم . وكان الخوارزميون يسبونهم ويقولون : يا أجناد الكفار ، أنتم قد ارتددتم عن الإسلام ، فلم يزل هذا دأبهم حتى ملك خوارزم شاه البلد ، بعد أيام يسيرة ، عنوة وعفا عن أهله ، وأحسن إليهم ، وفرق فيهم مالا كثيرا ، وأقام به مدة وعاد إلى خوارزم .