9 - قوله: (ع): وفيه بقية أربعة عشر موضعا رواه متصلا ثم عقبه بقوله: ورواه فلان. وقد جمعها الرشيد العطار في الغرر المجموعة وقد بينت ذلك كله في جزء مفرد انتهى.
وفيه أمور:
الأول: فيه بقية أربعة عشر. ليس فيه عند الرشيد إلا ثلاثة [ ص: 345 ] عشرة. والذي أوقع الشيخ في ذلك أن – وتبعه أبا علي الجياني - ذكر أنها أربعة عشر لكنه لما سردها أورد منها حديثا مكررا وهو حديث المازري - رضي الله تعالى عنهما - ابن عمر هذا الذي كرر، فصارت العدة ثلاثة عشر كما سأذكرها مفصلة. "أرأيتكم ليلتكم هذه"
وقد نبه على هذا الموضع في مقدمة شرح ابن الصلاح ، وتبعه مسلم النووي .
والثاني: قوله: إنه يرويه متصلا ثم عقبه بقوله ورواه فلان. ليس ذلك في جميع الأحاديث المذكورة، وإنما وقع ذلك منه في ستة أحاديث منها.
[ ص: 346 ] أحدها: في حديث أبي جهيم كما ذكره الشيخ.
الثاني والثالث في حديثي كما ذكرهما الشيخ وأن الليث وصلهما من طريق أخرى. مسلما
[ ص: 347 ] والرابع: في حديث - رضي الله تعالى عنه - في قصة أبي هريرة ماعز قال: ورواه عن الليث عبد الرحمن بن خالد بعد أن أورده من طريق غيره.
والخامس: في حديث - رضي الله تعالى عنهما - في الصلاة الوسطى قال: ورواه البراء بن عازب عن الأشجعي سفيان عن الأسود بن قيس بعد أن أورده من طريق أخرى عن - رضي الله تعالى عنه - [ ص: 348 ] البراء بن عازب
والسادس: في حديث حديث: عوف بن مالك . "خيار أئمتكم الذين تحبونهم"
قال: ورواه معاوية بن صالح .
وأما السبعة الثانية:
فأحدها: في الجنائز في حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - في خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى البقيع .
قال - فيه - حدثني من سمع حجاجا الأعور ثنا . أورده عقب حديث ابن جريج عن ابن وهب . ابن جريج
[ ص: 349 ] وثانيها: في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثت عن ، وممن روى ذلك عنه أبي أسامة إبراهيم بن سعيد الجوهري وهذا وصله صاحب الجلودي ابن سفيان قال: ثنا محمد بن المسيب ثنا إبراهيم بن سعيد .
وثالثها: في باب السكوت بين التكبير والقراءة حديث - رضي الله تعالى عنه - . أبي هريرة
[ ص: 350 ] قال: حدثت عن يحيى بن حسان ويونس بن محمد وغيرهما، قالوا: ثنا عبد الواحد .
أورده عقب حديث عن أبي كامل الجحدري عبد الواحد .
رابعها: في باب وضع الجوائح من حديث عمرة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: الحديث. قال فيه: حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا: ثنا "سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوت خصوم بالباب... " وهذا لم يورده إلا من طريق إسماعيل بن أبي أويس عمرة .
[ ص: 351 ] خامسها: في باب احتكار الطعام في حديث معمر العدوي قال: حدثني بعض أصحابنا عن عمرو بن عون وقد وصله من طريق أخرى عن . سعيد بن المسيب
سادسها: في آخر كتاب القدر في حديث - رضي الله عنه - : أبي سعيد . "لتركبن سنن من كان قبلكم"
قال: "حدثني عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم عن أبي غسان عن . زيد بن أسلم
وقد وصله من طريق عن حفص بن ميسرة . زيد بن أسلم
[ ص: 352 ] سابعها: في كتاب الصلاة في حديث قال فيه: ثنا صاحب لنا: ثنا كعب بن عجرة إسماعيل بن زكريا كذا ذكر أنه وقع في روايتهم. الجياني
وأما الذي في رواية عند الجلودي المشارقة فقال فيه: ثنا مسلم محمد بن بكار ثنا إسماعيل بن زكريا .
والحديث المذكور عنده من طرق أخرى من غير هذا الوجه. فعلى هذا فهي اثنا عشر حديثا فقط.
[ ص: 353 ] ستة منها بصيغة التعليق وستة منها بصيغة الاتصال، لكن أبهم في كل منها اسم من حدثه، فإن كان الشيخ يرى أنها منقطعة كما يقول ومن تبعه ، فكان حق العبارة أن يقول: وفيه بقية ثلاثة عشر موضعا منقطعة. لا كما قال: إنه يقول: ورواه فلان. الجياني
وإن كان يرى أنها متصلة كما هو المعروف عند جمهور أهل الحديث وكما صرح هو به في موضع آخر، فكان حق العبارة أن يقول: وفيه بقية ستة مواضع رواه متصلا ثم عقبه بقوله: ورواه فلان. وفيه مواضع أخرى قيل: إنها منقطعة وليست بمنقطعة.
الثالث: قوله: "إنه ليس في بعد المقدمة حديث معلق لم يوصله من طريق أخرى إلا حديث مسلم أبي الجهيم ". هذا صحيح بقيد التعليق، لكن قد بينا أن الذي بصيغة التعليق إنما هو ستة لا أكثر.
أما على رأي ومن تبعه في تسميتهم المبهم منقطعا فإن فيها حديثين آخرين لم يوصلهما في مكان آخر. الجياني
أحدهما: حديث عمرة عن عائشة - رضي الله عنها - في الجوائح كما بيناه فإنه ما أورده إلا من تلك الطريق.
وثانيهما: حديث - رضي الله تعالى عنه - الذي قال فيه: حدثت عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وقد تقدم أن أبي أسامة وصله، وعندي أنه ملتحق بما صورته التعليق وهو موصول على رأي الجلودي ؛ فإن ابن الصلاح قال: حدثت عن مسلما . أبي أسامة
فلو اقتصر على هذا لكان متصلا في إسناده مبهم على ما قررناه، منقطع على رأي . لكن زاد بعد ذلك فقال: وممن روى ذلك عنه الجياني إبراهيم بن [ ص: 354 ] سعيد الجوهري ، وإبراهيم هذا من شيوخ ، قد سمع منه غير هذا، وأخرج عنه مما سمعه في صحيحه غير هذا مصرحا به. مسلم
وقد قرر أن المعلق إذا سمى بعض شيوخه وكان غير مدلس حمل على أنه سمعه منه كما ذكر ذلك في حديث ابن الصلاح الذي أخرجه هشام بن عمار في تحريم المعازف، ولا فرق بين أن يقول المعلق: قال: أو روى أو ذكر أو ما أشبه ذلك من الصيغ التي ليست بصريحة. فهذا منها - والله الموفق - . البخاري
وقد عثرت في صحيح على شيء غير هذا مما يلحق بهذا وبينته فيما كتبته من النكت على شرح مسلم مسلم للنووي والله أعلم.