[ ص: 995 ] كتاب الزكاة الثاني
النسخ المقابل عليها
1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)
2 - (ر) نسخة الحمزاوية رقم (115)
3 - (م) نسخة مراكش رقم (112/ 1) [ ص: 996 ]
[ ص: 997 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على محمد وآله وسلم تسليما
كتاب الزكاة الثاني
باب في زكاة الإبل
الأصل في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ، وقوله : "ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة" ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى ، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى ، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل ، فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل ، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة" "في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة تفرد به دون البخاري . [ ص: 998 ] مسلم
وقد اشتمل هذا الحديث على اثني عشر نصابا ، وهي : خمسة ، وعشرة ، وخمسة عشر ، وعشرون ، في كل خمس شاة . والإبل صدقة ما بعد هذه الأربع ، وخمسة وعشرون ، وستة وثلاثون ، وستة وأربعون ، وإحدى وستون ، وستة وسبعون ، وإحدى وتسعون ، وما بعد العشرين ومائة ، ففي كل أربعين ، وفي كل خمسين .
واختلف في ثالث عشر ، وهو إحدى وعشرون ومائة ، هل هو نصاب قائم بنفسه ، أم لا حكم للواحدة ؟
واشتمل على صنفين من الصدقة : غنم وإبل ؛ فالغنم صدقة أربعة نصب : خمسة ، وعشرة ، وخمسة عشر ، وعشرون . في كل خمس شاة ، والإبل صدقة ما بعد هذه الأربع ، وهي خمسة : بنت مخاض ، وابن لبون ، وبنت لبون ، وحقة ، وجذعة .
فبنت مخاض ، وابن لبون صدقة نصاب واحد ، وهو خمسة وعشرون .
وبنت لبون صدقة ثلاثة : ستة وثلاثون وستة وسبعون ، ففيها ابنتا لبون ، وما زاد على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون . والحقة صدقة ثلاثة: ستة وأربعون ، وإحدى وتسعون ، ففيها حقتان . وما زاد على عشرين ومائة في قوله : في كل خمسين حقة . والجذعة صدقة نصاب واحد ، وهو إحدى وستون . وفي ثلاثين ومائة حقة وبنتا لبون ، وفي أربعين ومائة حقتان وبنت لبون . ثم على هذا [ ص: 999 ] الحساب إلى المائتين ، فيجتمع فيها في المائتين السنان ؛ أربع حقاق ، أو خمس بنات لبون .
واختلف من هذه الجملة في ثلاثة مواضع : في خمسة وعشرين إذا لم يكن فيها بنت مخاض ولا ابن لبون ذكر ، وفي إحدى وعشرين ومائة ، وفي المائتين .
فأما الخمسة وعشرون فإنها لا تخلو من أربعة أحوال : إما أن يكون فيها السنان جميعا ، أو يعدما منها جميعا ، أو يكون فيها أحدهما بنت مخاض ، أو ابن لبون .
فإن كان فيها أحد السنين كان الواجب فيها الموجود لا غيره ، وإن كان فيها السنان جميعا كان الواجب بنت مخاض من غير خيار ، فليس لصاحب الإبل أن يعطي ابن لبون ، ولا للساعي أن يجبره على دفعه . واختلف إذا تراضيا جميعا بأخذه ، فأجازه في كتاب ابن القاسم محمد ، ومنعه . أشهب
والأول أصوب وقد يكون في أخذه نظر للمساكين ؛ إما لأنه أكثر ثمنا ، أو يكون رأيه : أن ينحره لهم يأكلونه ، والثمن سواء ، فهو أفضل ؛ لأنه أكثر لحما لما كان أكبر بسنة .
وإن عدم منها السنان جميعا كان على صاحب الإبل أن يأتي المصدق بابنة [ ص: 1000 ] مخاض ، أحب أم كره ، وهو قول . وقاله ابن القاسم في كتاب أشهب محمد ، وجعل حكم عدم السنين حكم وجودهما ، فلما كان الواجب مع وجودهما بنت مخاض من غير تخيير كان كذلك إذا عدما . واستشهد لذلك بقول ابن القاسم في المائتين أنه جعل الحكم إذا عدم منها الحقاق وبنات اللبون كالحكم إذا وجدا أنه بالخيار ، يقول : فينبغي على قول مالك في الخمسة وعشرين ، أن يكون الحكم إذا عدما بمنزلته لو وجدا ، والحكم إذا وجدا بنت مخاض من غير خيار ، فكذلك إذا عدما . وقد حمل مالك محمد على أنه يقول : إنه بالخيار ، لاستشهاده بالمائتين . وليس الأمر كذلك . وقد أبان ذلك في المدونة ، وقال : عليه أن يأتي بابنة مخاض أحب أو كره . ابن القاسم
ويختلف إذا لم يلزمه المصدق ابنة مخاض حتى إذا أحضر صاحب الإبل ابن لبون ، فقول يجبر المصدق على قبوله ، ويكون بمنزلته لو كان فيها . وعلى أصل أصبغ لا يجبر . وبيان ذلك يأتي عند ذكر المائتين . [ ص: 1001 ] ابن القاسم
واختلف في إحدى وعشرين ومائة على ثلاثة أقوال :
فقال في المدونة : المصدق بالخيار بين أن يأخذ ثلاث بنات لبون ، أو حقتين . وقال : فيها ثلاث بنات لبون ، ولا خيار للمصدق . وقال ابن القاسم في المبسوط وغيره : فيها حقتان ، ولا خيار للمصدق . وبهذا أخذ مالك المغيرة ، ، ومحمد بن مسلمة ، وأشهب . وإن الواحدة هنا لا تنقل الحكم ، وهو أبينها ؛ لأن المفهوم من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فما زاد زيادة العشرات لقوله : وابن الماجشون . فالذي ينقل حكم الخمسين ، هو الذي ينقل حكم الأربعين ؛ لمساواته بينهما . ولو أخذ من إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون لأخذت من عشرين ومائة ؛ لأن الواحدة الزائدة على العشرين ومائة وقص غير داخلة في الزكاة . ولا يوجد في شيء من المسائل أن الوقص ينقل فرضا ؛ وإنما ينقل الفرض ما هو فرض مزكى ؛ مثال ذلك أن يقال في أربع وعشرين الغنم ، فإن زادت [ ص: 1002 ] واحدة كان فيها بنت مخاض ، ثم ما زاد إلى خمس وثلاثين وقص معفو عنه لا يغير حكما ، فإن زادت واحدة فكانت ستا وثلاثين كان فيها بنت لبون ، ثم ما زاد إلى خمس وأربعين معفو عنه . فإن أوجبت في إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون بقوله "ففي كل أربعين وفي كل خمسين" " ، كانت الواحدة لغوا ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الزكاة تؤخذ عن الأربعين ، وعن الخمسين ، لا عن غير ذلك . والواحدة الزائدة على العشرين كالواحدة الزائدة على الثلاثين ومائة ، وما ذكر في ذلك عن ابن شهاب ، فقد اختلفت الروايات عنه فيه . وإذا سلم أن الواحدة نقلت الحكم جاز أن يقال له أن يأخذ ثلاث بنات لبون من غير خيار فيكون الوقص واحدة أولى من أن يأخذ حقتين فيكون الوقص إحدى وعشرين . "ففي كل أربعين حقة
وقد قال في مدونته : إن أخذ ثلاث بنات لبون أخذها عن عشرين ومائة ؛ لقوله : أشهب ، وليس في الواحدة شيء ، وإن أخذ حقتين أخذهما عن مائة ؛ لقوله : "ففي كل أربعين" ، وليس في إحدى وعشرين شيء ، وجعل المصدق بالخيار . فعلى قوله يكون بالخيار في وجود السنين أو عدمهما . فإن وجد واحدة لم يكن له غيرها . وقال "ففي كل خمسين حقة" محمد : عليه أن يأتيه بما طلب منه المصدق ، وإن لم يكن في الإبل ، ويلزمه أن يقول [ ص: 1003 ] مثل ذلك في المائتين . وقد كان بعض أهل العلم يقول : إنما قال : المصدق بالخيار ؛ لأنه أشكل عليه الأمر في ذلك ، فكان للساعي أن يحكم بأي الوجهين شاء . وهذا غير صحيح . مالك
؛ لأنه ليس بحاكم ، ولا أقيم لذلك ؛ وإنما هو وكيل على قبض ، فإذا خالفه المأخوذ منه كان الأمر فيه إلى من يحكمانه بينهما من فقيه أو غيره . وأيضا فتخيير المالك إذا أشكل الأمر أولى من تخيير الساعي ؛ لأنه الغارم فلا يلزم بشك ؛ ولأنه لا يخلو أن يكون المصدق عاميا أو مجتهدا ؛ فإن كان عاميا لم يخير ، وإن كان من أهل الاجتهاد عمل على ما يتبين له من غير خيار إن وافقه على ذلك المالك ، وإن خالفه ترافعا إلى من يحكم بينهما . وليس للمصدق أن يحكم في مسألة اختلاف بما رآه