( 7691 ) فصل : فأما الحرم ، فليس لهم دخوله بحال . ( أهل الكتاب ) وبهذا قال . وقال الشافعي : لهم دخوله أبو حنيفة كالحجاز كله ، ولا يستوطنون به ، ولهم دخول الكعبة والمنع من الاستيطان لا يمنع الدخول والتصرف ، كالحجاز .
ولنا ، قول الله تعالى : { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد بعد عامهم هذا } . والمراد به الحرم ، بدليل قوله تعالى : { وإن خفتم عيلة } يريد : ضررا بتأخير الجلب عن الحرم دون المسجد .
ويجوز تسمية الحرم المسجد الحرام ، بدليل قول الله تعالى { المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من } . وإنما أسري به من بيت أم هانئ من خارج المسجد . ويخالف الحجاز ; لأن الله تعالى منع منه مع إذنه في الحجاز ، فإن هذه الآية نزلت واليهود بخيبر والمدينة وغيرهما من الحجاز ، ولم يمنعوا من الإقامة به ، وأول من أجلاهم ، رضي الله عنه . ولأن عمر الحرم أشرف ، لتعلق النسك به ، ويحرم صيده وشجره والملتجئ إليه ، فلا يقاس غيره عليه .
فإن أراد [ ص: 287 ] كافر الدخول إليه ، منع منه . فإن كانت معه ميرة أو تجارة ، خرج إليه من يشتري منه ، ولم يترك هو يدخل .
وإن كان رسولا إلى إمام بالحرم ، خرج إليه من يسمع رسالته ، ويبلغها إياه . فإن قال : لا بد لي من لقاء الإمام ، وكانت المصلحة في ذلك ، خرج إليه الإمام ، ولم يأذن له في الدخول ، فإن دخل الحرم عالما بالمنع عزر ، وإن دخل جاهلا ، نهي وهدد . فإن مرض بالحرم أو مات ، أخرج ولم يدفن به ; لأن حرمة الحرم أعظم . ويفارق الحجاز من وجهين ; أحدهما ، أن دخوله إلى الحرم حرام ، وإقامته به حرام ، بخلاف الحجاز . والثاني ، أن خروجه من الحرم سهل ممكن ، لقرب الحل منه ، وخروجه من الحجاز في مرضه صعب ممتنع . وإن دفن ، نبش وأخرج ، إلا أن يصعب إخراجه ; لنتنه وتقطعه .
الحرم بعوض ( أهل الكتاب ) ، فالصلح باطل . فإن دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه ، لم يرد عليهم العوض ; لأنهم قد استوفوا ما صالحهم عليه . وإن وصلوا إلى بعضه ، أخذ من العوض بقدره . ويحتمل أن يرد عليهم بكل حال ; لأن ما استوفوا لا قيمة له ، والعقد لم يوجب العوض ، لكونه باطلا . وإن صالحهم الإمام على دخول