الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا تمضمض الصائم فسبقه الماء فدخل حلقه فإن لم يكن ذاكرا لصومه فصومه تام كما لو شرب ، وإن كان ذاكرا لصومه فعليه القضاء عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } ثم عذر هذا أبين من عذر الناسي فإن الناسي قاصد إلى الشرب غير قاصد إلى الجناية على الصوم ، وهذا غير قاصد إلى الشرب ولا إلى الجناية على الصوم فإذا لم يفسد الصوم ثمة فهنا أولى .

( ولنا ) ما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للقيط بن صبرة بالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما } فالنهي عن المبالغة التي فيها كمال السنة عند الصوم دليل على أن دخول الماء في حلقه مفسد لصومه ; ولأن ركن الصوم قد انعدم مع عذر الخطأ وأداء العبادة بدون ركنها لا يتصور وهكذا القياس في الناسي ولكنا تركناه بالسنة ، وهذا ليس في معناه ; لأن [ ص: 67 ] التحرز عن النسيان غير ممكن والتحرز عن مثل هذا الخطأ ممكن ثم ركن الصوم قد انعدم معنى فإن الذي حصل له ، وإن كان مخطئا قد انعدم صورة لا معنى بأن يتناول حصاة فسد صومه فإذا انعدم معنى أولى ; لأن مراعاة المعاني في باب العبادات أبين من مراعاة الصور وكان ابن أبي ليلى يقول : إن كان وضوءه فرضا لم يفسد صومه ، وإن كان نفلا فسد صومه لهذا . وقال بعض أهل الحديث : إن كان في الثلاث لا يفسد صومه ، وإن جاوز الثلاث يفسد صومه . ومنهم من فصل بين المضمضة والاستنشاق في الوضوء والجنابة والاعتماد على ما ذكرنا ، وتأويل الحديث أن المراد رفع الإثم دون الحكم وبه نقول

التالي السابق


الخدمات العلمية