الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=1834باب الصلاة في شدة الخوف بالإيماء وهل يجوز تأخيرها أم لا
1320 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما : { nindex.php?page=hadith&LINKID=25458أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف صلاة الخوف وقال : فإن كان خوف أشد من ذلك فرجالا وركبانا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ) .
1321 - ( وعن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=16295بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي وكان نحو عرفة وعرفات ، فقال : اذهب فاقتله ، قال : فرأيته وقد حضرت صلاة العصر فقلت : إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة ، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه ، فلما دنوت منه قال لي : من أنت ؟ قلت : [ ص: 384 ] رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك ، فقال : إني لفي ذلك ، فمشيت معه ساعة ، حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود ) .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هو في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تفسير سورة البقرة بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=25458فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا ، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها } قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : قال nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : لا أرى nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بنحو ذلك ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بلا شك . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر جزما . قال النووي في شرح المهذب : هو بيان حكم من أحكام صلاة الخوف لا تفسير للآية . وحديث عبد الله بن أنيس سكت عنه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=16383والمنذري وحسن إسناده الحافظ في الفتح .
والحديثان استدل بهما على جواز nindex.php?page=treesubj&link=1834الصلاة عند شدة الخوف بالإيماء ، ولكنه لا يتم الاستدلال على ذلك بحديث عبد الله بن أنيس إلا على فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم قرره على ذلك ، وإلا فهو فعل صحابي لا حجة فيه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : كل من أحفظ عنه العلم يقول : إن nindex.php?page=treesubj&link=1834المطلوب يصلي على دابته يومئ إيماء ، وإن كان طالبا نزل فصلى بالأرض ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك ، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل ، بخلاف المطلوب .
ووجه الفرق أن شدة الخوف في المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضي لها ، وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه ، وإنما يخاف أن يفوته العدو . قال في الفتح : وما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر متعقب بكلام الأوزاعي فإنه قيده بشدة الخوف ، ولم يستثن طالبا من مطلوب ، وبه قال ابن حبيب من المالكية .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11816أبو إسحاق الفزاري في كتاب السنن له عن الأوزاعي أنه قال : إذا خاف الطالبون إن نزلوا الأرض فوت العدو صلوا حيث وجهوا على كل حال ، والظاهر أن مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور في الآية ، فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرق بين الطالب والمطلوب ، ومن جعله أعم من ذلك لم يفرق بينهما ، وجوز الصلاة المذكورة للراجل والراكب عند حصول أي خوف .
1322 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37713نادى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب أن لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ، فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة ، وقال آخرون : لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 385 ] وإن فاتنا الوقت ، فما عنف واحدا من الفريقين } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وفي لفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31731لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يرد ذلك منا ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ) .
قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31731لا يصلين أحد العصر } في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم عن عبد الله بن محمد بن أسماء شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الحديث : الظهر . وقد بين في الفتح في كتاب المغازي ما هو الصواب . قوله : ( فما عنف واحدا ) فيه دليل على أن كل مجتهد مصيب . والحديث استدل به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره على جواز nindex.php?page=treesubj&link=1834الصلاة بالإيماء وحال الركوب .
قال ابن بطال : لو وجد في بعض طرق الحديث أن الذين صلوا في الطريق صلوا ركبانا لكان بينا في الاستدلال ، وإن لم يوجد ذلك فالاستدلال يكون بالقياس ، يعني أنه كما ساغ لأولئك أن يؤخروا الصلاة عن وقتها المفترض كذلك يسوغ للطالب ترك إتمام الأركان والانتقال إلى الإيماء .
قال ابن المنير : والأبين عندي أن وجه الاستدلال من جهة أن الاستعجال المأمور به يقتضي ترك الصلاة أصلا كما جرى لبعضهم ، أو الصلاة على الدواب كما وقع لآخرين ; لأن النزول ينافي مقصود الجد في الوصول ، فالأولون بنوا على أن النزول معصية بمعارضته للأمر الخاص بالإسراع وكان تأخيرهم لها لوجود المعارض ، والآخرون جمعوا بين دليلي وجوب الإسراع ووجوب الصلاة في وقتها فصلوا ركبانا ، فلو فرضنا أنهم نزلوا لكان ذلك مضادة للأمر بالإسراع وهو لا يظن بهم لما فيه من المخالفة .
وهذا الذي حاوله ابن المنير قد أشار إليه ابن بطال بقوله : لو وجد في بعض طرق الحديث إلى آخره ، فلم يستحسن الجزم في النقل بالاحتمال . وأما قوله : لا يظن بهم المخالفة فمعترض بمثله بأن يقال : لا يظن بهم المحالفة بتغيير هيئة الصلاة بغير توقيف .
قال الحافظ : والأولى ما قال ابن المرابط ووافقه الزين بن المنير أن وجه الاستدلال منه بطريق الأولوية ; لأن الذين أخروا الصلاة حتى وصلوا إلى بني قريظة لم يعنفوا مع كونهم فوتوا الوقت ، وصلاة من لا يفوت الوقت بالإيماء أو كيفما يمكن أولى من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها