الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            902 - ( وعن ابن عمر قال : { رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا ، فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر : قل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد } رواه الخمسة إلا النسائي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا مسلم .

                                                                                                                                            وفي الباب عن ابن مسعود عند الترمذي . وعن أبي هريرة عند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه . وعن أنس عند البزار ورجال إسناده ثقات . وعن عائشة عند ابن ماجه . وعن عبد الله بن جعفر عند الطبراني في الأوسط . وعن جابر عند ابن حبان في صحيحه .

                                                                                                                                            قوله : ( رمقت ) في رواية للنسائي . " رمقت النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 27 ] عشرين مرة " .

                                                                                                                                            وفي رواية ابن أبي شيبة في المصنف { سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة } وفي رواية ابن عدي في الكامل { رمقت النبي صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرين صباحا ، } وجميع هذه الروايات مشعرة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بقراءتهما . والحديث يدل على استحبابقراءة سورتي الإخلاص في ركعتي الفجر . قال العراقي : وممن روي عنه ذلك من الصحابة عبد الله بن مسعود . ومن التابعين سعيد بن جبير ومحمد بن سيرين وعبد الرحمن بن يزيد النخعي وسويد بن غفلة وغنيم بن قيس

                                                                                                                                            ومن الأئمة الشافعي . وقال مالك : أما أنا فلا أزيد على أم القرآن في كل ركعة .

                                                                                                                                            وروي عن الأصم وابن علية أنه لا يقرأ فيهما أصلا وهو مخالف للأحاديث الصحيحة ، واحتج بحديث عائشة الآتي ، وسيأتي أنه مجرد شك منها فلا يصح الاحتجاج به .

                                                                                                                                            وفي الحديث أيضا استحباب تخفيف ركعتي الفجر ، وسيأتي ذكر الحكمة في ذلك .

                                                                                                                                            903 - ( وعن عائشة قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول : هل قرأ فيهما بأم القرآن ؟ } . متفق عليه ) وفي الباب عن ابن عباس عند الجماعة بلفظ " فصلى ركعتين خفيفتين " وله حديث آخر عند مسلم وأبي داود والنسائي قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا } والتي في آل عمران { تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } } .

                                                                                                                                            وفي رواية لمسلم " وفي الآخرة ب { آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون } وعن حفصة عند الجماعة إلا أبا داود بلفظ " ركع ركعتين خفيفتين " وعن الفضل بن عباس عند أبي داود بلفظ " فصلى سجدتين خفيفتين " وعن أسامة بن عمر عند الطبراني بلفظ " فصلى ركعتين خفيفتين " . الحديث وما ذكر في الباب معه يدل على مشروعية التخفيف

                                                                                                                                            وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ، وخالفت في ذلك الحنفية فذهبت إلى استحباب إطالة القراءة ، وهو مخالف لصرائح الأدلة

                                                                                                                                            واستدلوا بالأحاديث الواردة في الترغيب في تطويل الصلاة نحو قوله صلى الله عليه وسلم : { أفضل الصلاة طول القنوت } ونحو { إن طول صلاة الرجل مئنة من فقهه } وهو من ترجيح العام على الخاص ، وبهذا الحديث تمسك مالك وقال بالاقتصار على قراءة فاتحة الكتاب في هاتين الركعتين ، وليس فيه إلا أن عائشة شكت هل كان يقرأ بالفاتحة أم لا ؟ لشدة تخفيفه لهما ، وهذا لا يصلح التمسك به لرد الأحاديث الصريحة الصحيحة الواردة من طرق متعددة كما تقدم

                                                                                                                                            وقد أخرج ابن ماجه عن عائشة نفسها أنها قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر ، فكان يقول : نعم [ ص: 28 ] السورتان هما يقرأ بهما في ركعتي الفجر : قل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد } ولا ملازمة بين مطلق التخفيف والاقتصار على الفاتحة ; لأنه من الأمور النسبية . وقد اختلف في الحكمة في التخفيف لهما ; فقيل : ليبادر إلى صلاة الفجر في أول الوقت ، وبه جزم القرطبي ، وقيل : ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما يصنع في صلاة الليل ليدخل في الفرض أو ما يشابهه بنشاط واستعداد تام ، ذكره الحافظ في الفتح ، والعراقي في شرح الترمذي




                                                                                                                                            الخدمات العلمية