الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 232 ] 15 - قوله: (ص): (هذا آخر أنواعه وليس بآخر الممكن؛ لأنه قابل للتنويع):

فيه أمور:

أحدها: أنه اعترض عليه بأن كثيرا من هذه الأنواع متداخل، لصدق رجوع بعضها إلى بعض: كالمتصل بالنسبة إلى الصحيح، وكالمنقطع والمعضل والمعنعن والمرسل والشاذ والمنكر والمضطرب وغيرها من أقسام الضعف.

والجواب عن هذا أن المصنف لما كان في مقام تعريف الجزئيات انتفى التداخل لاختلاف حقائقها في أنفسها بالنسبة إلى الاصطلاح، وإن كانت قد ترجع إلى قدر مشترك.

وقد أشار هو إلى ذلك في آخر الكلام على نوع الضعيف كما سيأتي.

وثانيهما: أنه لم يرتب الجميع على نسق واحد في المناسبة، فكان يذكر ما يتعلق بالإسناد خاصة وحده، وما يتعلق بالمتن خاصة وحده، وما يجمعهما وحده.

وما يختص بهيئة السماع والأداء وحده ، وما يختص بصفات الرواة وأحوالهم وحده.

والجواب عن ذلك: أنه جمع متفرقات هذا الفن من كتب مطولة في هذا الحجم اللطيف، ورأى أن تحصيله وإلقاءه على طالبيه أهم من صرف العناية إلى حسن ترتيبه، فإنني رأيت بخط صاحبه المحدث فخر الدين: عمر بن [ ص: 233 ] يحيى الكرجي ما يصرح بأن الشيخ كان إذا حرر نوعا من هذه الأنواع واستوفى التعريف به وأورد أمثلته وما يتعلق به أملاه، ثم انتقل إلى تحرير نوع آخر، فلأجل هذا احتاج إلى سرد أنواعه في خطبة الكتاب؛ لأنه صنفها بعد فراغه من إملاء الكتاب، ليكون عنوانا للأنواع، ولو كانت محررة الترتيب على الوجه المناسب ما كان سرده للأنواع في الخطبة كثير الفائدة.

ثالثها: أنه أهمل أنواعا أخر.

قال الحازمي في كتاب العجالة له: اعلم أن علم الحديث يشتمل على أنواع كثيرة تقرب من مائة نوع، وكل نوع منها علم مستقل لو أنفق الطالب فيه عمره لما أدرك نهايتها ؟

وقد فتح الله تعالى بتحرير أنواع زائدة على ما حرره المصنف تزيد على خمسة وثلاثين نوعا. فإذا أضيفت إلى الأنواع التي ذكرها المصنف تمت مائة نوع كما أشار إليه الحازمي وزيادة. [ ص: 234 ]

وقد ذكر شيخنا شيخ الإسلام أبو حفص البلقيني منها في محاسن الإصلاح له خمسة أنواع.

وزاد عليه بعض تلامذته - ممن أدركناه ومات قديما - ثمانية أنواع.

وفتح الله بباقي ذلك من تتبع مصنفات أئمة الفن كما سنسردها إن شاء الله تعالى عند فراغ هذه النكت، ونتكلم على كل نوع منها بما لا يقصر إن شاء الله تعالى عن طريقة المصنف. والله المستعان.

التالي السابق


الخدمات العلمية