الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 197 ] المسألة الثانية

[ القراءة في صلاة الجنازة ]

اختلف الناس في القراءة في صلاة الجنازة : فقال مالك وأبو حنيفة : ليس فيها قراءة إنما هو الدعاء . وقال مالك : قراءة فاتحة الكتاب فيها ليس بمعمول به في بلدنا بحال ، قال : وإنما يحمد الله ويثني عليه بعد التكبيرة الأولى ، ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يكبر الثالثة فيشفع للميت ، ثم يكبر الرابعة ويسلم . وقال الشافعي : يقرأ بعد التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب ، ثم يفعل في سائر التكبيرات مثل ذلك ، وبه قال أحمد وداود .

وسبب اختلافهم : معارضة العمل للأثر ، وهل يتناول أيضا اسم الصلاة صلاة الجنائز أم لا ؟ أما العمل فهو الذي حكاه مالك عن بلده . وأما الأثر فما رواه البخاري عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال : " صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فقال : تعلموا أنها السنة " .

فمن ذهب إلى ترجيح هذا الأثر على العمل وكان اسم الصلاة يتناول عنده صلاة الجنازة وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " رأى قراءة فاتحة الكتاب فيها . ويمكن أن يحتج لمذهب مالك بظواهر الآثار التي نقل فيها دعاؤه - عليه الصلاة والسلام - على الجنائز ، ولم ينقل فيها أنه قرأ ، وعلى هذا فتكون تلك الآثار كأنها معارضة لحديث ابن عباس ومخصصة لقوله : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " . وذكر الطحاوي عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال ( وكان من كبراء الصحابة وعلمائهم وأبناء الذين شهدوا بدرا ) : أن رجلا من أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام - أخبره أن السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب سرا في نفسه ، ثم يخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث . قال ابن شهاب : فذكرت الذي أخبر به أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري فقال : وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في الصلاة على الجنائز بمثل ما حدثك به أبو أمامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية