المسألة الثانية قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لينفق ذو سعة من سعته } : هذا يفيد أن
nindex.php?page=treesubj&link=27488النفقة ليست مقدرة شرعا ، وإنما تتقدر عادة بحسب الحالة من المنفق والحالة من المنفق عليه ، فتقدر بالاجتهاد على مجرى العادة .
وقد فرض
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للمنفوس مائة درهم في العام
بالحجاز ، والقوت بها محبوب ، والميرة عنه بعيدة ، وينظر المفتي إلى قدر حاجة المنفق عليه ، ثم ينظر إلى حالة المنفق ; فإن احتملت الحالة الحاجة أمضاها عليه ، وإن قصرت حالته عن حالة المنفق عليه ردها إلى قدر احتمال حاله لقوله تعالى وهي : المسألة الثالثة {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا [ ص: 250 ] إلا ما آتاها } ; فإذا كان للعبد ما يكفيه ، ويفضل عنه فضل أخذه ولده ، ومن يجب عليه الإنفاق ; وإنما يبدأ به أولا ، لكن لا يرتفع له ; بل يقدر له الوسط ، حتى إذا استوفاه عاد الفضل إلى سواه .
والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم
لهند {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18296 : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } ; فأحالها على الكفاية حين علم السعة من حال
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان الواجب عليه بطلبها المسألة الرابعة في
nindex.php?page=treesubj&link=13349_13418تقدير الإنفاق : قد بينا أنه ليس له تقدير شرعي ، وإنما أحاله الله سبحانه على العادة ، وهي دليل أصولي بنى الله عليه الأحكام ، وربط به الحلال والحرام ; وقد أحاله الله على العادة فيه في الكفارة ، فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم } .
وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فإطعام ستين مسكينا } .
وقد تكلمنا عليه في موضعه ، وقدرنا للكبير نفقة لشبعه وكسوته وملاءته .
وأما الصغير الذي لا يأكل الطعام فلأمه أجرها بالمثل إذا شطت على الأب ، والمفتون منا يقدرونها بالطعام والإدام ، وليس لها تقدير إلا بالمثل من الدراهم لا من الطعام . وأما إذا أكل فيفرض له قدر مأكله وملبسه على قدر الحال . كما قدمنا .
وفرض
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للمنفوس مائة درهم ، وفرض له
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان خمسين درهما . واحتمل أن يكون هذا الاختلاف بحسب حال السنين ، أو بحسب حال القدر في التسعير لثمن القوت والملبس .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان لا يفرض للمولود حتى يطعم ، ثم أمر مناديا فنادى : لا تعجلوا أولادكم عن الفطام ، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام .
وقد روى
محمد بن هلال المزني قال : حدثني أبي وجدتي أنها كانت ترد على
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ففقدها ، فقال لأهله : مالي لا أرى فلانة ؟ فقالت امرأته : يا أمير المؤمنين ، ولدت الليلة ، فبعث إليها بخمسين درهما وشقيقة أنبجانية ثم قال : هذا عطاء ابنك ، وهذه كسوته ، فإذا مرت له سنة رفعناه إلى مائة .
[ ص: 251 ] وقد أتى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب بمنبوذ ، ففرض له مائة .
وقال القاضي : هذا الفرض قبل الفطام مما اختلف فيه العلماء ، فمنهم من رآه مستحبا ; لأنه داخل في حكم الآية ، ومنهم من رآه واجبا لما تجدد من حاجته وعرض من مؤنته ، وبه أقول ; ولكن يختلف قدره بحاله عند الولادة ، وبحاله عند الفطام . وقد روى
سفيان بن وهب أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخذ المد بيد والقسط بيد ، وقال : إني فرضت لكل نفس مسلمة في كل شهر مدي حنطة وقسطي خل ، وقسطي زيت . زاد غيره ، وقال : إنا قد أجزنا لكم أعطياتكم وأرزاقكم في كل شهر . فمن انتقصها فعل الله به كذا وكذا ، ودعا عليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : كم سنة راشدة مهدية قد سنها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في أمة
محمد صلى الله عليه وسلم [ والمد ] والقسط كيلان شاميان في الطعام والإدام ، وقد درسا بعرف آخر ; فأما المد فدرس إلى الكيلجة ، وأما القسط فدرس إلى الكيل ، ولكن التقدير فيه عندنا ربعان في الطعام ، وثمنان في الإدام ، وأما الكسوة فبقدر العادة قميص وسراويل ، وجبة في الشتاء وكساء وإزار وحصير . وهذا الأصل ، ويتزيد بحسب الأحوال والعادة .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } : هَذَا يُفِيدُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27488النَّفَقَةَ لَيْسَتْ مُقَدَّرَةً شَرْعًا ، وَإِنَّمَا تَتَقَدَّرُ عَادَةً بِحَسَبِ الْحَالَةِ مِنْ الْمُنْفِقِ وَالْحَالَةُ مِنْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ ، فَتُقَدَّرُ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى مَجْرَى الْعَادَةِ .
وَقَدْ فَرَضَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ لِلْمَنْفُوسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي الْعَامِ
بِالْحِجَازِ ، وَالْقُوتُ بِهَا مَحْبُوبٌ ، وَالْمِيرَةُ عَنْهُ بَعِيدَةٌ ، وَيَنْظُرُ الْمُفْتِي إلَى قَدْرِ حَاجَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى حَالَةِ الْمُنْفِقِ ; فَإِنْ احْتَمَلَتْ الْحَالَةُ الْحَاجَةَ أَمْضَاهَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَصُرَتْ حَالَتُهُ عَنْ حَالَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ رَدَّهَا إلَى قَدْرِ احْتِمَالِ حَالِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا [ ص: 250 ] إلَّا مَا آتَاهَا } ; فَإِذَا كَانَ لِلْعَبْدِ مَا يَكْفِيهِ ، وَيَفْضُلُ عَنْهُ فَضْلٌ أَخَذَهُ وَلَدُهُ ، وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ ; وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِهِ أَوَّلًا ، لَكِنْ لَا يَرْتَفِعُ لَهُ ; بَلْ يُقَدَّرُ لَهُ الْوَسَطُ ، حَتَّى إذَا اسْتَوْفَاهُ عَادَ الْفَضْلُ إلَى سِوَاهُ .
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِهِنْدَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18296 : خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ } ; فَأَحَالَهَا عَلَى الْكِفَايَةِ حِينَ عَلِمَ السَّعَةَ مِنْ حَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبِي سُفْيَانَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِطَلَبِهَا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=13349_13418تَقْدِيرِ الْإِنْفَاقِ : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ ، وَإِنَّمَا أَحَالَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْعَادَةِ ، وَهِيَ دَلِيلٌ أُصُولِيٌّ بَنَى اللَّهُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامَ ، وَرَبَطَ بِهِ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ ; وَقَدْ أَحَالَهُ اللَّهُ عَلَى الْعَادَةِ فِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ ، فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ } .
وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } .
وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ ، وَقَدَّرْنَا لِلْكَبِيرِ نَفَقَةً لِشِبَعِهِ وَكِسْوَتِهِ وَمُلَاءَتِهِ .
وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ فَلِأُمِّهِ أَجْرُهَا بِالْمِثْلِ إذَا شَطَّتْ عَلَى الْأَبِ ، وَالْمُفْتُونَ مِنَّا يُقَدِّرُونَهَا بِالطَّعَامِ وَالْإِدَامِ ، وَلَيْسَ لَهَا تَقْدِيرٌ إلَّا بِالْمِثْلِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا مِنْ الطَّعَامِ . وَأَمَّا إذَا أَكَلَ فَيُفْرَضُ لَهُ قَدْرُ مَأْكَلِهِ وَمَلْبَسِهِ عَلَى قَدْرِ الْحَالِ . كَمَا قَدَّمْنَا .
وَفَرَضَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ لِلْمَنْفُوسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ، وَفَرَضَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا . وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بِحَسَبِ حَالِ السِّنِينَ ، أَوْ بِحَسَبِ حَالِ الْقَدْرَ فِي التَّسْعِيرِ لِثَمَنِ الْقُوتِ وَالْمَلْبَسِ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ كَانَ لَا يَفْرِضُ لِلْمَوْلُودِ حَتَّى يُطْعَمَ ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى : لَا تُعَجِّلُوا أَوْلَادَكُمْ عَنْ الْفِطَامِ ، فَإِنَّا نَفْرِضُ لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ .
وَقَدْ رَوَى
مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ الْمُزَنِيّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي وَجَدَّتِي أَنَّهَا كَانَتْ تَرِدُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ فَفَقَدَهَا ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ : مَالِي لَا أَرَى فُلَانَةَ ؟ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَدَتْ اللَّيْلَةَ ، فَبَعَثَ إلَيْهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَشُقَيْقَةً أَنْبِجَانِيَّةً ثُمَّ قَالَ : هَذَا عَطَاءُ ابْنِك ، وَهَذِهِ كِسْوَتُهُ ، فَإِذَا مَرَّتْ لَهُ سَنَةٌ رَفَعْنَاهُ إلَى مِائَةٍ .
[ ص: 251 ] وَقَدْ أَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَنْبُوذٍ ، فَفَرَضَ لَهُ مِائَةً .
وَقَالَ الْقَاضِي : هَذَا الْفَرْضُ قَبْلَ الْفِطَامِ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ مُسْتَحَبًّا ; لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْآيَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ وَاجِبًا لِمَا تَجَدَّدَ مِنْ حَاجَتِهِ وَعَرَضَ مِنْ مُؤْنَتِهِ ، وَبِهِ أَقُولُ ; وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِحَالِهِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ ، وَبِحَالِهِ عِنْدَ الْفِطَامِ . وَقَدْ رَوَى
سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ أَخَذَ الْمُدَّ بِيَدٍ وَالْقِسْطَ بِيَدٍ ، وَقَالَ : إنِّي فَرَضْت لِكُلِّ نَفْسٍ مُسْلِمَةٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ مُدَّيْ حِنْطَةٍ وَقِسْطَيْ خَلٍّ ، وَقِسْطَيْ زَيْتٍ . زَادَ غَيْرُهُ ، وَقَالَ : إنَّا قَدْ أَجَزْنَا لَكُمْ أَعْطِيَاتِكُمْ وَأَرْزَاقَكُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ . فَمَنْ انْتَقَصَهَا فَعَلَ اللَّهُ بِهِ كَذَا وَكَذَا ، وَدَعَا عَلَيْهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ : كَمْ سُنَّةٍ رَاشِدَةٍ مَهْدِيَّةٍ قَدْ سَنَّهَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فِي أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ وَالْمُدُّ ] وَالْقِسْطُ كَيْلَانِ شَامِيَّانِ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ ، وَقَدْ دُرِسَا بِعُرْفٍ آخَرَ ; فَأَمَّا الْمُدُّ فَدُرِسَ إلَى الْكِيلَجَةِ ، وَأَمَّا الْقِسْطُ فَدُرِسَ إلَى الْكَيْلِ ، وَلَكِنَّ التَّقْدِيرَ فِيهِ عِنْدَنَا رُبْعَانِ فِي الطَّعَامِ ، وَثُمُنَانِ فِي الْإِدَامِ ، وَأَمَّا الْكِسْوَةُ فَبِقَدْرِ الْعَادَةِ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ ، وَجُبَّةٌ فِي الشِّتَاءِ وَكِسَاءٌ وَإِزَارٌ وَحَصِيرٌ . وَهَذَا الْأَصْلُ ، وَيَتَزَيَّدُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ وَالْعَادَةِ .