الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيان ما يصير به المشتري قابضا للمبيع من التصرفات ، وما لا يصير به قابضا .

                                                                                                                                فنقول ، وبالله التوفيق : المبيع لا يخلو إما أن يكون في يد البائع ، وإما أن يكون في يد المشتري فإن كان في يد البائع فأتلفه المشتري صار قابضا له ; لأنه صار قابضا بالتخلية فبالإتلاف أولى ; لأن التخلية تمكين من التصرف في المبيع ، والإتلاف تصرف فيه حقيقة ، والتمكين من التصرف دون حقيقة التصرف ، وكذلك لو قطع يده ، أو شج رأسه ، وكل تصرف نقص شيئا ; لأن هذه الأفعال في الدلالة على التمكين فوق التخلية ثم بالتخلية صار قابضا فبها أولى ، وكذلك لو فعل البائع شيئا من ذلك بأمر المشتري ; لأن فعله بأمر المشتري بمنزلة فعل المشتري بنفسه ، ولو أعتقه المشتري يصير قابضا ; لأن الإعتاق إتلاف حكما فيلحق بالإتلاف حقيقة ، وكذا لو دبره ، أو استولد الجارية أي : أقر أنها أم ولد له ; لأن التدبير ، أو الاستيلاد تنقيص حكما فكان ملحقا بالتنقيص حقيقة ، ولو زوج المبيع بأن كان جارية ، أو عبدا ، فالقياس أن يصير قابضا ، وهو رواية عن أبي يوسف ، وفي الاستحسان : لا يصير قابضا .

                                                                                                                                ( وجه ) القياس : أن التزوج تعييب ألا ترى أن الزوجية عيب يرد بها ؟ وإذا كانت الزوجية عيبا كان التزوج تعييبا ، والتعييب قبض ( وجه ) الاستحسان : أنه تعييب حكما لا حقيقة ; لأنه لا يوجب نقصان المحل ، ولا نقصان الملك فيه فلا يصير به قابضا ، وكذا لو أقر عليه بالدين فالقياس : أن يصير قابضا ; لأن الدين عيب حتى يرد به ، وفي الاستحسان : لا يصير قابضا ; لأنه تعييب حكمي ، وأنه لا يوجب النقصان فلا يكون قبضا ، ولو وطئها الزوج في يد البائع صار المشتري قابضا ; لأن الوطء إثبات اليد على الموطوءة ، وأنه حصل من الزوج بتسليط المشتري فكان من حيث إنه إثبات اليد مضافا إلى المشتري فكان قابضا من المشتري .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية