الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3236 ) فصل : وكل مالين حرم النساء فيهما ، لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر ; لأن السلم من شرطه النساء والتأجيل . والخرقي منع بيع العروض بعضها ببعض نساء . فعلى قوله لا يجوز إسلام بعضها في بعض . وقال ابن أبي موسى : لا يجوز أن يكون رأس مال السلم إلا عينا أو ورقا .

                                                                                                                                            وقال القاضي : وهو ظاهر كلام أحمد هاهنا . قال ابن المنذر . قيل لأحمد : يسلم ما يوزن فيما يكال ، وما يكال فيما يوزن ؟ فلم يعجبه . وعلى هذا لا يجوز أن يكون المسلم فيه ثمنا . وهو قول أبي حنيفة ; لأنها لا تثبت في الذمة إلا ثمنا ، فلا تكون مثمنة . وعلى الرواية التي تقول بجواز النساء في العروض ، يجوز أن يكون رأس مال السلم عرضا ، كالثمن سواء ، ويجوز إسلامها في الأثمان .

                                                                                                                                            قال الشريف أبو جعفر : يجوز السلم في الدراهم والدنانير . وهذا مذهب مالك والشافعي ; لأنها تثبت في الذمة صداقا ، فتثبت سلما ، كالعروض . ولأنه لا ربا بينهما من حيث التفاضل ولا النساء ، فصح إسلام أحدهما في الآخر ، كالعرض في العرض ، ولا يصح ما قاله أبو حنيفة ; فإنه لو باع دراهم بدنانير صح ، ولا بد أن يكون أحدهما مثمنا . فعلى هذا إذا أسلم عرضا في عرض موصوف بصفاته ، فجاءه عند الحلول بذلك العرض بعينه ، لزمه قبوله ، على أحد الوجهين ; لأنه أتاه بالمسلم فيه على صفته ، فلزمه قبوله ، كما لو كان غيره .

                                                                                                                                            والثاني ، لا يلزمه ; لأنه يفضي إلى كون الثمن هو المثمن ، ومن نصر الأول قال : هذا لا يصح ; لأن الثمن إنما هو في الذمة . وهذا عوض عنه . وهكذا لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فحل المحل وهي على صفة المسلم فيه ، فأحضرها ، فعلى احتمالين أيضا ; أحدهما ، لا يصح ; لما ذكرنا ، ولأنه يفضي إلى أن يكون قد استمتع بها وردها [ ص: 200 ] خالية عن عقر . والثاني ، يجوز ; لأنه أحضر المسلم فيه على صفته . ويبطل الأول بما إذا وجد بها عيبا فردها . واختلف أصحاب الشافعي في هاتين المسألتين على هذين الوجهين .

                                                                                                                                            وإن فعل ذلك حيلة ; لينتفع بالعين ، أو ليطأ الجارية ثم يردها بغير عوض ، لم يجز ، وجها واحدا ; لأن الحيل كلها باطلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية