الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابن أبي سليط أن عثمان بن عفان صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بملل قال مالك وذلك للتهجير وسرعة السير

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          14 14 - ( مالك ، عن عمرو ) بفتح العين ( بن يحيى ) بن عمارة بن أبي حسن ( المازني ) بالزاي المدني ثقة ، مات بعد الثلاثين ومائة .

                                                                                                          ( عن ابن أبي سليط ) بفتح السين وكسر اللام ؛ اسم لابن عبد الله ، والأب أسيد ؛ بالتصغير ودال آخره . وقيل : راء . وقيل : بزيادة هاء آخره ، فهو عبد الله بن أسيد بن عمرو بن قيس البخاري ، روى عن أبيه الصحابي البدري ، وعن عثمان ومحمد بن كعب ، وعنه عبد الله بن عمرو بن ضميرة وعمرو بن يحيى وغيرهما ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين .

                                                                                                          ( أن عثمان بن عفان ) بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي أمير المؤمنين ذا النورين أحد السابقين الأولين ، والخلفاء الأربعة ، والعشرة المبشرة ، والستة أصحاب الشورى ، استشهد في ذي الحجة بعد عيد الأضحى سنة خمس وثلاثين ، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة وعمره ثمانون . وقيل : أكثر . وقيل : أقل .

                                                                                                          ( صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر ) من يومها ( بملل ) بفتح الميم ولامين بوزن جمل ؛ موضع بين مكة والمدينة على سبعة عشر ميلا من المدينة كذا في النهاية . وقال بعضهم : على ثمانية عشر ميلا . وقال ابن وضاح : على اثنين وعشرين ميلا حكاهما ابن رشيق .

                                                                                                          ( قال مالك : وذلك للتهجير ) أي : صلاة الجمعة وقت الهاجرة وهي انتصاف النهار بعد الزوال .

                                                                                                          ( وسرعة السير ) فيدرك ملل بعد صلاة الجمعة ، فدل كل من فعل عمر وعثمان على أن ابتداء وقت الجمعة من الزوال كالظهر ، وأخرج ابن أبي شيبة ، عن أبي إسحاق أنه صلى خلف علي الجمعة بعدما زالت الشمس ، إسناده صحيح .

                                                                                                          وما رواه أيضا عن أبي رزين : " كنا نصلي مع علي الجمعة فأحيانا نجد فيئا وأحيانا لا نجد " فمحمول على المبادرة عند الزوال أو التأخير قليلا .

                                                                                                          وعن سماك بن حرب : " كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعدما تزول الشمس " رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ، وكان النعمان أميرا على الكوفة في أول إمارة يزيد ، [ ص: 93 ] وكذا روى ابن شيبة أن عمرو بن حريث الصحابي كان يصليها إذا زالت الشمس ، وكان ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة .

                                                                                                          وأما ما يعارض ذلك عن الصحابة فقال عبد الله بن سلمة - بكسر اللام - : صلى بنا ابن مسعود الجمعة ضحى وقال : خشيت عليكم الحر .

                                                                                                          وقال سعيد بن سويد : صلى بنا معاوية الجمعة ضحى ، رواهما ابن أبي شيبة ، وسعيد ذكره ابن حبان في الضعفاء ، وابن سلمة صدوق إلا أنه تغير لما كبر قاله شعبة وغيره ، فأغرب ابن العربي في نقله الإجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس إلا قول أحمد : إن صلاها قبل الزوال أجزأ ، انتهى .

                                                                                                          واحتج له بعض الحنابلة بقوله صلى الله عليه وسلم : " إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين " فلما سماه عيدا جازت صلاتها في وقت العيد ، وتعقب بأنه لا يلزم من تسميته عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد ، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا ، سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة اتفاقا .




                                                                                                          الخدمات العلمية