الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          31 - فصل

                          [ في مناكحة وحل ذبائح نصارى العرب ]

                          وأما مناكحتهم وحل ذبائحهم ففيها قولان للصحابة ، وهما روايتان عن الإمام أحمد :

                          إحداهما : لا تحل وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه والشافعي رحمه الله وطرد الشافعي المنع في ذبائح العرب من أهل الكتاب [ ص: 223 ] كلهم .

                          واختلف في مأخذ هذا القول فقالت طائفة : لم يتحقق دخولهم في الدين قبل التبديل ، فلا يثبت لهم حكم أهل الكتاب ، وهذا المأخذ جار على أصل الشافعي ، وقد عرفت ما فيه .

                          وقالت طائفة أخرى : إنهم لم يدينوا بدين أهل الكتاب ، بل انتسبوا إليه ولم يتمسكوا به عملا ، وهذا مأخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه قال : إنهم لم يتمسكوا من دينهم إلا بشرب الخمر ، وهذا المأخذ أصح وأفقه .

                          والقول الثاني : أنه تحل مناكحتهم وذبائحهم ، وهذا هو الصحيح عن أحمد رواه عنه الجماعة وهو آخر الروايتين عنه .

                          قال إبراهيم بن الحارث : وكان آخر قوله أنه لا يرى بذبائحهم بأسا .

                          [ ص: 224 ] وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما ، وروي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبه قال الحسن والنخعي والشعبي وعطاء الخراساني والحكم وحماد وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه .

                          قال الأثرم : وما علمت أحدا كرهه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عليا رضي الله عنه ، وذلك لدخولهم في عموم قوله تعالى : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ، وقوله تعالى : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، ولأنهم أهل كتاب يقرون على دينهم ببذل المال ، فتحل ذبائحهم ونساؤهم كبني إسرائيل .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية