(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا )
[ ص: 69 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28864_28996وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ) .
اعلم أن هذا هو الشبهة الخامسة لمنكري نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن
أهل مكة قالوا : تزعم أنك رسول من عند الله ، أفلا تأتينا بالقرآن جملة واحدة كما أنزلت التوراة جملة على
موسى ، والإنجيل على
عيسى ، والزبور على
داود ؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : بين أوله وآخره اثنتان أو ثلاث وعشرون سنة ، وأجاب الله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كذلك لنثبت به فؤادك ) . وبيان هذا الجواب من وجوه :
أحدها : أنه عليه السلام لم يكن من أهل القراءة والكتابة ، فلو نزل عليه ذلك جملة واحدة كان لا يضبطه ، ولجاز عليه الغلط والسهو ، وإنما نزلت التوراة جملة لأنها مكتوبة يقرؤها
موسى .
وثانيها : أن من كان الكتاب عنده ، فربما اعتمد على الكتاب وتساهل في الحفظ ، فالله تعالى ما أعطاه الكتاب دفعة واحدة ، بل كان ينزل عليه وظيفة ليكون حفظه له أكمل ، فيكون أبعد له عن المساهلة وقلة التحصيل .
وثالثها : أنه تعالى لو أنزل الكتاب جملة واحدة على الخلق لنزلت الشرائع بأسرها دفعة واحدة على الخلق ، فكان يثقل عليهم ذلك ، أما لما نزل مفرقا منجما ، لا جرم نزلت التكاليف قليلا قليلا ، فكان تحملها أسهل .
ورابعها : أنه إذا شاهد
جبريل حالا بعد حال يقوى قلبه بمشاهدته ، فكان أقوى على أداء ما حمل ، وعلى الصبر على عوارض النبوة وعلى احتماله أذية قومه وعلى الجهاد .
وخامسها : أنه لما تم شرط الإعجاز فيه مع كونه منجما ، ثبت كونه معجزا ؛ فإنه لو كان ذلك في مقدور البشر لوجب أن يأتوا بمثله منجما مفرقا .
وسادسها : كان القرآن ينزل بحسب أسئلتهم والوقائع الواقعة لهم ، فكانوا يزدادون بصيرة ؛ لأن بسبب ذلك كان ينضم إلى الفصاحة الإخبار عن الغيوب .
وسابعها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28864القرآن لما نزل منجما مفرقا ، وهو عليه السلام كان يتحداهم من أول الأمر ، فكأنه تحداهم بكل واحد من نجوم القرآن ، فلما عجزوا عنه كان عجزهم عن معارضة الكل أولى ، فبهذا الطريق ثبت في فؤاده أن القوم عاجزون عن المعارضة لا محالة .
ثامنها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29752السفارة بين الله تعالى وبين أنبيائه وتبليغ كلامه إلى الخلق منصب عظيم ، فيحتمل أن يقال : إنه تعالى لو أنزل القرآن على
محمد صلى الله عليه وسلم دفعة واحدة لبطل ذلك المنصب على
جبريل عليه السلام ، فلما أنزله مفرقا منجما بقي ذلك المنصب العالي عليه ، فلأجل ذلك جعله الله سبحانه وتعالى مفرقا منجما .
أما قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كذلك " ففيه وجهان :
الأول : أنه من تمام كلام المشركين ، أي : جملة واحدة كذلك ، أي : كالتوراة والإنجيل ، وعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار في الآية ، وهو أن يقول : أنزلناه مفرقا لتثبت به فؤادك .
الثاني : أنه كلام الله تعالى ذكره جوابا لهم ؛ أي : كذلك أنزلناه مفرقا . فإن قيل : ذلك في "
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كذلك " يجب أن يكون إشارة إلى شيء تقدمه ، والذي تقدم فهو إنزاله جملة واحدة ، فكيف فسر به كذلك أنزلناه مفرقا ؟ قلنا : لأن قولهم لولا نزل عليه جملة واحدة معناه : لم نزل مفرقا ؟ فذلك إشارة إليه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32ورتلناه ترتيلا ) فمعنى الترتيل في الكلام أن يأتي بعضه على أثر بعض على تؤدة وتمهل ، وأصل الترتيل في الأسنان وهو تفلجها ، يقال : ثغر رتل ، وهو ضد المتراص ، ثم إنه سبحانه وتعالى لما بين فساد قولهم بالجواب الواضح قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33ولا يأتونك بمثل ) من الجنس الذي تقدم ذكره من الشبهات إلا جئناك بالحق الذي يدفع قولهم ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ) [ الأنبياء : 18]
[ ص: 70 ] وبين أن الذي يأتي به أحسن تفسيرا لأجل ما فيه من المزية في البيان والظهور ، ولما كان التفسير هو الكشف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه ، فقالوا تفسير هذا الكلام كيت وكيت كما قيل : معناه كذا وكذا .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013497nindex.php?page=treesubj&link=30349_28766يحشر الناس على ثلاثة أصناف : صنف على الدواب ، وصنف على الأقدام ، وصنف على الوجوه ، وعنه عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013498إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم .
المسألة الثانية : الأقرب أنه صفة للقوم الذين أوردوا هذه الأسئلة على سبيل التعنت ، وإن كان غيرهم من أهل النار يدخل معهم .
المسألة الثالثة : حمله بعضهم على أنهم يمشون في الآخرة مقلوبين ، وجوههم إلى القرار ، وأرجلهم إلى فوق ، روي ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : المراد أنهم يحشرون ويسحبون على وجوههم ، وهذا أيضا مروي عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهو أولى ، وقال الصوفية : الذين تعلقت قلوبهم بما سوى الله ، فإذا ماتوا بقي ذلك التعلق ، فعبر عن تلك الحالة بأنهم يحشرون على وجوههم إلى جهنم ، ثم بين تعالى أنهم شر مكانا من أهل الجنة وأضل سبيلا وطريقا ، والمقصود منه الزجر عن طريقهم والسؤال عليه كما ذكرناه على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا ) [الفرقان : 24] وقد تقدم الجواب عنه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا )
[ ص: 69 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=28864_28996وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الشُّبْهَةُ الْخَامِسَةُ لِمُنْكِرِي نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّ
أَهْلَ مَكَّةَ قَالُوا : تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، أَفَلَا تَأْتِينَا بِالْقُرْآنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ جُمْلَةً عَلَى
مُوسَى ، وَالْإِنْجِيلُ عَلَى
عِيسَى ، وَالزَّبُورُ عَلَى
دَاوُدَ ؟ وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ : بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً ، وَأَجَابَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ) . وَبَيَانُ هَذَا الْجَوَابِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ ، فَلَوْ نَزَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَانَ لَا يَضْبِطُهُ ، وَلَجَازَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالسَّهْوُ ، وَإِنَّمَا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ جُمْلَةً لِأَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ يَقْرَؤُهَا
مُوسَى .
وَثَانِيهَا : أَنَّ مَنْ كَانَ الْكِتَابُ عِنْدَهُ ، فَرُبَّمَا اعْتَمَدَ عَلَى الْكِتَابِ وَتَسَاهَلَ فِي الْحِفْظِ ، فَاللَّهُ تَعَالَى مَا أَعْطَاهُ الْكِتَابَ دُفْعَةً وَاحِدَةً ، بَلْ كَانَ يُنْزِلُ عَلَيْهِ وَظِيفَةً لِيَكُونَ حِفْظُهُ لَهُ أَكْمَلَ ، فَيَكُونُ أَبْعَدَ لَهُ عَنِ الْمُسَاهَلَةِ وَقِلَّةِ التَّحْصِيلِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ جُمْلَةً وَاحِدَةً عَلَى الْخَلْقِ لَنَزَلَتِ الشَّرَائِعُ بِأَسْرِهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى الْخَلْقِ ، فَكَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ ، أَمَّا لَمَّا نَزَلَ مُفَرَّقًا مُنَجَّمًا ، لَا جَرَمَ نَزَلَتِ التَّكَالِيفُ قَلِيلًا قَلِيلًا ، فَكَانَ تَحَمُّلُهَا أَسْهَلَ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّهُ إِذَا شَاهَدَ
جِبْرِيلَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ يَقْوَى قَلْبُهُ بِمُشَاهَدَتِهِ ، فَكَانَ أَقْوَى عَلَى أَدَاءِ مَا حُمِّلَ ، وَعَلَى الصَّبْرِ عَلَى عَوَارِضِ النُّبُوَّةِ وَعَلَى احْتِمَالِهِ أَذِيَّةَ قَوْمِهِ وَعَلَى الْجِهَادِ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّهُ لَمَّا تَمَّ شَرْطُ الْإِعْجَازِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ مُنَجَّمًا ، ثَبَتَ كَوْنُهُ مُعْجِزًا ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ لَوَجَبَ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ مُنَجَّمًا مُفَرَّقًا .
وَسَادِسُهَا : كَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ بِحَسَبِ أَسْئِلَتِهِمْ وَالْوَقَائِعِ الْوَاقِعَةِ لَهُمْ ، فَكَانُوا يَزْدَادُونَ بَصِيرَةً ؛ لِأَنَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَانَ يَنْضَمُّ إِلَى الْفَصَاحَةِ الْإِخْبَارُ عَنِ الْغُيُوبِ .
وَسَابِعُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28864الْقُرْآنَ لَمَّا نَزَلَ مَنَجَّمًا مُفَرَّقًا ، وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَتَحَدَّاهُمْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ، فَكَأَنَّهُ تَحَدَّاهُمْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ نُجُومِ الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا عَجَزُوا عَنْهُ كَانَ عَجْزُهُمْ عَنْ مُعَارَضَةِ الْكُلِّ أَوْلَى ، فَبِهَذَا الطَّرِيقِ ثَبَتَ فِي فُؤَادِهِ أَنَّ الْقَوْمَ عَاجِزُونَ عَنِ الْمُعَارَضَةِ لَا مَحَالَةَ .
ثَامِنُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29752السِّفَارَةَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ وَتَبْلِيغَ كَلَامِهِ إِلَى الْخَلْقِ مَنْصِبٌ عَظِيمٌ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَبَطَلَ ذَلِكَ الْمَنْصِبُ عَلَى
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَلَمَّا أَنْزَلَهُ مُفَرَّقًا مُنَجَّمًا بَقِيَ ذَلِكَ الْمَنْصِبُ الْعَالِي عَلَيْهِ ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُفَرَّقًا مُنَجَّمًا .
أَمَّا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كَذَلِكَ " فَفِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمُشْرِكِينَ ، أَيْ : جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ ، أَيْ : كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارٍ فِي الْآيَةِ ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ : أَنْزَلْنَاهُ مُفَرَّقًا لِتُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ .
الثَّانِي : أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى ذَكَرَهُ جَوَابًا لَهُمْ ؛ أَيْ : كَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ مُفَرَّقًا . فَإِنْ قِيلَ : ذَلِكَ فِي "
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كَذَلِكَ " يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى شَيْءٍ تَقَدَّمَهُ ، وَالَّذِي تَقَدَّمَ فَهُوَ إِنْزَالُهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، فَكَيْفَ فَسَّرَ بِهِ كَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ مُفَرَّقًا ؟ قُلْنَا : لِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً مَعْنَاهُ : لِمَ نَزَلَ مُفَرَّقًا ؟ فَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) فَمَعْنَى التَّرْتِيلِ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْضُهُ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ عَلَى تُؤَدَةٍ وَتَمَهُّلٍ ، وَأَصْلُ التَّرْتِيلِ فِي الْأَسْنَانِ وَهُوَ تَفَلُّجُهَا ، يُقَالُ : ثَغْرٌ رَتْلٌ ، وَهُوَ ضِدُّ الْمُتَرَاصِّ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ فَسَادَ قَوْلِهِمْ بِالْجَوَابِ الْوَاضِحِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ) مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ الَّذِي يَدْفَعُ قَوْلَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=18بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 18]
[ ص: 70 ] وَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي بِهِ أَحْسَنُ تَفْسِيرًا لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ الْمَزِيَّةِ فِي الْبَيَانِ وَالظُّهُورِ ، وَلَمَّا كَانَ التَّفْسِيرُ هُوَ الْكَشْفَ عَمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ وُضِعَ مَوْضِعَ مَعْنَاهُ ، فَقَالُوا تَفْسِيرُ هَذَا الْكَلَامِ كَيْتَ وَكَيْتَ كَمَا قِيلَ : مَعْنَاهُ كَذَا وَكَذَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013497nindex.php?page=treesubj&link=30349_28766يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ : صِنْفٍ عَلَى الدَّوَابِّ ، وَصِنْفٍ عَلَى الْأَقْدَامِ ، وَصِنْفٍ عَلَى الْوُجُوهِ ، وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013498إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ .
المسألة الثَّانِيَةُ : الْأَقْرَبُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ أَوْرَدُوا هَذِهِ الْأَسْئِلَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَدْخُلُ مَعَهُمْ .
المسألة الثَّالِثَةُ : حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ يَمْشُونَ فِي الْآخِرَةِ مَقْلُوبِينَ ، وُجُوهُهُمْ إِلَى الْقَرَارِ ، وَأَرْجُلُهُمْ إِلَى فَوْقُ ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ وَيُسْحَبُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، وَهَذَا أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَهُوَ أَوْلَى ، وَقَالَ الصُّوفِيَّةُ : الَّذِينَ تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِمَا سِوَى اللَّهِ ، فَإِذَا مَاتُوا بَقِيَ ذَلِكَ التَّعَلُّقُ ، فَعَبَّرَ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ بِأَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُمْ شَرٌّ مَكَانًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَضَلُّ سَبِيلًا وَطَرِيقًا ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الزَّجْرُ عَنْ طَرِيقِهِمْ وَالسُّؤَالِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا ) [الْفُرْقَانِ : 24] وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ .