(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون ) .
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما بين المبدأ والمعاد والنبوة ومقدمات القيامة وصفة أهل القيامة من الثواب
[ ص: 191 ] والعقاب ، وذلك كمال ما يتعلق ببيان أصول الدين ختم الكلام بهذه الخاتمة اللطيفة ، فقال : قل يا
محمد إني أمرت بأشياء :
الأول : أني
nindex.php?page=treesubj&link=29428_29705أمرت أن أخص الله وحده بالعبادة ولا أتخذ له شريكا ، وأن الله تعالى لما قدم دلائل التوحيد ، فكأنه أمر
محمدا بأن يقول لهم : هذه الدلائل التي ذكرتها لكم إن لم تفد لكم القول بالتوحيد ، فقد أفادت لي ذلك ، فسواء قبلتم هذه الدعوة أو أعرضتم عنها ، فإني مصر عليها غير مرتاب فيها ، ثم إنه وصف الله تعالى بأمرين :
أحدهما : أنه رب هذه البلدة ، والمراد
مكة ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=31577اختصها من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها ؛ لأنها أحب بلاده إليه ، وأكرمها عليه ، وأشار إليها إشارة تعظيم لها دالا على أنها موطن نبيه ومهبط وحيه .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91الذي حرمها ) فقرئ ( التي حرمها ) ، وإنما وصفها بالتحريم لوجوه :
أحدها : أنه حرم فيها أشياء على من يحج .
وثانيها : أن اللاجئ إليها آمن .
وثالثها : لا ينتهك حرمتها إلا ظالم ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها . وإنما ذكر ذلك ؛ لأن العرب كانوا معترفين بكون
مكة محرمة ، وعلموا أن تلك الفضيلة ليست من الأصنام بل من الله تعالى ، فكأنه قال : لما علمت وعلمتم أنه سبحانه هو المتولي لهذه النعم وجب علي أن أخصه بالعبادة .
وثانيها : وصف الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91وله كل شيء ) وهذا إشارة إلى ما تقدم من الدلائل المذكورة في هذه السورة على التوحيد من كونه تعالى خالقا لجميع النعم فأجمل ههنا تلك المفصلات ، وهذا كمن أراد صفة بعض الملوك بالقوة ، فيعد تلك التفاصيل ثم بعد التطويل ، يقول : إن كل العالم له وكل الناس في طاعته .
الثاني : أمر بأن يكون من المسلمين .
الثالث : أمر بأن يتلو القرآن عليهم ، ولقد قام بكل ذلك صلوات الله عليه أتم قيام ، فمن اهتدى في هذه المسائل الثلاث المتقدمة ، وهي التوحيد والحشر والنبوة (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92فإنما يهتدي لنفسه ) أي منفعة اهتدائه راجعة إليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92ومن ضل ) فلا علي وما أنا إلا رسول منذر ، ثم إنه سبحانه ختم هذه [ السورة ] بخاتمة في نهاية الحسن ، وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وقل الحمد لله ) على ما أعطاني من نعمة العلم والحكمة والنبوة ، أو على ما وفقني من القيام بأداء الرسالة وبالإنذار (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سيريكم آياته ) القاهرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93فتعرفونها ) لكن حين لا ينفعكم الإيمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وما ربك بغافل عما تعملون ) لأنه من وراء جزاء العاملين ، والله أعلم .
تم تفسير السورة والحمد لله رب العالمين ، وصلاته على سيدنا
محمد النبي الأمي
وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين
والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
(
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الْمَبْدَأَ وَالْمَعَادَ وَالنُّبُوَّةَ وَمُقَدِّمَاتِ الْقِيَامَةِ وَصِفَةَ أَهْلِ الْقِيَامَةِ مِنَ الثَّوَابِ
[ ص: 191 ] وَالْعِقَابِ ، وَذَلِكَ كَمَالُ مَا يَتَعَلَّقُ بِبَيَانِ أُصُولِ الدِّينِ خَتَمَ الْكَلَامَ بِهَذِهِ الْخَاتِمَةِ اللَّطِيفَةِ ، فَقَالَ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ إِنِّي أُمِرْتُ بِأَشْيَاءَ :
الْأَوَّلُ : أَنِّي
nindex.php?page=treesubj&link=29428_29705أُمِرْتُ أَنَّ أَخُصَّ اللَّهَ وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ وَلَا أَتَّخِذَ لَهُ شَرِيكًا ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَدَّمَ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ ، فَكَأَنَّهُ أَمَرَ
مُحَمَّدًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ : هَذِهِ الدَّلَائِلُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا لَكُمْ إِنْ لَمْ تُفِدْ لَكُمُ الْقَوْلَ بِالتَّوْحِيدِ ، فَقَدْ أَفَادَتْ لِي ذَلِكَ ، فَسَوَاءٌ قَبِلْتُمْ هَذِهِ الدَّعْوَةَ أَوْ أَعْرَضْتُمْ عَنْهَا ، فَإِنِّي مُصِرٌّ عَلَيْهَا غَيْرُ مُرْتَابٍ فِيهَا ، ثُمَّ إِنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ رَبُّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ ، وَالْمُرَادُ
مَكَّةُ ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=31577اخْتَصَّهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْبِلَادِ بِإِضَافَةِ اسْمِهِ إِلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا أَحَبُّ بِلَادِهِ إِلَيْهِ ، وَأَكْرَمُهَا عَلَيْهِ ، وَأَشَارَ إِلَيْهَا إِشَارَةَ تَعْظِيمٍ لَهَا دَالًّا عَلَى أَنَّهَا مَوْطِنُ نَبِيِّهِ وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91الَّذِي حَرَّمَهَا ) فَقُرِئَ ( الَّتِي حَرَّمَهَا ) ، وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالتَّحْرِيمِ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ حَرَّمَ فِيهَا أَشْيَاءَ عَلَى مَنْ يَحُجُّ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ اللَّاجِئَ إِلَيْهَا آمِنٌ .
وَثَالِثُهَا : لَا يَنْتَهِكُ حُرْمَتَهَا إِلَّا ظَالِمٌ ، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا . وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِكَوْنِ
مَكَّةَ مُحَرَّمَةً ، وَعَلِمُوا أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْأَصْنَامِ بَلْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَمَّا عَلِمْتَ وَعَلِمْتُمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِهَذِهِ النِّعَمِ وَجَبَ عَلَيَّ أَنْ أَخُصَّهُ بِالْعِبَادَةِ .
وَثَانِيهَا : وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=91وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ) وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّلَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ مِنْ كَوْنِهِ تَعَالَى خَالِقًا لِجَمِيعِ النِّعَمِ فَأَجْمَلَ هَهُنَا تِلْكَ الْمُفَصَّلَاتِ ، وَهَذَا كَمَنْ أَرَادَ صِفَةَ بَعْضِ الْمُلُوكِ بِالْقُوَّةِ ، فَيَعَدُّ تِلْكَ التَّفَاصِيلَ ثُمَّ بَعْدَ التَّطْوِيلِ ، يَقُولُ : إِنَّ كُلَّ الْعَالَمِ لَهُ وَكُلَّ النَّاسِ فِي طَاعَتِهِ .
الثَّانِي : أُمِرَ بِأَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
الثَّالِثُ : أُمِرَ بِأَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ عَلَيْهِمْ ، وَلَقَدْ قَامَ بِكُلِّ ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَتَمَّ قِيَامٍ ، فَمَنِ اهْتَدَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَهِيَ التَّوْحِيدُ وَالْحَشْرُ وَالنُّبُوَّةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) أَيْ مَنْفَعَةُ اهْتِدَائِهِ رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وَمَنْ ضَلَّ ) فَلَا عَلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا رَسُولٌ مُنْذِرٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَتَمَ هَذِهِ [ السُّورَةَ ] بِخَاتِمَةٍ فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) عَلَى مَا أَعْطَانِي مِنْ نِعْمَةِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ ، أَوْ عَلَى مَا وَفَّقَنِي مِنَ الْقِيَامِ بِأَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَبِالْإِنْذَارِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ) الْقَاهِرَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93فَتَعْرِفُونَهَا ) لَكِنْ حِينَ لَا يَنْفَعُكُمُ الْإِيمَانُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=93وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) لِأَنَّهُ مِنْ وَرَاءِ جَزَاءِ الْعَامِلِينَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
تَمَّ تَفْسِيرُ السُّورَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ
وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ