(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ) .
اعلم أن المخاطبين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وآمنوا ) هم
بنو إسرائيل ويدل عليه وجهان :
الأول : أنه معطوف على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) كأنه قيل : اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي وآمنوا بما أنزلت .
الثاني : أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41مصدقا لما معكم ) يدل على ذلك .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41بما أنزلت ) ففيه قولان ، الأقوى أنه القرآن وعليه دليلان :
أحدهما : أنه وصفه بكونه منزلا وذلك هو القرآن ؛ لأنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=3نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ) [ آل عمران : 3 ] .
والثاني : وصفه بكونه مصدقا لما معهم من الكتب وذلك هو القرآن . وقال
قتادة : المراد (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وآمنوا بما أنزلت ) من كتاب ورسول تجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41مصدقا لما معكم ) ففيه تفسيران :
أحدهما : أن في القرآن أن
موسى وعيسى حق ، وأن التوراة والإنجيل حق ، وأن التوراة أنزلت على
موسى ، والإنجيل على
عيسى عليهما السلام ، فكان
nindex.php?page=treesubj&link=28738_28739الإيمان بالقرآن مؤكدا للإيمان بالتوراة والإنجيل ، فكأنه قيل لهم : إن كنتم تريدون المبالغة في الإيمان بالتوراة والإنجيل فآمنوا بالقرآن ، فإن الإيمان به يؤكد الإيمان بالتوراة والإنجيل .
والثاني : أنه حصلت
nindex.php?page=treesubj&link=30588_30589البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن في التوراة والإنجيل فكأن الإيمان
بمحمد وبالقرآن تصديق للتوراة والإنجيل ، وتكذيب
محمد والقرآن تكذيب
[ ص: 39 ] للتوراة والإنجيل ، وهذا التفسير أولى ؛ لأن على التفسير الأول لا يلزم الإيمان
بمحمد عليه السلام ؛ لأنه بمجرد كونه مخبرا عن كون التوراة والإنجيل حقا لا يجب الإيمان بنبوته ؛ أما على التفسير الثاني يلزم الإيمان به لأن التوراة والإنجيل إذا اشتملا على كون
محمد صلى الله عليه وسلم صادقا ، فالإيمان بالتوراة والإنجيل يوجب الإيمان بكون
محمد صادقا لا محالة ، ومعلوم أن الله تعالى إنما ذكر هذا الكلام ليكون حجة عليهم في وجوب الإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فثبت أن هذا التفسير أولى .
واعلم أن هذا التفسير الثاني يدل على نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم من وجهين :
الأول : أن شهادة كتب الأنبياء عليهم السلام لا تكون إلا حقا .
والثاني : أنه عليه السلام أخبر عن كتبهم ولم يكن له معرفة بذلك إلا من قبل الوحي .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41ولا تكونوا أول كافر به ) فمعناه أول من كفر به أو أول فريق أو فوج كافر به أو ولا يكن كل واحد منكم أول كافر به . ثم فيه سؤلان :
السؤال الأول : كيف جعلوا أول من كفر به وقد سبقهم إلى الكفر به مشركو العرب ؟ والجواب من وجوه :
أحدها : أن هذا تعريف بأنه كان يجب أن يكونوا أول من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ؛ ولأنهم كانوا هم المبشرون بزمان
محمد صلى الله عليه وسلم والمستفتحون على الذين كفروا به ، فلما بعث كان أمرهم على العكس ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) . [ البقرة : 89 ] .
وثانيها : يجوز أن يراد : ولا تكونوا مثل أول كافر به يعني من أشرك من
أهل مكة ، أي ولا تكونوا -وأنتم تعرفونه مذكورا في التوراة والإنجيل- مثل من لم يعرفه وهو مشرك لا كتاب له .
وثالثها : ولا تكونوا أول كافر به من أهل الكتاب ؛ لأن هؤلاء كانوا أول من كفر بالقرآن من
بني إسرائيل ، وإن كانت قريش كفروا به قبل ذلك .
ورابعها : ولا تكونوا أول كافر به ، يعني بكتابكم يقول ذلك لعلمائهم : أي ولا تكونوا أول أحد من أمتكم كذلك كتابكم ؛ لأن تكذيبكم
بمحمد صلى الله عليه وسلم يوجب تكذيبكم بكتابكم .
وخامسها : أن المراد منه بيان تغليظ كفرهم ؛ وذلك لأنهم لما شاهدوا المعجزات الدالة على صدقه عرفوا البشارات الواردة في التوراة والإنجيل بمقدمه ، فكان كفرهم أشد من كفر من لم يعرف إلا نوعا واحدا من الدليل ،
nindex.php?page=treesubj&link=30523_28675_30558_30539_32424والسابق إلى الكفر يكون أعظم ذنبا ممن بعده ؛ لقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011468من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها " فلما كان كفرهم عظيما وكفر من كان سابقا في الكفر عظيما فقد اشتركا من هذا الوجه فصح إطلاق اسم أحدهما على الآخر على سبيل الاستعارة .
وسادسها : المعنى ولا تكونوا أول من جحد مع المعرفة ؛ لأن كفر
قريش كان مع الجهل لا مع المعرفة .
وسابعها : أول كافر به من
اليهود ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم
المدينة وبها
قريظة والنضير فكفروا به ، ثم تتابعت سائر
اليهود على ذلك الكفر فكأنه قيل : أول من كفر به من
أهل الكتاب وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=47وأني فضلتكم على العالمين ) [ البقرة : 47 ] أي على عالمي زمانهم .
وثامنها : ولا تكونوا أول كافر به عند سماعكم بذكره بل تثبتوا فيه وراجعوا عقولكم فيه .
وتاسعها : أن لفظ : " أول " صلة والمعنى ولا تكونوا كافرين به ، وهذا ضعيف .
السؤال الثاني : أنه كان يجوز لهم الكفر إذ لم يكونوا أولا ، والجواب من وجوه :
أحدها : أنه ليس في ذكر تلك الشيء دلالة على أن ما عداه بخلافه .
وثانيها : أن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ) دلالة على أن كفرهم أولا وآخرا محظور .
وثالثها : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2رفع السماوات بغير عمد ترونها ) [ الرعد : 2 ] لا يدل على وجود عمد لا يرونها . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155وقتلهم الأنبياء بغير حق ) [ النساء : 155 ] لا يدل على وقوع قتل الأنبياء بحق .
وقوله : عقيب هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) لا يدل على إباحة ذلك بالثمن الكثير ، فكذا ههنا ، بل المقصود من هذه السياقة
nindex.php?page=treesubj&link=32424_32423استعظام وقوع الجحد والإنكار ممن قرأ في الكتب نعت رسول [ ص: 40 ] الله صلى الله عليه وسلم وصفته .
ورابعها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : هذا الكلام خطاب لقوم خوطبوا به قبل غيرهم ، فقيل لهم : لا تكفروا
بمحمد فإنه سيكون بعدكم الكفار فلا تكونوا أنتم أول الكفار ؛ لأن هذه الأولية موجبة لمزيد الإثم ، وذلك لأنهم إذا سبقوا إلى الكفر فإما أن يقتدي بهم غيرهم في ذلك الكفر أو لا يكون كذلك ؛ فإن اقتدى بهم غيرهم في ذلك الكفر كان لهم وزر ذلك الكفر ووزر كل من كفر إلى يوم القيامة ، وإن لم يقتد بهم غيرهم اجتمع عليهم أمران :
أحدهما : السبق إلى الكفر .
والثاني : التفرد به ، ولا شك في أنه منقصة عظيمة ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41ولا تكونوا أول كافر به ) إشارة إلى هذا المعنى .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30554قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) فقد بينا في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) [ البقرة : 16 ] ، أن الاشتراء يوضع موضع الاستبدال ، فكذا الثمن يوضع موضع البدل عن الشيء والعوض عنه ، فإذا اختير على ثواب الله شيء من الدنيا فقد جعل ذلك الشيء ثمنا عند فاعله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : إن رؤساء اليهود مثل
كعب بن الأشرف nindex.php?page=showalam&ids=2207وحيي بن أخطب وأمثالهما كانوا يأخذون من فقراء اليهود الهدايا ، وعلموا أنهم لو اتبعوا
محمدا لانقطعت عنهم تلك الهدايا ، فأصروا على الكفر ؛ لئلا ينقطع عنهم ذلك القدر المحقر ؛ وذلك لأن الدنيا كلها بالنسبة إلى الدين قليلة جدا فنسبتها إليه نسبة المتناهي إلى غير المتناهي ، ثم تلك الهدايا كانت في نهاية القلة بالنسبة إلى الدنيا ، فالقليل جدا من القليل جدا أي نسبة له إلى الكثير الذي لا يتناهى ؟ واعلم أن هذا النهي صحيح سواء كان فيهم من فعل ذلك أو لم يكن ، بل لو ثبت أن علماءهم كانوا يأخذون الرشا على كتمان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وتحريف ما يدل على ذلك من التوراة كان الكلام أبين ، وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وإياي فاتقون ) فيقرب معناه مما تقدم من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40وإياي فارهبون ) والفرق أن الرهبة عبارة عن الخوف ، وأما الاتقاء فإنما يحتاج إليه عند الجزم بحصول ما يتقى منه فكأنه تعالى أمرهم بالرهبة لأجل أن جواز العقاب قائم ، ثم أمرهم بالتقوى ؛ لأن تعين العقاب قائم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَآمِنُوا ) هُمْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ) كَأَنَّهُ قِيلَ : اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ .
الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ) يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41بِمَا أَنْزَلْتُ ) فَفِيهِ قَوْلَانِ ، الْأَقْوَى أَنَّهُ الْقُرْآنُ وَعَلَيْهِ دَلِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ مُنَزَّلًا وَذَلِكَ هُوَ الْقُرْآنُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=3نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 3 ] .
وَالثَّانِي : وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ مِنَ الْكُتُبِ وَذَلِكَ هُوَ الْقُرْآنُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْمُرَادُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ ) مِنْ كِتَابٍ وَرَسُولٍ تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ) فَفِيهِ تَفْسِيرَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ
مُوسَى وَعِيسَى حَقٌّ ، وَأَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ حَقٌّ ، وَأَنَّ التَّوْرَاةَ أُنْزِلَتْ عَلَى
مُوسَى ، وَالْإِنْجِيلَ عَلَى
عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، فَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=28738_28739الْإِيمَانُ بِالْقُرْآنِ مُؤَكِّدًا لِلْإِيمَانِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ : إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِيمَانِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَآمِنُوا بِالْقُرْآنِ ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِهِ يُؤَكِّدُ الْإِيمَانَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ حَصَلَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=30588_30589الْبِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْقُرْآنِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَكَأَنَّ الْإِيمَانَ
بِمُحَمَّدٍ وَبِالْقُرْآنِ تَصْدِيقٌ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَتَكْذِيبَ
مُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ تَكْذِيبٌ
[ ص: 39 ] لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْإِيمَانُ
بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مُخْبِرًا عَنْ كَوْنِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ حَقًّا لَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِنُبُوَّتِهِ ؛ أَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي يَلْزَمُ الْإِيمَانُ بِهِ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ إِذَا اشْتَمَلَا عَلَى كَوْنِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقًا ، فَالْإِيمَانُ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يُوجِبُ الْإِيمَانَ بِكَوْنِ
مُحَمَّدٍ صَادِقًا لَا مَحَالَةَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي وُجُوبِ الْإِيمَانِ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ أَوْلَى .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ الثَّانِيَ يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ شَهَادَةَ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَا تَكُونُ إِلَّا حَقًّا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْبَرَ عَنْ كُتُبِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الْوَحْيِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ) فَمَعْنَاهُ أَوَّلَ مَنْ كَفَرَ بِهِ أَوْ أَوَّلَ فَرِيقٍ أَوْ فَوْجٍ كَافِرٍ بِهِ أَوْ وَلَا يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ . ثُمَّ فِيهِ سُؤْلَانِ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : كَيْفَ جُعِلُوا أَوَّلَ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الْكُفْرِ بِهِ مُشْرِكُو الْعَرَبِ ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ بِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ وَبِصِفَتِهِ ؛ وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا هُمُ الْمُبَشِّرُونَ بِزَمَانِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ ، فَلَمَّا بُعِثَ كَانَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْعَكْسِ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ) . [ الْبَقَرَةِ : 89 ] .
وَثَانِيهَا : يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ : وَلَا تَكُونُوا مِثْلَ أَوَّلِ كَافِرٍ بِهِ يَعْنِي مَنْ أَشْرَكَ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ ، أَيْ وَلَا تَكُونُوا -وَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَهُ مَذْكُورًا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ- مِثْلَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ لَا كِتَابَ لَهُ .
وَثَالِثُهَا : وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَإِنْ كَانَتْ قُرَيْشٌ كَفَرُوا بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
وَرَابِعُهَا : وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ، يَعْنِي بِكِتَابِكُمْ يَقُولُ ذَلِكَ لِعُلَمَائِهِمْ : أَيْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِكُمْ كَذَلِكَ كِتَابُكُمْ ؛ لِأَنَّ تَكْذِيبَكُمْ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوجِبُ تَكْذِيبَكُمْ بِكِتَابِكُمْ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَيَانُ تَغْلِيظِ كُفْرِهِمْ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَاهَدُوا الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى صِدْقِهِ عَرَفُوا الْبِشَارَاتِ الْوَارِدَةَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بِمَقْدَمِهِ ، فَكَانَ كُفْرُهُمْ أَشَدَّ مِنْ كُفْرِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إِلَّا نَوْعًا وَاحِدًا مِنَ الدَّلِيلِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30523_28675_30558_30539_32424وَالسَّابِقُ إِلَى الْكُفْرِ يَكُونُ أَعْظَمَ ذَنْبًا مِمَّنْ بَعْدَهُ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011468مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا " فَلَمَّا كَانَ كَفْرُهُمْ عَظِيمًا وَكُفْرُ مَنْ كَانَ سَابِقًا فِي الْكُفْرِ عَظِيمًا فَقَدِ اشْتَرَكَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَصَحَّ إِطْلَاقُ اسْمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ .
وَسَادِسُهَا : الْمَعْنَى وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ مَعَ الْمَعْرِفَةِ ؛ لِأَنَّ كُفْرَ
قُرَيْشٍ كَانَ مَعَ الْجَهْلِ لَا مَعَ الْمَعْرِفَةِ .
وَسَابِعُهَا : أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ مِنَ
الْيَهُودِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ وَبِهَا
قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ فَكَفَرُوا بِهِ ، ثُمَّ تَتَابَعَتْ سَائِرُ
الْيَهُودِ عَلَى ذَلِكَ الْكُفْرِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ : أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=47وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 47 ] أَيْ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهِمْ .
وَثَامِنُهَا : وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ عِنْدَ سَمَاعِكُمْ بِذِكْرِهِ بَلْ تَثَبَّتُوا فِيهِ وَرَاجِعُوا عُقُولَكُمْ فِيهِ .
وَتَاسِعُهَا : أَنَّ لَفْظَ : " أَوَّلَ " صِلَةٌ وَالْمَعْنَى وَلَا تَكُونُوا كَافِرِينَ بِهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُمِ الْكُفْرُ إِذْ لَمْ يَكُونُوا أَوَّلًا ، وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذِكْرِ تِلْكَ الشَّيْءِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ) دَلَالَةً عَلَى أَنَّ كُفْرَهُمْ أَوَّلًا وَآخِرًا مَحْظُورٌ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ) [ الرَّعْدِ : 2 ] لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ عَمَدٍ لَا يَرَوْنَهَا . وَقَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) [ النِّسَاءِ : 155 ] لَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ بِحَقٍّ .
وَقَوْلُهُ : عَقِيبَ هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ) لَا يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ الْكَثِيرِ ، فَكَذَا هَهُنَا ، بَلِ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ السِّيَاقَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=32424_32423اسْتِعْظَامُ وُقُوعِ الْجَحْدِ وَالْإِنْكَارِ مِمَّنْ قَرَأَ فِي الْكُتُبِ نَعْتَ رَسُولِ [ ص: 40 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَتَهُ .
وَرَابِعُهَا : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : هَذَا الْكَلَامُ خِطَابٌ لِقَوْمٍ خُوطِبُوا بِهِ قَبْلَ غَيْرِهِمْ ، فَقِيلَ لَهُمْ : لَا تَكْفُرُوا
بِمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدَكُمُ الْكُفَّارُ فَلَا تَكُونُوا أَنْتُمْ أَوَّلَ الْكُفَّارِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَوَّلِيَّةَ مُوجِبَةٌ لِمَزِيدِ الْإِثْمِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِذَا سَبَقُوا إِلَى الْكُفْرِ فَإِمَّا أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ غَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ الْكُفْرِ أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ ؛ فَإِنِ اقْتَدَى بِهِمْ غَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ الْكُفْرِ كَانَ لَهُمْ وِزْرُ ذَلِكَ الْكُفْرِ وَوِزْرُ كُلِّ مَنْ كَفَرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِمْ غَيْرُهُمُ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ أَمْرَانِ :
أَحَدُهُمَا : السَّبْقُ إِلَى الْكُفْرِ .
وَالثَّانِي : التَّفَرُّدُ بِهِ ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ مَنْقَصَةٌ عَظِيمَةٌ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30554قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ) فَقَدْ بَيَّنَّا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ) [ الْبَقَرَةِ : 16 ] ، أَنَّ الِاشْتِرَاءَ يُوضَعُ مَوْضِعَ الِاسْتِبْدَالِ ، فَكَذَا الثَّمَنُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْبَدَلِ عَنِ الشَّيْءِ وَالْعِوَضِ عَنْهُ ، فَإِذَا اخْتِيرَ عَلَى ثَوَابِ اللَّهِ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَقَدْ جُعِلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ ثَمَنًا عِنْدَ فَاعِلِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّ رُؤَسَاءَ الْيَهُودِ مِثْلَ
كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ nindex.php?page=showalam&ids=2207وَحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَأَمْثَالَهُمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ فُقَرَاءِ الْيَهُودِ الْهَدَايَا ، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ لَوِ اتَّبَعُوا
مُحَمَّدًا لَانْقَطَعَتْ عَنْهُمْ تِلْكَ الْهَدَايَا ، فَأَصَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ ؛ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُحَقَّرُ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدِّينِ قَلِيلَةٌ جِدًّا فَنِسْبَتُهَا إِلَيْهِ نِسْبَةُ الْمُتَنَاهِي إِلَى غَيْرِ الْمُتَنَاهِي ، ثُمَّ تِلْكَ الْهَدَايَا كَانَتْ فِي نِهَايَةِ الْقِلَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدُّنْيَا ، فَالْقَلِيلُ جِدًّا مِنَ الْقَلِيلِ جِدًّا أَيُّ نِسْبَةٍ لَهُ إِلَى الْكَثِيرِ الَّذِي لَا يَتَنَاهَى ؟ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِمْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، بَلْ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ عُلَمَاءَهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الرُّشَا عَلَى كِتْمَانِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْرِيفِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ التَّوْرَاةِ كَانَ الْكَلَامُ أَبْيَنَ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ) فَيَقْرُبُ مَعْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْبَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْخَوْفِ ، وَأَمَّا الِاتِّقَاءُ فَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْجَزْمِ بِحُصُولِ مَا يُتَّقَى مِنْهُ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهَمْ بِالرَّهْبَةِ لِأَجْلِ أَنَّ جَوَازَ الْعِقَابِ قَائِمٌ ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالتَّقْوَى ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْعِقَابِ قَائِمٌ .