الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( فلا يخفف عنهم العذاب ) ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في دخول الفاء في قوله : ( فلا يخفف ) قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : العطف على ( اشتروا ) والقول الآخر بمعنى جواب الأمر ، كقولك أولئك الضلال انتبه فلا خير فيهم ، والأول أوجه لأنه لا حاجة فيه إلى الإضمار .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : بعضهم حمل التخفيف على أنه لا ينقطع بل يدوم ، لأنه لو انقطع لكان قد خف ، وحمله آخرون على شدته لا على دوامه والأولى أن يقال : إن العذاب قد يخف بالانقطاع وقد يخف بالقلة في [ ص: 160 ] كل وقت أو في بعض الأوقات ، فإذا وصف تعالى عذابهم بأنه لا يخفف اقتضى ذلك نفي جميع ما ذكرناه .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( ولا هم ينصرون ) ففيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأكثرون حملوه على نفي النصرة في الآخرة يعني أن أحدا لا يدفع هذا العذاب عنهم ولا هم ينصرون على من يريد عذابهم ، ومنهم من حمله على نفي النصرة في الدنيا ، والأول أولى لأنه تعالى جعل ذلك جزاء على صنيعهم ، ولذلك قال : ( فلا يخفف عنهم العذاب ) وهذه الصفة لا تليق إلا بالآخرة ، لأن عذاب الدنيا وإن حصل فيصير كالحدود التي تقام على المقصر ولأن الكفار قد يصيرون غالبين للمؤمنين في بعض الأوقات .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية