الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نـزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون

                                                                                                                                                                                                                                      16 - ألم يأن ؛ من "أنى الأمر؛ يأنى"؛ إذا جاء إناه؛ أي: وقته؛ قيل: كانوا مجدبين بمكة؛ فلما هاجروا أصابوا الرزق؛ والنعمة؛ ففتروا عما كانوا عليه؛ فنزلت؛ وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين"؛ وعن أبي بكر - رضي الله عنه -: أن هذه الآية قرئت بين يديه؛ وعنده قوم من أهل اليمامة؛ فبكوا بكاء شديدا؛ فنظر إليهم؛ فقال: "هكذا كنا حتى قست القلوب"؛ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نـزل من الحق ؛ القرآن؛ لأنه جامع للأمرين؛ للذكر؛ والموعظة؛ وأنه حق؛ نازل من السماء؛ "ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل"؛ القراءة بالياء؛ عطف على "تخشع"؛ وبالتاء "ورش"؛ على الالتفات؛ ويجوز أن يكون نهيا لهم عن مماثلة أهل الكتاب في قسوة القلوب؛ بعد أن وبخوا؛ وذلك أن بني إسرائيل كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم؛ وإذا سمعوا التوراة [ ص: 438 ] والإنجيل خشعوا لله؛ ورقت قلوبهم؛ فلما طال عليهم الزمان غلبهم الجفاء؛ والقسوة؛ واختلفوا؛ وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف؛ وغيره؛ فطال عليهم الأمد ؛ الأجل والزمان؛ فقست قلوبهم ؛ باتباع الشهوات؛ وكثير منهم فاسقون ؛ خارجون عن دينهم؛ رافضون لما في الكتابين؛ أي: وقليل منهم مؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية