[ ص: 189 ] من ]
nindex.php?page=treesubj&link=20937من : لابتداء الغاية ، وهي مناظرة ل " إلى " في الانتهاء ، والغاية إما مكانا نحو {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108من أول يوم } وعلامتها : أن تصلح أن تقارنها " إلى " لفظا نحو من
المسجد الحرام ، أو معنى نحو فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وزيد أفضل من عمرو ، واتفق النحاة على كونها لابتداء غاية المكان ، واختلفوا في الزمان . فقال :
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : إنها لا تكون له ، فقال : وأما " من " فتكون لابتداء الغاية في الأماكن وأما " منذ " فتكون للابتداء في الأزمان والأحيان ، ولا تدخل واحدة منهما على صاحبتها ، واختاره جمهور
البصريين .
وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في موضع آخر يقتضي أنها تكون لابتداء الغاية في الزمان ، فإنه قال في باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره بعد حرف : ومن ذلك قول بعض
العرب :
من لد شولا فإلى إتلائها
نصب ; لأنه أراد زمانا ، والشول لا يكون زمانا ولا مكانا ، فيجوز فيها الجر نحو من لدن صلاة العصر إلى وقت كذا ، فلما أراد الزمان حمل الشول على ما يحسن أن يكون زمانا إذا عمل في الشول ، كأنك قلت :
[ ص: 190 ] من لدن كانت شولا . هذا نصه . وهو يقتضي أن تكون لابتداء غاية الزمان . وبه قال
الكوفيون والأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد nindex.php?page=showalam&ids=13145وابن درستويه وابن مالك وجعلوا منه قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4لله الأمر من قبل ومن بعد } وآيات كثيرة . ولما كثرت ارتاب
الفارسي ، وقال : ينبغي أن ينظر فيما جاء من هذا فإن كثر قيس عليه ، وإلا تؤول . قال
ابن عصفور : والصحيح أنه لم يكثر كثرة توجب القياس بل لم يجز إلا هذا فلذلك تؤول جميعه على حذف مضاف " أي " من تأسيس أول يوم انتهى .
وهو مردود بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } وفي الحديث : {
من العصر إلى غروب الشمس } وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في قصة الإفك ( ولم يجلس عندي من يوم قيل لي ما قيل ) ، وهو كثير ، ومع الكثرة فلا حاجة إلى الإضمار ; لأنه خلاف الأصل . ومن جهة المعنى فالقياس على " إلى " فإنها لانتهاء الغاية زمانا ومكانا ، و " من " مقابلتها فتكون لابتداء الغاية . وذكر
الشيخ عز الدين أنها حقيقة في ابتداء غاية الأمكنة ويتجوز بها عن ابتداء غاية الأزمنة وهو حسن يجمع به بين القولين . وذكر
السكاكي في " المفتاح " في الكلام على الاستعارة التبعية أن قولهم في " من " : لابتداء الغاية المراد به أن متعلق معناها ابتداء الغاية لا أن معناها
[ ص: 191 ] ابتداء الغاية ; إذ لو كانت كذلك للزم أن تكون اسما ; لأنه لا يدل على الاسم إلا اسم ، وهو عجيب . [ تبيين الجنس ] وتكون لتبيين الجنس ، وضابطها : أن يتقدمها عام ، ويتأخر عنها خاص ، كقولك : ثوب من صوف ، وخاتم من حديد ، وعليه حمل قول صاحب " الكتاب " هذا باب علم ما الكلم من العربية ; لأن الكلم كما تكون عربية تكون غير عربية ، ومنهم من رد هذا القسم إلى التبعيض . [ التبعيض ] وتجيء للتبعيض نحو {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253منهم من كلم الله } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=78منهم من قصصنا عليك } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92حتى تنفقوا مما تحبون } . وضابطها : أن يصلح فيه بعض مضافا إلى البعض ، ومثله شربت من الماء .
وحكى
ابن الدهان عن بعضهم اشتراط كون البعض أكثر من النصف محتجا بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون } والصحيح : أنه لا يلزم ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=78منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك } فإن كان أحد
[ ص: 192 ] القسمين أكثر من الآخر بطل الشرط ، وإن تساويا فكذلك ، ومنه زيد أفضل من عمرو ; لأنك تريد تفضيله على بعض ولا يعم ، ولو كانت هنا للابتداء لاقتضى ذلك انتهاء ما بينهما . وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : لابتداء الغاية أي غاية التفضيل ; لأن عمرا هو الموضع الذي ابتدئ منه فضل زيد في الزيادة ، وكذا قال في التبعيض ، وتبعه
الجرجاني . وقال اختلفوا في أنها حقيقة في ماذا من هذه الاستعمالات ؟ على أقوال : أحدها : أن أصلها ابتداء الغاية ، والباقي راجع إليها ، وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء في " شرح الإيضاح " عن
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد . ومعناه في التبعيض أن ابتداء أخذك كان من المال ، وقطع به
nindex.php?page=showalam&ids=13990عبد القاهر الجرجاني ، وقال : لا تنفك " من " عن ابتداء الغاية ، وإنما يعرف التبعيض وبيان الجنس بقرينة ، وهذا أولى من الاشتراك اللفظي ومن المجاز . وإليه يشير كلام صاحب " المفصل " أيضا ، وحكاه
ابن العربي في " المحصول " عن " شرح
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه "
لابن السراج .
ثم قال : وهو صحيح فإن كل تبعيض ابتداء غاية ، وليس كل ابتداء غاية تبعيضا ، وجرى عليه
إلكيا الهراسي ، وأنكر مجيئها للتبعيض . قال : وإنما وضعت للابتداء عكس " إلى " ، ورد بعضهم التبيين إلى ذلك ، فقال في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فاجتنبوا الرجس من الأوثان } : إن المراد ابتداء اجتنابهم الرجس من الأوثان . وأجاب الجمهور بأن معنى الابتداء مغمور في بعض المواضع ، وغير مقصود ، وفي بعضها لا يجيء إلا بتمحل .
[ ص: 193 ] والثاني : أنها حقيقة في التبيين ورد الباقي إليه فإنه قدر مشترك بين الجميع ، فإن قولك : سرت من الدار إلى السوق بينت مبدأ السير وكذا الباقي ، وقال في " المحصول " : إنه الحق . الثالث : أن أصل وضعها للتبعيض دفعا للاشتراك ، وهو ضعيف لإطباق أئمة اللغة على أنها لابتداء الغاية . والرابع : ونقله
ابن السمعاني عن الفقهاء أنها للتبعيض والغاية جميعا ، وكل واحد في موضعه حقيقة ، وأما قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } فقالت الحنفية : " من " لابتداء الغاية حتى لا يجب أن يعلق التراب باليد ، بل الواجب ابتداء الغاية من الأرض ، ولا يجب عليه نقل بعض أجزاء الأرض حتى لو مسح بيده على الصخرة الصماء والحجر الصلد يكفيه ذلك ; لأنه قد ابتدأ بالأرض ، ولو مسح على حيوان أو الثياب لا يكفيه .
وعندنا أنه للتبعيض حتى يجب أن يعلق التراب باليدين ، وحمله على ابتداء الغاية لا يصح ; لأن من شأنه أنه لا يتعلق به الفعل كقولك : هذا المكان من فلان إلى فلان ، وهاهنا الفعل متعلق به . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } . ومن جعل ابتداء الغاية ، والمسح من الآية متعلق بالصعيد فلا يصح حمل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6منه } على أنه لابتداء الغاية ، وممن حكى الخلاف في هذه الآية هكذا صاحب " المصادر "
وابن برهان في " الأوسط "
وإلكيا الهراسي ومنهم من أضاف إليها معنى آخر ، وهو انتهاء الغاية ومثل بقولهم : رأيت من داري الهلال من ذلك السحاب . قال :
ابن دقيق العيد : وليس بقوي انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : تقول : رأيته من ذلك الموضع فجعلت غايته لرؤيتك . أي : محلا للابتداء والانتهاء .
[ ص: 189 ] مِنْ ]
nindex.php?page=treesubj&link=20937مِنْ : لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَهِيَ مُنَاظِرَةٌ لِ " إلَى " فِي الِانْتِهَاءِ ، وَالْغَايَةُ إمَّا مَكَانًا نَحْوُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } وَعَلَامَتُهَا : أَنْ تَصْلُحَ أَنْ تُقَارِنَهَا " إلَى " لَفْظًا نَحْوُ مِنْ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، أَوْ مَعْنًى نَحْوُ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، وَزَيْدٌ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو ، وَاتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى كَوْنِهَا لِابْتِدَاءِ غَايَةِ الْمَكَانِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّمَانِ . فَقَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : إنَّهَا لَا تَكُونُ لَهُ ، فَقَالَ : وَأَمَّا " مِنْ " فَتَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الْأَمَاكِنِ وَأَمَّا " مُنْذُ " فَتَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ فِي الْأَزْمَانِ وَالْأَحْيَانِ ، وَلَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبَتِهَا ، وَاخْتَارَهُ جُمْهُورُ
الْبَصْرِيِّينَ .
وَكَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فِي الزَّمَانِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَا يُضْمَرُ فِيهِ الْفِعْلُ الْمُسْتَعْمَلُ إظْهَارُهُ بَعْدَ حَرْفٍ : وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ
الْعَرَبِ :
مِنْ لَدٌّ شَوْلًا فَإِلَى إتْلَائِهَا
نَصَبَ ; لِأَنَّهُ أَرَادَ زَمَانًا ، وَالشَّوْلُ لَا يَكُونُ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا ، فَيَجُوزُ فِيهَا الْجَرُّ نَحْوُ مِنْ لَدُنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ كَذَا ، فَلَمَّا أَرَادَ الزَّمَانَ حُمِلَ الشَّوْلُ عَلَى مَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ زَمَانًا إذَا عَمِلَ فِي الشَّوْلِ ، كَأَنَّك قُلْت :
[ ص: 190 ] مِنْ لَدُنْ كَانَتْ شَوْلًا . هَذَا نَصُّهُ . وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ لِابْتِدَاءِ غَايَةِ الزَّمَانِ . وَبِهِ قَالَ
الْكُوفِيُّونَ وَالْأَخْفَشُ nindex.php?page=showalam&ids=15153وَالْمُبَرِّدُ nindex.php?page=showalam&ids=13145وَابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ وَابْنُ مَالِكٍ وَجَعَلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ } وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ . وَلَمَّا كَثُرَتْ ارْتَابَ
الْفَارِسِيُّ ، وَقَالَ : يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِيمَا جَاءَ مِنْ هَذَا فَإِنْ كَثُرَ قِيسَ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا تُؤَوَّلُ . قَالَ
ابْنُ عُصْفُورٍ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تُوجِبُ الْقِيَاسَ بَلْ لَمْ يَجُزْ إلَّا هَذَا فَلِذَلِكَ تُؤَوَّلُ جَمِيعُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ " أَيْ " مِنْ تَأْسِيسِ أَوَّلِ يَوْمٍ انْتَهَى .
وَهُوَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ } وَفِي الْحَدِيثِ : {
مِنْ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ } وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ ( وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ لِي مَا قِيلَ ) ، وَهُوَ كَثِيرٌ ، وَمَعَ الْكَثْرَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِضْمَارِ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ . وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَالْقِيَاسُ عَلَى " إلَى " فَإِنَّهَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ زَمَانًا وَمَكَانًا ، وَ " مِنْ " مُقَابَلَتِهَا فَتَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ . وَذَكَرَ
الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي ابْتِدَاءِ غَايَةِ الْأَمْكِنَةِ وَيَتَجَوَّزُ بِهَا عَنْ ابْتِدَاءِ غَايَةِ الْأَزْمِنَةِ وَهُوَ حَسَنٌ يُجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ . وَذَكَرَ
السَّكَّاكِيُّ فِي " الْمِفْتَاحِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي " مِنْ " : لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ مُتَعَلِّقَ مَعْنَاهَا ابْتِدَاءً الْغَايَةُ لَا أَنَّ مَعْنَاهَا
[ ص: 191 ] ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ ; إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ اسْمًا ; لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْمِ إلَّا اسْمٌ ، وَهُوَ عَجِيبٌ . [ تَبْيِينُ الْجِنْسِ ] وَتَكُونُ لِتَبْيِينِ الْجِنْسِ ، وَضَابِطُهَا : أَنْ يَتَقَدَّمَهَا عَامٌّ ، وَيَتَأَخَّرَ عَنْهَا خَاصٌّ ، كَقَوْلِك : ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ ، وَخَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ صَاحِبِ " الْكِتَابِ " هَذَا بَابُ عِلْمِ مَا الْكَلِمُ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ ; لِأَنَّ الْكَلِمَ كَمَا تَكُونُ عَرَبِيَّةً تَكُونُ غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ هَذَا الْقِسْمَ إلَى التَّبْعِيضِ . [ التَّبْعِيضُ ] وَتَجِيءُ لِلتَّبْعِيضِ نَحْوُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=78مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْك } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=92حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } . وَضَابِطُهَا : أَنْ يَصْلُحَ فِيهِ بَعْضٌ مُضَافًا إلَى الْبَعْضِ ، وَمِثْلُهُ شَرِبْت مِنْ الْمَاءِ .
وَحَكَى
ابْنُ الدَّهَّانِ عَنْ بَعْضِهِمْ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْبَعْضِ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ } وَالصَّحِيحُ : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=78مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْك وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْك } فَإِنْ كَانَ أَحَدُ
[ ص: 192 ] الْقِسْمَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بَطَلَ الشَّرْطُ ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَكَذَلِكَ ، وَمِنْهُ زَيْدٌ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو ; لِأَنَّك تُرِيدُ تَفْضِيلَهُ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يَعُمُّ ، وَلَوْ كَانَتْ هُنَا لِلِابْتِدَاءِ لَاقْتَضَى ذَلِكَ انْتِهَاءَ مَا بَيْنَهُمَا . وَقَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ غَايَةِ التَّفْضِيلِ ; لِأَنَّ عَمْرًا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اُبْتُدِئَ مِنْهُ فَضْلُ زَيْدٍ فِي الزِّيَادَةِ ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْعِيضِ ، وَتَبِعَهُ
الْجُرْجَانِيُّ . وَقَالَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي مَاذَا مِنْ هَذِهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ ؟ عَلَى أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ أَصْلَهَا ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ ، وَالْبَاقِي رَاجِعٌ إلَيْهَا ، وَحَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ فِي " شَرْحِ الْإِيضَاحِ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ . وَمَعْنَاهُ فِي التَّبْعِيضِ أَنَّ ابْتِدَاءَ أَخْذِك كَانَ مِنْ الْمَالِ ، وَقَطَعَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13990عَبْدُ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ ، وَقَالَ : لَا تَنْفَكُّ " مِنْ " عَنْ ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ التَّبْعِيضُ وَبَيَانُ الْجِنْسِ بِقَرِينَةٍ ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَمِنْ الْمَجَازِ . وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ صَاحِبِ " الْمُفَصَّلِ " أَيْضًا ، وَحَكَاهُ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي " الْمَحْصُولِ " عَنْ " شَرْحِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ "
لِابْنِ السَّرَّاجِ .
ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ كُلَّ تَبْعِيضٍ ابْتِدَاءُ غَايَةٍ ، وَلَيْسَ كُلُّ ابْتِدَاءِ غَايَةٍ تَبْعِيضًا ، وَجَرَى عَلَيْهِ
إلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ ، وَأَنْكَرَ مَجِيئَهَا لِلتَّبْعِيضِ . قَالَ : وَإِنَّمَا وُضِعَتْ لِلِابْتِدَاءِ عَكْسُ " إلَى " ، وَرَدَّ بَعْضُهُمْ التَّبْيِينَ إلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ } : إنَّ الْمُرَادَ ابْتِدَاءُ اجْتِنَابِهِمْ الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ . وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ مَعْنَى الِابْتِدَاءِ مَغْمُورٌ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ، وَغَيْرُ مَقْصُودٍ ، وَفِي بَعْضِهَا لَا يَجِيءُ إلَّا بِتَمَحُّلٍ .
[ ص: 193 ] وَالثَّانِي : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي التَّبْيِينِ وَرُدَّ الْبَاقِي إلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ ، فَإِنَّ قَوْلَك : سِرْت مِنْ الدَّارِ إلَى السُّوقِ بَيَّنَتْ مَبْدَأَ السَّيْرِ وَكَذَا الْبَاقِي ، وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ " : إنَّهُ الْحَقُّ . الثَّالِثُ : أَنَّ أَصْلَ وَضْعِهَا لِلتَّبْعِيضِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِإِطْبَاقِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ . وَالرَّابِعُ : وَنَقَلَهُ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ وَالْغَايَةِ جَمِيعًا ، وَكُلُّ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعِهِ حَقِيقَةٌ ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } فَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ : " مِنْ " لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ أَنْ يَعْلَقَ التُّرَابُ بِالْيَدِ ، بَلْ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ مِنْ الْأَرْضِ ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْلُ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ حَتَّى لَوْ مَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ وَالْحَجَرِ الصَّلْدِ يَكْفِيهِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ ابْتَدَأَ بِالْأَرْضِ ، وَلَوْ مَسَحَ عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ الثِّيَابِ لَا يَكْفِيهِ .
وَعِنْدَنَا أَنَّهُ لِلتَّبْعِيضِ حَتَّى يَجِبَ أَنْ يَعْلَقَ التُّرَابُ بِالْيَدَيْنِ ، وَحَمْلُهُ عَلَى ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفِعْلُ كَقَوْلِك : هَذَا الْمَكَانُ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ ، وَهَاهُنَا الْفِعْلُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } . وَمَنْ جَعَلَ ابْتِدَاءَ الْغَايَةِ ، وَالْمَسْحُ مِنْ الْآيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّعِيدِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6مِنْهُ } عَلَى أَنَّهُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَكَذَا صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ "
وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ "
وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ أَضَافَ إلَيْهَا مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ انْتِهَاءُ الْغَايَةِ وَمُثِّلَ بِقَوْلِهِمْ : رَأَيْتُ مِنْ دَارِي الْهِلَالَ مِنْ ذَلِكَ السَّحَابِ . قَالَ :
ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : تَقُولُ : رَأَيْته مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَجُعِلَتْ غَايَتُهُ لِرُؤْيَتِك . أَيْ : مَحَلًّا لِلِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ .