الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      ومنها : أن الحقيقة تؤكد بالمصدر وبأسماء التوكيد بخلاف المجاز ، فإنه لا يوكد بشيء من ذلك ، ذكره القرطبي وتمدح بذكره ، وقال : هو من الفروق المغفول عنها . قلت : قد ذكره القاضي عبد الوهاب في " الملخص " قال ، فلا يقولون : أراد الجدار إرادة ولا قالت الشمس وطلعت قولا ، وكذلك ورود الكلام في الشرع ; لأنه على طريقة أهل اللغة . قال : ولهذا كان قوله تعالى : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } حقيقة لا على معنى التكوين كما يقوله المعتزلة من حيث أكده بالمصدر ، وكذلك قوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليما } يفيد الحقيقة ، وأنه أسمعه كلامه وكلمه بنفسه لا كلاما قام بغيره . ا هـ .

                                                      وقد سبق أن التأكيد بالمصدر إنما يرفع التجوز عن الحديث لا عن المحدث عنه ، فليس فيه حجة تكليمه بنفسه ، ولك أن تورد مثل قول الشاعر :

                                                      [ ص: 124 ]

                                                      بكى الحر من روح وأنكر جلده وعجت عجيجا من جذام المطارق

                                                      ويجاب عنه بأنه قصد فيه المبالغة بإجرائه مجرى الحقيقة فأكده . وذكر بعض أئمة النحويين أنه لم يأت تأكيد المجاز إلا في هذا البيت الواحد ، وأوله على أن المعنى عجت لو كانت غافلة . قلت : وأنشد ابن برهان :

                                                      قرعت طنابيب الهوى يوم عالج     ويوم اللوى حتى قسرت الهوى قسرا

                                                      وقال : فيه حجة على أن التأكيد بالمصدر لا يرفع المجاز .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية