الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون

                                                                                                                                                                                                                                      4 - والخطاب في وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ؛ لرسول الله؛ أو لكل من يخاطب؛ وإن يقولوا تسمع لقولهم ؛ كان ابن أبي رجلا جسيما؛ صبيحا؛ واضحا؛ وقوم من المنافقين في مثل صفته؛ فكانوا يحضرون مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيستندون فيه؛ ولهم جهارة المناظر؛ وفصاحة الألسن؛ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومن حضر؛ يعجبون بهياكلهم؛ ويسمعون إلى كلامهم؛ وموضع كأنهم خشب ؛ رفع؛ على : "هم كأنهم خشب"؛ أو هو كلام مستأنف؛ لا محل له؛ مسندة ؛ إلى الحائط؛ شبهوا في استنادهم - وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان؛ والخير - بالخشب المسندة على الحائط؛ لأن الخشب إذا انتفع به؛ كان في سقف؛ أو جدار؛ أو غيرها من مظان الانتفاع؛ وما دام متروكا غير منتفع به؛ أسند على الحائط؛ فشبهوا به في عدم الانتفاع؛ أو لأنهم أشباح بلا أرواح؛ وأجسام بلا أحلام؛ "خشب"؛ " أبو عمرو؛ غير عباس وعلي "؛ جمع "خشبة"؛ كـ "بدنة"؛ و"بدن"؛ و"خشب"؛ كـ "ثمرة"؛ و"ثمر"؛ يحسبون كل صيحة عليهم ؛ "كل صيحة"؛ مفعول أول؛ والمفعول الثاني "عليهم"؛ وتم الكلام؛ أي: "يحسبون كل صيحة واقعة عليهم؛ وضارة لهم؛ لجبنهم ورعبهم"؛ يعني: إذا نادى مناد في العسكر؛ أو انفلتت دابة وأنشدت ضالة؛ ظنوه إيقاعا بهم؛ ثم قال: هم العدو ؛ أي: هم الكاملون في العداوة؛ لأن أعدى الأعداء العدو المداجي؛ الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء [ ص: 486 ] الدوي؛ فاحذرهم ؛ ولا تغترر بظواهرهم؛ قاتلهم الله ؛ دعاء عليهم؛ أو تعليم للمؤمنين؛ أن يدعوا عليهم بذلك؛ أنى يؤفكون ؛ كيف يعدلون عن الحق؟! تعجبا من جهلهم؛ وضلالتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية