الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2684 حدثنا أبو كريب حدثنا خلف بن أيوب العامري عن عوف عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خصلتان لا تجتمعان في منافق حسن سمت ولا فقه في الدين قال أبو عيسى هذا حديث غريب ولا نعرف هذا الحديث من حديث عوف إلا من حديث هذا الشيخ خلف بن أيوب العامري ولم أر أحدا يروي عنه غير أبي كريب محمد بن العلاء ولا أدري كيف هو

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا أبو كريب ) اسمه محمد بن العلاء ( حدثنا خلف بن أيوب العامري ) أبو سعيد البلخي فقيه من أهل الرأي ضعفه يحيى بن معين ورمي بالإرجاء ، من التاسعة ، ( عن عوف ) هو ابن أبي جميلة ( عن ابن سيرين ) هو محمد . قوله : ( خصلتان لا تجتمعان في منافق ) بأن تكون فيه واحدة دون الأخرى أو لا يكونا فيه بأن لا توجد واحدة منهما فيه ، وإنما عبر بالاجتماع تحريضا للمؤمنين على جمعهما وزجرا لهم عن الاتصاف بأحدهما . والمنافق إما حقيقي وهو النفاق الاعتقادي أو مجازي وهو المرائي وهو النفاق العملي ( حسن سمت ) أي خلق وسيرة وطريقة . قال الطيبي : هو التزي بزي الصالحين . وقال ميرك : السمت بمعنى الطريق أعني المقصد وقيل المراد هيئة أهل الخير والأحسن ما قاله ابن حجر أنه تحري طرق الخير والتزي بزي الصالحين مع التنزه عن المعائب الظاهرة والباطنة ( ولا فقه في الدين ) عطف بلا ؛ لأن حسن سمت في سياق النفي فلا لتأكيد النفي المساق . قال التوربشتي : حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب ثم ظهر على اللسان فأفاد العمل وأورث الخشية والتقوى ، وأما الذي يتدارس أبوابا منه ليتعزز به ويتأكل به فإنه بمعزل عن الرتبة العظمى ؛ لأن الفقه تعلق بلسانه دون قلبه ؛ ولهذا قال علي كرم الله وجهه : ولكني أخشى عليكم كل منافق عليم اللسان . قيل : ليس المراد أن إحداهما قد يحصل دون الأخرى بل هو تحريض للمؤمنين على الاتصاف بهما والاجتناب عن أضدادهما ، فإن المنافق من يكون عاريا منهما وهو من باب التغليظ ونحوه قوله تعالى : وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة إذ فيه حث على أدائها وتخويف من المنع حيث جعله من أوصاف المشركين كذا قاله الطيبي .

                                                                                                          [ ص: 379 ] قوله : ( هذا حديث غريب ) وهو ضعيف لضعف خلف بن أيوب ( ولا أدري كيف هو ) أي كيف حال خلف بن أيوب . قال الحافظ في تهذيب التهذيب : وقد ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور وأطال ترجمته وقال فيه : فقيه أهل بلخ وزاهدهم تفقه بأبي يوسف وابن أبي ليلى وأخذ الزهد عن إبراهيم بن أدهم ، روى عنه يحيى بن معين وذكر جماعة قال : وكان قدومه إلى نيسابور سنة 203 وتوفي في شهر رمضان سنة 215 ، وقال العقيلي عن أحمد : حدث عن عوف وقيس بمناكير وكان مرجئا ، وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ضعيف ، وقال الخليلي صدوق مشهور كان يوصف بالستر والصلاح والزهد ، وكان فقيها على رأي الكوفيين ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال : كان مرجئا غاليا أستحب مجانبة حديثه لتعصبه ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية