الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في أخذ الجزية من المجوس

                                                                      3042 حدثنا أحمد بن سنان الواسطي حدثنا محمد بن بلال عن عمران القطان عن أبي جمرة عن ابن عباس قال إن أهل فارس لما مات نبيهم كتب لهم إبليس المجوسية

                                                                      التالي السابق


                                                                      أي عبدة النار .

                                                                      ( عن أبي جمرة ) : بالجيم والراء هو نصر بن عمران ( كتب لهم إبليس المجوسية ) : أي جعل إبليس المجوسية مكان دين نبيهم فصاروا مجوسا بإغواء إبليس لهم بعد أن كانوا على دين نبيهم .

                                                                      ثم اعلم أنه قال الشافعي : الجزية تقبل من أهل الكتاب ولا تؤخذ عن أهل الأوثان ، لقوله تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .

                                                                      قال البيهقي في الخلافيات : لا يقبل الجزية من أهل الأوثان . قال الله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ثم استثنى أهل الكتاب بقوله : حتى يعطوا الجزية . انتهى .

                                                                      وقال أكثر الأئمة : تخصيص أهل الكتاب بأداء الجزية لا ينفي الحكم عن غيرهم وأن الوثني العربي والوثني العجمي لا يتحتم قتلهما بل يجوز استرقاقهما فلم يتناولهما قوله تعالى : فاقتلوا المشركين .

                                                                      وأما المجوس فقال بعض الأئمة منهم الشافعي إنه من أهل الكتاب ، ويدل عليه أثر ابن عباس الذي في الباب وكذا أثر علي رضي الله عنه عند الشافعي في مسنده ، وكذا أثر زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عوف عند ابن أبي عاصم لكن سندهما ضعيف . [ ص: 226 ] وبوب البيهقي في السنن الكبرى فقال : باب المجوس أهل الكتاب والجزية تؤخذ منهم ، ثم أورد أثر علي رضي الله عنه هذا .

                                                                      ومنهم من ذهب إلى أن المجوس ليس من أهل الكتاب ، واستدل بما رواه مالك في الموطأ والبزار في مسنده من جهته أن عمر ذكر المجوسي فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب .

                                                                      قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد شرح الموطأ في قوله عليه السلام في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب يعني في الجزية دليل على أنهم ليسوا أهل كتاب ، وعلى ذلك جمهور الفقهاء .

                                                                      وقد روي عن الشافعي أنهم كانوا أهل كتاب فبدلوا ، وأظنه ذهب في ذلك إلى شيء روي عن علي من وجه فيه ضعف يدور على أبي سعيد البقال ، ثم ذكر أثر علي رضي الله عنه ثم قال وأكثر أهل العلم يأبون ذلك ولا يصححون هذا الأثر ، والحجة لهم قوله تعالى : أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا يعني اليهود والنصارى وقوله تعالى : يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده .

                                                                      وقال تعالى : يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل فدل على أن أهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل اليهود والنصارى لا غير .

                                                                      وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : المجوس أهل كتاب ؟ قال لا .

                                                                      وقال أيضا : أنبأنا معمر قال سمعت الزهري سئل أتؤخذ الجزية ممن ليس من أهل الكتاب ؟ قال نعم ، أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل البحرين ، وعمر من أهل السواد ، وعثمان من بربر . انتهى والحديث سكت عنه المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية