(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28975من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ) ظاهره الانقطاع في الإعراب عن ما قبله ، فيكون على حذف موصوف هو مبتدأ ، ومن الذين خبره ، والتقدير : من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم ، وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ،
وأبي علي ، وحذف الموصوف بعد ( من ) - جائز ، وإن كانت الصفة فعلا كقولهم : منا ظعن ، ومنا أقام أي : منا نفر ظعن ، ومنا نفر أقام . وقال الشاعر :
وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
يريد : فمنهما تارة أموت فيها . وخرجه
الفراء على إضمار من الموصولة أي : من الذين هادوا من يحرفون الكلم ، وهذا عند
البصريين لا يجوز . وتأولوا ما جاء مما يشبه هذا على أنه من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، قال
الفراء : ومثله قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
فظلوا ومنهم دمعه سابق لها وآخر يثني دمعة العين باليد
وهذا لا يتعين أن يكون المحذوف موصولا ، بل يترجح أن يكون موصوفا لعطف النكرة عليه وهو آخر ، إذ يكون التقدير : فظلوا ومنهم عاشق دمعه سابق لها . وقيل : هو على إضمار مبتدأ ، التقدير : هم من الذين هادوا ، ويحرفون حال من ضمير هادوا ، ومن الذين هادوا متعلق بما قبله ، فقيل : بـ نصيرا أي نصيرا من الذين هادوا وعداه بـ ( من ) كما عداه في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77ونصرناه من القوم ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=29فمن ينصرنا من بأس الله ) أي : ( ومنعناه ) و ( فمن يمنعنا ) . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46من الذين هادوا بيان لقوله : بأعدائكم ، وما بينهما اعتراض . وقيل : حال من الفاعل في يريدون ، قاله
أبو البقاء . قال : ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في أوتوا لأن شيئا واحدا لا يكون له أكثر من حال واحدة ، إلا أن يعطف بعض الأحوال على بعض ، ولا يكون حالا من الذين لهذا المعنى انتهى . وما ذكره من أن ذا الحال إذا لم يكن متعددا لا يقتضي أكثر من حال واحدة - مسألة خلاف ، فمن النحويين من أجاز ذلك . وقيل : من الذين هادوا بيان (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) لأنهم يهود ونصارى ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45والله أعلم بأعدائكم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وكفى بالله وليا ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وكفى بالله نصيرا ) جمل توسطت بين البيان والمبين على سبيل الاعتراض قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وبدأ به . ويضعفه أن هذه جمل ثلاث ، وإذا كان
الفارسي قد منع أن يعترض بجملتين ، فأحرى أن يمنع أن يعترض بثلاث .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46يحرفون الكلم أي : كلم التوراة ، وهو قول الجمهور ، أو كلم القرآن ، وهو قول طائفة ، أو كلم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال : كان اليهود يأتون النبي صلى الله عليه وسلم ويسألونه عن الأمر فيخبرهم ، ويرى
[ ص: 263 ] أنهم يأخذون بقوله ، فإذا انصرفوا من عنده حرفوا الكلام . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : إنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم . فتحريف كلم التوراة بتغيير اللفظ ، وهو الأقل لتحريفهم ( أسمر ربعة ) في صفته عليه السلام بـ (
آدم طوال ) مكانه ، وتحريفهم الرجم بالحديد له ، وبتغيير التأويل ، وهو الأكثر قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . وكانوا يتأولون التوراة بغير التأويل الذي تقتضيه معاني ألفاظها لأمور يختارونها ويتوصلون بها إلى أموال سفلتهم ، وأن التحريف في كلم القرآن أو كلم الرسول فلا يكون إلا في التأويل .
وقرئ : يحرفون الكلم بكسر الكاف وسكون اللام ، جمع كلمة تخفيف كلمة . وقرأ
النخعي وأبو رجاء : يحرفون الكلام ، وجاء هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46عن مواضعه . وفي المائدة جاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13عن مواضعه ) وجاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41من بعد مواضعه ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أما (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46عن مواضعه ) فعلى ما فسرنا من إزالته عن مواضعه التي أوجبت حكمة الله وضعه فيها بما اقتضت شهواتهم من إبدال غيره مكانه . وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41من بعد مواضعه ) فالمعنى أنه كانت له مواضع هو قمن بأن يكون فيها ، فحين حرفوه تركوه كالغريب الذي لا موضع له بعد مواضعه ومقاره ، والمعنيان متقاربان . انتهى . والذي يظهر أنهما سياقان ، فحيث وصفوا بشدة التمرد والطغيان ، وإظهار العداوة ، واشترائهم الضلالة ، ونقض الميثاق ، جاء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46يحرفون الكلم عن مواضعه . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ويقولون سمعنا وعصينا ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ) فكأنهم لم يتركوا الكلم من التحريف عن ما يراد بها ، ولم تستقر في مواضعها ، فيكون التحريف بعد استقرارها ، بل بادروا إلى تحريفها بأول وهلة . وحيث وصفوا ببعض لين وترديد وتحكيم للرسول في بعض الأمر ، جاء
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41من بعد مواضعه . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ) وقوله بعد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) فكأنهم لم يبادروا بالتحريف ، بل عرض لهم التحريف بعد استقرار الكلم في مواضعها . وقد يقال أنهما شيئان ، لكنه حذف هنا وفي أول المائدة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41من بعد مواضعه ) ، لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46عن مواضعه يدل على استقرار مواضع له ، وحذف في ثاني المائدة (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13عن مواضعه ) ؛ لأن التحريف من بعد مواضعه يدل على أنه تحريف عن مواضعه ، فالأصل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يحرفون الكلم من بعد مواضعه . فحذف هنا البعدية ، وهناك حذف عنها . كل ذلك توسع في العبارة ، وكانت البداءة هنا بقوله : عن مواضعه ، لأنه أخصر . وفيه تنصيص باللفظ على عن ، وعلى المواضع ، وإشارة إلى البعدية .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ويقولون سمعنا وعصينا ) أي : سمعنا قولك ، وعصينا أمرك ، أو سمعناه جهرا ، وعصيناه سرا قولان . والظاهر أنهم شافهوا بالجملتين النبي صلى الله عليه وسلم مبالغة منهم في عتوهم في الكفر ، وجريا على عادتهم مع الأنبياء . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46واسمع غير مسمع ) هذا الكلام غير موجه ، ويحتمل وجوها . والظاهر أنهم أرادوا به الوجه المكروه لسياق ما قبله من قوله : سمعنا وعصينا ، فيكون معناه : اسمع لا سمعت . دعوا عليه بالموت أو بالصمم ، وأرادوا ذلك في الباطن ، وأرادوا في الظاهر تعظيمه بذلك . إذ يحتمل أن يكون المعنى : واسمع غير مأمور وغير صالح أن تسمع مأمورا بذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه ومعناه : غير مسمع جوابا يوافقك ، فكأنك لم تسمع شيئا انتهى ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو اسمع غير مسمع كلاما ترضاه ، فسمعك عنه ناب . ويجوز على هذا أن يكون غير مسمع مفعول اسمع ، أي : اسمع كلاما غير مسمع إياك ، لأن أذنك لا تعيه نبوا عنه . ويحتمل المدح أي : اسمع غير مسمع مكروها من قولك : أسمع فلان فلانا إذا سبه . قال
ابن عطية : ومن قال : غير مسمع غير مقبول منك ، فإنه لا يساعده التصريف ، وقد حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
الحسن ومجاهد انتهى . ووجه أن التصريف لا يساعد عليه هو
[ ص: 264 ] أن العرب لا تقول أسمعتك بمعنى قبلت منك ، وإنما تقول : سمعت منك بمعنى قبلت ، فيعبرون عن القبول بالسماع على جهة المجاز ، لا بالأسماع . ولو أريد ما قاله
الحسن ومجاهد لكان اللفظ : واسمع غير مسموع منك .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين تقدم تفسير راعنا في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ليا بألسنتهم أي فتلا بها . وتحريفا عن الحق إلى الباطل حيث يضعون راعنا مكان انظرنا ، وغير مسمع مكان لا أسمعت مكروها . أو يفتلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرونه من التوقير نفاقا . وانتصاب
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46غير مسمع على الحال من المضمر في اسمع ، وتقدم إعراب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري إياه مفعولا في أحد التقادير ، وانتصاب ليا وطعنا على المفعول من أجله . وقيل : هما مصدران في موضع الحال أي : لاوين وطاعنين . ومعنى : وطعنا في الدين ، أي باللسان . وطعنهم فيه إنكار نبوته ، وتغيير نعته ، أو عيب أحكام شريعته ، أو تجهيله . وقولهم : لو كان نبيا لدرى أنا نسبه ، أو استخفافهم واعتراضهم وتشكيكهم أتباعه أقوال أربعة . قال
ابن عطية : وهذا اللي باللسان إلى خلاف ما في القلب موجود حتى الآن في بني إسرائيل ، ويحفظ منه في عصرنا أمثلة ، إلا أنه لا يليق ذكرها بهذا الكتاب . انتهى . وهو يحكى عن يهود الأندلس ، وقد شاهدناهم وشاهدنا يهود ديار مصر على هذه الطريقة ، وكأنهم يربون أولادهم الصغار على ذلك ، ويحفظونهم ما يخاطبون به المسلمين مما ظاهره التوقير ويريدون به التحقير . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : كيف جاءوا بالقول المحتمل ذي الوجهين ، بعدما صرحوا وقالوا سمعنا وعصينا ؟ قلت : جميع الكفرة كانوا يواجهونه بالكفر والعصيان ، ولا يواجهونه بالسب ودعاء السوء ، ويحتمل أن يقولوه فيما بينهم ، ويجوز أن لا ينطقوا بذلك ، ولكنهم لما لم يؤمنوا به جعلوا كأنهم نطقوا به .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم أي : لو تبدلوا بالعصيان الطاعة ، ومن الطاعة الإيمان بك ، واقتصروا على لفظ اسمع ، وتبدلوا براعنا قولهم : وانظرنا ، فعدلوا عن الألفاظ الدالة على عدم الانقياد ، والموهمة إلى ما أمروا به ، لكان أي : ذلك القول ، خيرا لهم عند الله وأعدل أي : أقوم وأصوب . قال
عكرمة ومجاهد وغيرهما : أنظرنا أي انتظرنا بمعنى أفهمنا وتمهل علينا حتى نفهم عنك ونعي قولك ، كما قال
الحطيئة :
وقد نظرتكم أثناء صادرة للخمس طال بها مسحي وإبساسي
وقالت فرقة : معناه انظر إلينا ، وكأنه استدعاء اهتبال وتحف منهم . ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13435ابن قيس الرقيات :
ظاهرات الجمال والحسن ينظر ن كما تنظر الأراك الظباء
وقرأ
أبي : وأنظرنا من الإنظار وهو الإمهال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : المعنى ولو ثبت قولهم سمعنا وأطعنا لكان قولهم ذلك خيرا لهم وأقوم وأعدل وأسد انتهى . فسبك من أنهم قالوا مصدرا مرتفعا بثبت على الفاعلية ، وهذا مذهب المبرد خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=16076لسيبويه . إذ يرى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن أن بعد لو مع ما عملت فيه مقدر باسم مبتدأ ، وهل الخبر محذوف ، أم لا يحتاج إلى تقدير خبر لجريان المسند والمسند إليه في صلة أن ؟ قولان أصحهما هذا .
فالزمخشري وافق مذهب المبرد ، وهو مذهب مرجوح في علم النحو .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ولكن لعنهم الله بكفرهم أي : أبعدهم الله عن الهدى بسبب كفرهم السابق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أي خذلهم بسبب كفرهم وأبعدهم عن ألطافه . انتهى . وهذا على طريقة الاعتزالي .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46فلا يؤمنون إلا قليلا استثناء من ضمير المفعول في لعنهم أي : إلا قليلا لم يلعنهم فآمنوا ، أو استثناء من الفاعل في : فلا يؤمنون ، أي : إلا قليلا فآمنوا
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام ، و
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار ، وغيرهما . أو هو راجع إلى المصدر المفهوم من قوله : فلا يؤمنون أي : إلا إيمانا قليلا قلله إذ آمنوا بالتوحيد ، وكفروا
بمحمد صلى الله عليه وسلم
[ ص: 265 ] وبشرائعه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إلا إيمانا قليلا أي : ضعيفا ركيكا لا يعبأ به ، وهو إيمانهم بمن خلقهم مع كفرهم بغيره . وأراد بالقلة العدم كقوله :
قليل التشكي للهموم تصيبه
أي : عديم التشكي . وقال
ابن عطية : من عبر بالقلة عن الإيمان قال : هي عبارة عن عدمه ما حكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه من قولهم : أرض قلما تنبت كذا ، وهي لا تنبته جملة . وهذا الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية من أن التقليل يراد به العدم هو صحيح في نفسه ، لكن ليس هذا التركيب الاستثنائي من تراكيبه . فإذا قلت : لا أقوم إلا قليلا ، لم يوضع هذا لانتقاء القيام ألبتة ، بل هذا يدل على انتفاء القيام منك إلا قليلا فيوجد منك . وإذا قلت : قلما يقوم أحد إلا زيد ، وأقل رجل يقول ذلك ، احتمل هذا أن يراد به التقليل المقابل للتكثير ، واحتمل أن يراد به النفي المحض . وكأنك قلت : ما يقوم أحد إلا زيد ، وما رجل يقول ذلك . إما أن تنفي ثم توجب ويصير الإيجاب بعد النفي يدل على النفي ، فلا إذ تكون إلا وما بعدها على هذا التقدير ، جيء بها لغوا لا فائدة فيه ، إذ الانتفاء قد فهم من قولك : لا أقوم . فأي فائدة في استثناء مثبت يراد به الانتفاء المفهوم من الجملة السابقة ، وأيضا ، فإنه يؤدي إلى أن يكون ما بعد ( إلا ) موافقا لما قبلها في المعنى . وباب الاستثناء لا يكون فيه ما بعد ( إلا ) موافقا لما قبلها ، وظاهر قوله : فلا يؤمنون إلا قليلا ، إذا جعلناه عائدا إلى الإيمان - أن الإيمان يتجزأ بالقلة والكثرة ، فيزيد وينقص ، والجواب : أن زيادته ونقصه هو بحسب قلة المتعلقات وكثرتها . وتضمنت هذه الآيات أنواعا من الفصاحة والبلاغة والبديع . قالوا : التجوز بإطلاق الشيء على ما يقاربه في المعنى في قوله : إن الله لا يظلم ، أطلق الظلم على انتقاص الأجر من حيث إن نقصه عن الموعود به قريب في المعنى من الظلم ، والتنبيه بما هو أدنى على ما هو أعلى في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40مثقال ذرة . والإبهام في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40يضاعفها ، إذ لم يبين فيه المضاعفة في الأجر . والسؤال عن المعلوم لتوبيخ السامع ، أو تقريره لنفسه في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا . والعدول من بناء إلى بناء لمعنى في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا . والتجنيس المماثل في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وجئنا وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وجئنا وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41بشهيد و شهيدا . والتجنيس المغاير : في
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46واسمع غير مسمع . والتجوز بإطلاق المحل على الحال فيه في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43من الغائط . والكناية في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أو لامستم النساء . والتقديم والتأخير في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فتيمموا . والاستفهام المراد به التعجب في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ألم تر . والاستعارة في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44يشترون الضلالة . والطباق في : ( هذا ) أي : بالهدى ، والطباق الظاهر في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وعصينا و أطعنا . والتكرار في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وكفى بالله وليا ، و كفى بالله ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46سمعنا ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46سمعنا ) . والحذف في عدة مواضع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28975مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) ظَاهِرُهُ الِانْقِطَاعُ فِي الْإِعْرَابِ عَنْ مَا قَبْلَهُ ، فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مَوْصُوفٍ هُوَ مُبْتَدَأٌ ، وَمِنَ الَّذِينَ خَبَرُهُ ، وَالتَّقْدِيرُ : مِنَ الَّذِينَ هَادُوا قَوْمٌ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ ، وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ،
وَأَبِي عَلِيٍّ ، وَحَذْفُ الْمَوْصُوفِ بَعْدَ ( مِنْ ) - جَائِزٌ ، وَإِنْ كَانَتِ الصِّفَةُ فِعْلًا كَقَوْلِهِمْ : مِنَّا ظَعَنَ ، وَمِنَّا أَقَامَ أَيْ : مِنَّا نَفَرٌ ظَعَنَ ، وَمِنَّا نَفَرٌ أَقَامَ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا أَمُوتُ وَأُخْرَى أَبْتَغِي الْعَيْشَ أَكْدَحُ
يُرِيدُ : فَمِنْهُمَا تَارَةً أَمُوتُ فِيهَا . وَخَرَّجَهُ
الْفَرَّاءُ عَلَى إِضْمَارِ مَنِ الْمَوْصُولَةِ أَيْ : مِنَ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ ، وَهَذَا عِنْدَ
الْبَصْرِيِّينَ لَا يَجُوزُ . وَتَأَوَّلُوا مَا جَاءَ مِمَّا يُشْبِهُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ الصِّفَةِ مَقَامَهُ ، قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَمِثْلُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذِي الرُّمَّةِ :
فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ دَمْعُهُ سَابِقٌ لَهَا وَآخَرُ يُثْنِي دَمْعَةَ الْعَيْنِ بِالْيَدِ
وَهَذَا لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ مَوْصُولًا ، بَلْ يَتَرَجَّحُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا لِعَطْفِ النَّكِرَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ آخَرُ ، إِذْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ : فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ عَاشِقٌ دَمْعُهُ سَابِقٌ لَهَا . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ ، التَّقْدِيرُ : هُمْ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ، وَيُحَرِّفُونَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ هَادُوا ، وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ ، فَقِيلَ : بِـ نَصِيرًا أَيْ نَصِيرًا مِنَ الَّذِينَ هَادُوا وَعَدَّاهُ بِـ ( مِنْ ) كَمَا عَدَّاهُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=77وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=29فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ ) أَيْ : ( وَمَنَعْنَاهُ ) وَ ( فَمَنْ يَمْنَعُنَا ) . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46مِنَ الَّذِينَ هَادُوا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ : بِأَعْدَائِكُمْ ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ . وَقِيلَ : حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي يُرِيدُونَ ، قَالَهُ
أَبُو الْبَقَاءِ . قَالَ : وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي أُوتُوا لِأَنَّ شَيْئًا وَاحِدًا لَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حَالٍ وَاحِدَةٍ ، إِلَّا أَنْ يَعْطِفَ بَعْضَ الْأَحْوَالِ عَلَى بَعْضٍ ، وَلَا يَكُونُ حَالًا مِنَ الَّذِينَ لِهَذَا الْمَعْنَى انْتَهَى . وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ذَا الْحَالِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّدًا لَا يَقْتَضِي أَكْثَرَ مِنْ حَالٍ وَاحِدَةٍ - مَسْأَلَةُ خِلَافٍ ، فَمِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ . وَقِيلَ : مِنَ الَّذِينَ هَادُوا بَيَانُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ) لِأَنَّهُمْ يَهُودُ وَنَصَارَى ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ) جُمَلٌ تَوَسَّطَتْ بَيْنَ الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِرَاضِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَبَدَأَ بِهِ . وَيُضَعِّفُهُ أَنَّ هَذِهِ جُمَلٌ ثَلَاثٌ ، وَإِذَا كَانَ
الْفَارِسِيُّ قَدْ مَنَعَ أَنْ يُعْتَرَضَ بِجُمْلَتَيْنِ ، فَأَحْرَى أَنْ يُمْنَعَ أَنْ يُعْتَرَضَ بِثَلَاثٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ أَيْ : كَلِمَ التَّوْرَاةِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، أَوْ كَلِمَ الْقُرْآنِ ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ ، أَوْ كَلِمَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَ : كَانَ الْيَهُودُ يَأْتُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الْأَمْرِ فَيُخْبِرُهُمْ ، وَيَرَى
[ ص: 263 ] أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ ، فَإِذَا انْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ حَرَّفُوا الْكَلَامَ . وَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : إِنَّهُ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَتَحْرِيفُ كَلِمِ التَّوْرَاةِ بِتَغْيِيرِ اللَّفْظِ ، وَهُوَ الْأَقَلُّ لِتَحْرِيفِهِمْ ( أَسْمَرَ رَبْعَةً ) فِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِـ (
آدَمَ طُوَالٍ ) مَكَانَهُ ، وَتَحْرِيفِهِمُ الرَّجْمَ بِالْحَدِيدِ لَهُ ، وَبِتَغْيِيرِ التَّأْوِيلِ ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ . وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ التَّوْرَاةَ بِغَيْرِ التَّأْوِيلِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ مَعَانِي أَلْفَاظِهَا لِأُمُورٍ يَخْتَارُونَهَا وَيَتَوَصَّلُونَ بِهَا إِلَى أَمْوَالِ سِفْلَتِهِمْ ، وَأَنَّ التَّحْرِيفَ فِي كَلِمِ الْقُرْآنِ أَوْ كَلِمِ الرَّسُولِ فَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي التَّأْوِيلِ .
وَقُرِئَ : يُحَرِّفُونَ الْكِلْمَ بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ ، جَمْعُ كِلْمَةٍ تَخْفِيفِ كَلِمَةٍ . وَقَرَأَ
النَّخَعِيُّ وَأَبُو رَجَاءٍ : يُحَرِّفُونَ الْكَلَامَ ، وَجَاءَ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46عَنْ مَوَاضِعِهِ . وَفِي الْمَائِدَةِ جَاءَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13عَنْ مَوَاضِعِهِ ) وَجَاءَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46عَنْ مَوَاضِعِهِ ) فَعَلَى مَا فَسَّرْنَا مِنْ إِزَالَتِهِ عَنْ مَوَاضِعِهِ الَّتِي أَوْجَبَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ وَضْعَهُ فِيهَا بِمَا اقْتَضَتْ شَهَوَاتُهُمْ مِنْ إِبْدَالِ غَيْرِهِ مَكَانَهُ . وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) فَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ مَوَاضِعُ هُوَ قَمِنٌ بَأَنْ يَكُونَ فِيهَا ، فَحِينَ حَرَّفُوهُ تَرَكُوهُ كَالْغَرِيبِ الَّذِي لَا مَوْضِعَ لَهُ بَعْدَ مَوَاضِعِهِ وَمَقَارِّهِ ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ . انْتَهَى . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا سِيَاقَانِ ، فَحَيْثُ وُصِفُوا بِشِدَّةِ التَّمَرُّدِ وَالطُّغْيَانِ ، وَإِظْهَارِ الْعَدَاوَةِ ، وَاشْتِرَائِهِمُ الضَّلَالَةَ ، وَنَقْضِ الْمِيثَاقِ ، جَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا الْكَلِمَ مِنَ التَّحْرِيفِ عَنْ مَا يُرَادُ بِهَا ، وَلَمْ تَسْتَقِرَّ فِي مَوَاضِعِهَا ، فَيَكُونُ التَّحْرِيفُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا ، بَلْ بَادَرُوا إِلَى تَحْرِيفِهَا بِأَوَّلِ وَهْلَةٍ . وَحَيْثُ وُصِفُوا بِبَعْضِ لِينٍ وَتَرْدِيدٍ وَتَحْكِيمٍ لِلرَّسُولِ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ، جَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ) وَقَوْلِهِ بَعْدُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُبَادِرُوا بِالتَّحْرِيفِ ، بَلْ عَرَضَ لَهُمُ التَّحْرِيفُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْكَلِمِ فِي مَوَاضِعِهَا . وَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُمَا شَيْئَانِ ، لَكِنَّهُ حَذَفَ هُنَا وَفِي أَوَّلِ الْمَائِدَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ) ، لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46عَنْ مَوَاضِعِهِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ مَوَاضِعَ لَهُ ، وَحُذِفَ فِي ثَانِي الْمَائِدَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13عَنْ مَوَاضِعِهِ ) ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيفَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَحْرِيفٌ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، فَالْأَصْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ . فَحَذَفَ هُنَا الْبَعْدِيَّةَ ، وَهُنَاكَ حَذَفَ عَنْهَا . كُلُّ ذَلِكَ تَوَسُّعٌ فِي الْعِبَارَةِ ، وَكَانَتِ الْبَدَاءَةُ هُنَا بِقَوْلِهِ : عَنْ مَوَاضِعِهِ ، لِأَنَّهُ أَخْصَرُ . وَفِيهِ تَنْصِيصٌ بِاللَّفْظِ عَلَى عَنْ ، وَعَلَى الْمَوَاضِعِ ، وَإِشَارَةٌ إِلَى الْبَعْدِيَّةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ) أَيْ : سَمِعْنَا قَوْلَكَ ، وَعَصَيْنَا أَمْرَكَ ، أَوْ سَمِعْنَاهُ جَهْرًا ، وَعَصَيْنَاهُ سِرًّا قَوْلَانِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ شَافَهُوا بِالْجُمْلَتَيْنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَالَغَةً مِنْهُمْ فِي عُتُوِّهِمْ فِي الْكُفْرِ ، وَجَرْيًا عَلَى عَادَتِهِمْ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ) هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ مُوَجَّهٍ ، وَيَحْتَمِلُ وُجُوهًا . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهِ الْوَجْهَ الْمَكْرُوهَ لِسِيَاقِ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ . دَعَوْا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالصَّمَمِ ، وَأَرَادُوا ذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ ، وَأَرَادُوا فِي الظَّاهِرِ تَعْظِيمَهُ بِذَلِكَ . إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : وَاسْمَعْ غَيْرَ مَأْمُورٍ وَغَيْرَ صَالِحٍ أَنْ تَسْمَعَ مَأْمُورًا بِذَلِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوِ اسْمَعْ غَيْرَ مُجَابٍ إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَمَعْنَاهُ : غَيْرَ مُسْمَعٍ جَوَابًا يُوَافِقُكَ ، فَكَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ شَيْئًا انْتَهَى ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوِ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ كَلَامًا تَرْضَاهُ ، فَسَمْعُكَ عَنْهُ نَابٍ . وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ غَيْرُ مَسْمَعٍ مَفْعُولَ اسْمَعْ ، أَيِ : اسْمَعْ كَلَامًا غَيْرَ مُسْمَعٍ إِيَّاكَ ، لِأَنَّ أُذُنَكَ لَا تَعِيهِ نُبُوًّا عَنْهُ . وَيُحْتَمَلُ الْمَدْحُ أَيِ : اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ مَكْرُوهًا مِنْ قَوْلِكَ : أَسْمَعَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا سَبَّهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَمَنْ قَالَ : غَيْرَ مُسْمَعٍ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْكَ ، فَإِنَّهُ لَا يُسَاعِدُهُ التَّصْرِيفُ ، وَقَدْ حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ انْتَهَى . وَوَجْهُ أَنَّ التَّصْرِيفَ لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ هُوَ
[ ص: 264 ] أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ أَسْمَعْتُكَ بِمَعْنَى قَبِلْتُ مِنْكَ ، وَإِنَّمَا تَقُولُ : سَمِعْتُ مِنْكَ بِمَعْنَى قَبِلْتُ ، فَيُعَبِّرُونَ عَنِ الْقَبُولِ بِالسَّمَاعِ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ ، لَا بِالْأَسْمَاعِ . وَلَوْ أُرِيدَ مَا قَالَهُ
الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ لَكَانَ اللَّفْظُ : وَاسْمَعْ غَيْرَ مَسْمُوعٍ مِنْكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ رَاعِنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ أَيْ فَتْلًا بِهَا . وَتَحْرِيفًا عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ حَيْثُ يَضَعُونَ رَاعِنَا مَكَانَ انْظُرْنَا ، وَغَيْرَ مُسْمَعٍ مَكَانَ لَا أُسْمِعْتَ مَكْرُوهًا . أَوْ يَفْتِلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا يُضْمِرُونَهُ مِنَ الشَّتْمِ إِلَى مَا يُظْهِرُونَهُ مِنَ التَّوْقِيرِ نِفَاقًا . وَانْتِصَابُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46غَيْرَ مُسْمَعٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمُضْمَرِ فِي اسْمَعْ ، وَتَقَدَّمَ إِعْرَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ إِيَّاهُ مَفْعُولًا فِي أَحَدِ التَّقَادِيرِ ، وَانْتِصَابُ لَيًّا وَطَعْنًا عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ . وَقِيلَ : هُمَا مَصْدَرَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ : لَاوِينَ وَطَاعِنِينَ . وَمَعْنَى : وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ، أَيْ بِاللِّسَانِ . وَطَعْنُهُمْ فِيهِ إِنْكَارُ نُبُوَّتِهِ ، وَتَغْيِيرُ نَعْتِهِ ، أَوْ عَيْبُ أَحْكَامِ شَرِيعَتِهِ ، أَوْ تَجْهِيلُهُ . وَقَوْلُهُمْ : لَوْ كَانَ نَبِيًّا لَدَرَى أَنَّا نَسُبُّهُ ، أَوِ اسْتِخْفَافُهُمْ وَاعْتِرَاضُهُمْ وَتَشْكِيكُهُمُ أَتْبَاعَهُ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا اللَّيُّ بِاللِّسَانِ إِلَى خِلَافِ مَا فِي الْقَلْبِ مَوْجُودٌ حَتَّى الْآنَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَيُحْفَظُ مِنْهُ فِي عَصْرِنَا أَمْثِلَةٌ ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَلِيقُ ذِكْرُهَا بِهَذَا الْكِتَابِ . انْتَهَى . وَهُوَ يُحْكَى عَنْ يَهُودِ الْأَنْدَلُسِ ، وَقَدْ شَاهَدْنَاهُمْ وَشَاهَدْنَا يَهُودَ دِيَارِ مِصْرَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ ، وَكَأَنَّهُمْ يُرَبُّونَ أَوْلَادَهُمُ الصِّغَارَ عَلَى ذَلِكَ ، وَيُحَفِّظُونَهُمْ مَا يُخَاطِبُونَ بِهِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا ظَاهِرُهُ التَّوْقِيرُ وَيُرِيدُونَ بِهِ التَّحْقِيرَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ جَاءُوا بِالْقَوْلِ الْمُحْتَمِلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ ، بَعْدَمَا صَرَّحُوا وَقَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ؟ قُلْتُ : جَمِيعُ الْكَفَرَةِ كَانُوا يُوَاجِهُونَهُ بِالْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ ، وَلَا يُوَاجِهُونَهُ بِالسَّبِّ وَدُعَاءِ السُّوءِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَنْطِقُوا بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ جَعَلُوا كَأَنَّهُمْ نَطَقُوا بِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ أَيْ : لَوْ تَبَدَّلُوا بِالْعِصْيَانِ الطَّاعَةَ ، وَمِنَ الطَّاعَةِ الْإِيمَانُ بِكَ ، وَاقْتَصَرُوا عَلَى لَفْظِ اسْمَعْ ، وَتَبَدَّلُوا بِرَاعِنَا قَوْلَهُمْ : وَانْظُرْنَا ، فَعَدَلُوا عَنِ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الِانْقِيَادِ ، وَالْمُوهِمَةِ إِلَى مَا أُمِرُوا بِهِ ، لَكَانَ أَيْ : ذَلِكَ الْقَوْلُ ، خَيْرًا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَأَعْدَلَ أَيْ : أَقْوَمُ وَأَصْوَبُ . قَالَ
عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا : أَنْظِرْنَا أَيِ انْتَظِرْنَا بِمَعْنَى أَفْهِمْنَا وَتَمَهَّلْ عَلَيْنَا حَتَّى نَفْهَمَ عَنْكَ وَنَعِيَ قَوْلَكَ ، كَمَا قَالَ
الْحُطَيْئَةُ :
وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَثْنَاءَ صَادِرَةٍ لِلْخَمْسِ طَالَ بِهَا مَسْحِي وَإِبْسَاسِي
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : مَعْنَاهُ انْظُرْ إِلَيْنَا ، وَكَأَنَّهُ اسْتِدْعَاءُ اهْتِبَالٍ وَتَحَفٍّ مِنْهُمْ . وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13435ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ :
ظَاهِرَاتُ الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ يَنْظُرْ نَ كَمَا تَنْظُرُ الْأَرَاكَ الظِّبَاءُ
وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : وَأَنْظِرْنَا مِنَ الْإِنْظَارِ وَهُوَ الْإِمْهَالُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْمَعْنَى وَلَوْ ثَبَتَ قَوْلُهُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا لَكَانَ قَوْلُهُمْ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَأَعْدَلَ وَأَسَدَّ انْتَهَى . فَسَبَكَ مِنْ أَنَّهُمْ قَالُوا مَصْدَرًا مُرْتَفِعًا بِثَبْتٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=16076لِسِيبَوَيْهِ . إِذْ يَرَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّ أَنْ بَعْدَ لَوْ مَعَ مَا عَمِلَتْ فِيهِ مُقَدَّرٌ بِاسْمٍ مُبْتَدَأٍ ، وَهَلِ الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ، أَمْ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ خَبَرٍ لِجَرَيَانِ الْمُسْنَدِ وَالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ فِي صِلَةِ أَنْ ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا هَذَا .
فَالزَّمَخْشَرِيُّ وَافَقَ مَذْهَبَ الْمُبَرِّدِ ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ أَيْ : أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ عَنِ الْهُدَى بِسَبَبِ كُفْرِهِمُ السَّابِقِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَيْ خَذَلَهُمْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَأَبْعَدَهُمْ عَنْ أَلْطَافِهِ . انْتَهَى . وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الِاعْتِزَالِيِّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ فِي لَعَنَهُمْ أَيْ : إِلَّا قَلِيلًا لَمْ يَلْعَنْهُمْ فَآمَنُوا ، أَوِ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي : فَلَا يُؤْمِنُونَ ، أَيْ : إِلَّا قَلِيلًا فَآمَنُوا
nindex.php?page=showalam&ids=106كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، وَ
nindex.php?page=showalam&ids=16850كَعْبِ الْأَحْبَارِ ، وَغَيْرِهِمَا . أَوْ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ : فَلَا يُؤْمِنُونَ أَيْ : إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا قَلَّلَهُ إِذْ آمَنُوا بِالتَّوْحِيدِ ، وَكَفَرُوا
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 265 ] وَبِشَرَائِعِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِلَّا إِيمَانًا قَلِيلًا أَيْ : ضَعِيفًا رَكِيكًا لَا يُعْبَأُ بِهِ ، وَهُوَ إِيمَانُهُمْ بِمَنْ خَلَقَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِغَيْرِهِ . وَأَرَادَ بِالْقِلَّةِ الْعَدَمَ كَقَوْلِهِ :
قَلِيلُ التَّشَكِّي لِلْهُمُومِ تُصِيبُهُ
أَيْ : عَدِيمُ التَّشَكِّي . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : مَنْ عَبَّرَ بِالْقِلَّةِ عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ : هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِهِ مَا حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ : أَرْضٌ قَلَّمَا تُنْبِتُ كَذَا ، وَهِيَ لَا تُنْبِتُهُ جُمْلَةً . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ مِنْ أَنَّ التَّقْلِيلَ يُرَادُ بِهِ الْعَدَمُ هُوَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ ، لَكِنْ لَيْسَ هَذَا التَّرْكِيبُ الِاسْتِثْنَائِيُّ مِنْ تَرَاكِيبِهِ . فَإِذَا قُلْتَ : لَا أَقُومُ إِلَّا قَلِيلًا ، لَمْ يُوضَعْ هَذَا لِانْتِقَاءِ الْقِيَامِ أَلْبَتَّةَ ، بَلْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْقِيَامِ مِنْكَ إِلَّا قَلِيلًا فَيُوجَدُ مِنْكَ . وَإِذَا قُلْتَ : قَلَّمَا يَقُومُ أَحَدٌ إِلَّا زِيدٌ ، وَأَقَلُّ رَجُلٍ يَقُولُ ذَلِكَ ، احْتَمَلَ هَذَا أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّقْلِيلُ الْمُقَابِلُ لِلتَّكْثِيرِ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ بِهِ النَّفْيُ الْمَحْضُ . وَكَأَنَّكَ قُلْتَ : مَا يَقُومُ أَحَدٌ إِلَّا زِيدٌ ، وَمَا رَجُلٌ يَقُولُ ذَلِكَ . إِمَّا أَنْ تَنْفِيَ ثُمَّ تُوجِبَ وَيَصِيرُ الْإِيجَابُ بَعْدَ النَّفْيِ يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ ، فَلَا إِذْ تَكُونُ إِلَّا وَمَا بَعْدَهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، جِيءَ بِهَا لَغْوًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ، إِذِ الِانْتِفَاءُ قَدْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِكِ : لَا أَقُومُ . فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي اسْتِثْنَاءٍ مُثْبَتٍ يُرَادُ بِهِ الِانْتِفَاءُ الْمَفْهُومُ مِنَ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ ، وَأَيْضًا ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ ( إِلَّا ) مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهَا فِي الْمَعْنَى . وَبَابُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَكُونُ فِيهِ مَا بَعْدَ ( إِلَّا ) مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهَا ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ : فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ، إِذَا جَعَلْنَاهُ عَائِدًا إِلَى الْإِيمَانِ - أَنَّ الْإِيمَانَ يَتَجَزَّأُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ ، فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، وَالْجَوَابُ : أَنَّ زِيَادَتَهُ وَنَقَصَهُ هُوَ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ وَكَثْرَتِهَا . وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ وَالْبَدِيعِ . قَالُوا : التَّجَوُّزُ بِإِطْلَاقِ الشَّيْءِ عَلَى مَا يُقَارِبُهُ فِي الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ ، أَطْلَقَ الظُّلْمَ عَلَى انْتِقَاصِ الْأَجْرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ نَقْصَهُ عَنِ الْمَوْعُودِ بِهِ قَرِيبٌ فِي الْمَعْنَى مِنَ الظُّلْمِ ، وَالتَّنْبِيهُ بِمَا هُوَ أَدْنَى عَلَى مَا هُوَ أَعْلَى فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40مِثْقَالَ ذَرَّةٍ . وَالْإِبْهَامُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40يُضَاعِفْهَا ، إِذْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ الْمُضَاعَفَةَ فِي الْأَجْرِ . وَالسُّؤَالُ عَنِ الْمَعْلُومِ لِتَوْبِيخِ السَّامِعِ ، أَوْ تَقْرِيرِهِ لِنَفْسِهِ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا . وَالْعُدُولُ مِنْ بِنَاءٍ إِلَى بِنَاءٍ لِمَعْنَى فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا . وَالتَّجْنِيسُ الْمُمَاثِلُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وَجِئْنَا وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41وَجِئْنَا وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41بِشَهِيدٍ وَ شَهِيدًا . وَالتَّجْنِيسُ الْمُغَايِرُ : فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ . وَالتَّجَوُّزُ بِإِطْلَاقِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ فِيهِ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43مِنَ الْغَائِطِ . وَالْكِنَايَةُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ . وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43فَتَيَمَّمُوا . وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُرَادُ بِهِ التَّعَجُّبُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49أَلَمْ تَرَ . وَالِاسْتِعَارَةُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ . وَالطِّبَاقُ فِي : ( هَذَا ) أَيْ : بِالْهُدَى ، وَالطِّبَاقُ الظَّاهِرُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَعَصَيْنَا وَ أَطَعْنَا . وَالتَّكْرَارُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا ، وَ كَفَى بِاللَّهِ ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46سَمِعْنَا ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46سَمِعْنَا ) . وَالْحَذْفُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ .