الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الباب الثاني : في حكم ما وقع من الزيادة ، أو النقصان في خبر البائع بالثمن .

[ ص: 570 ] الباب الأول .

فيما يعد من رأس المال مما لا يعد ، وفي صفة رأس المال الذي يجوز أن يبنى عليه الربح .

فأما ما يعد في الثمن مما لا يعد : فإن تحصيل مذهب مالك في ذلك أن ما ينوب البائع على السلعة زائدا على الثمن ينقسم ثلاثة أقسام :

قسم يعد في أصل الثمن ، ويكون له حظ من الربح .

وقسم لا يعد في أصل الثمن ، ولا يكون له حظ من الربح .

وقسم لا يعد في أصل الثمن ، ولا يكون له حظ من الربح .

فأما الذي يحسبه في رأس المال ويجعل له حظا من الربح : فهو ما كان مؤثرا في عين السلعة مثل الخياطة ، والصبغ .

وأما الذي يحسبه في رأس المال ولا يجعل له حظا من الربح : فما لا يؤثر في عين السلعة مما لا يمكن البائع أن يتولاه بنفسه; كحمل المتاع من بلد إلى بلد ، وكراء البيوت التي توضع فيها .

وأما ما لا يحتسب فيه الأمرين جميعا ، فما ليس له تأثير في عين السلعة مما يمكن أن يتولاه صاحب السلعة بنفسه; كالسمسرة ، والطي ، والشد .

وقال أبو حنيفة : بل يحمل على ثمن السلعة كل ما نابه عليها .

وقال أبو ثور : لا يجوز المرابحة إلا بالثمن الذي اشترى به السلعة فقط إلا أن يفصل ويفسخ عنده إن وقع قال; لأنه كذب; لأنه يقول له : ثمن سلعتي كذا وكذا ، وليس الأمر كذلك ، وهو عنده من باب الغش .

وأما صفة رأس الثمن الذي يجوز أن يخبر به : فإن مالكا ، والليث قالا فيمن اشترى سلعة بدنانير ، والصرف يوم اشتراها صرف معلوم ، ثم باعها بدراهم ، والصرف قد تغير إلى زيادة : أنه ليس له أن يعلم يوم باعها بالدنانير التي اشتراها; لأنه من باب الكذب والخيانة ، وكذلك إن اشتراها بدراهم ثم باعها بدنانير وقد تغير الصرف .

واختلف أصحاب مالك من هذا الباب فيمن ابتاع سلعة بعروض هل يجوز له أن يبيعها مرابحة أم لا يجوز ؟ فإذا قلنا بالجواز فهل يجوز بقيمة العرض ، أو بالعرض نفسه ؟

فقال ابن القاسم : يجوز له بيعها على ما اشتراه به من العروض ، ولا يجوز على القيمة . وقال أشهب : لا يجوز لمن اشترى سلعة بشيء من العروض أن يبيعها مرابحة; لأنه يطالبه بعروض على صفة عرضه ، وفي الغالب ليس يكون عنده فهو من باب بيع ما ليس عنده .

واختلف مالك ، وأبو حنيفة فيمن اشترى سلعة بدنانير فأخذ في الدنانير عروضا ، أو دراهم; هل يجوز له بيعها مرابحة دون أن يعلم بما نقد أم لا يجوز ؟

فقال مالك : لا يجوز إلا أن يعلم ما نقد . وقال أبو حنيفة : يجوز أن يبيعها منه مرابحة على الدنانير التي ابتاع بها السلعة دون العروض التي أعطى فيها أو الدراهم .

[ ص: 571 ] قال مالك أيضا فيمن اشترى سلعة بأجل فباعها مرابحة : أنه لا يجوز حتى يعلم بالأجل . وقال الشافعي : إن وقع كان للمشتري مثل أجله . وقال أبو ثور : هو كالعيب وله الرد به ، وفي هذا الباب في المذهب فروع كثيرة ليست مما قصدناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية