الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) فيحتمل أن يكون المعنى : سماعون لكذب قوم آخرين لم يأتوك ; أي : كذبهم ، والذين لم يأتوه يهود فدك . وقيل : يهود خيبر . وقيل : أهل الرأيين . وقيل : أهل الخصام في القتل والدية . ويحتمل أن يكون المعنى : سماعون لأجل قوم آخرين ; أي : هم عيون لهم وجواسيس ; يسمعون منك وينقلون لقوم آخرين ، وهذا الوصف يمكن أن يتصف به المنافقون ، ويهود المدينة . وقيل : السماعون بنو قريظة ، والقوم الآخرون يهود خيبر . وقيل لسفيان بن عيينة : هل جرى ذكر الجاسوس في كتاب الله ؟ فقال : نعم . وتلا هذه الآية [ ص: 488 ] سماعون لقوم آخرين ، لم يأتوك : صفة لقوم آخرين . ومعنى لم يأتوك : لم يصلوا إلى مجلسك وتجافوا عنك لما فرط منهم من شدة العداوة والبغضاء ، فعلى هذا الظاهر أن المعنى : هم قائلون من الأحبار كذبهم وافتراؤهم ، ومن أولئك المفرطين في العداوة الذين لا يقدرون أن ينظروا إليك .

( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) قرئ الكلم ، بكسر الكاف وسكون اللام ; أي : يزيلونه ويميلونه عن مواضعه التي وضعها الله فيها . قال ابن عباس والجمهور : هي حدود الله في التوراة ، وذلك أنهم غيروا الرجم ; أي : وضعوا الجلد مكان الرجم . وقال الحسن : يغيرون ما يسمعون من الرسول ، عليه السلام ، بالكذب عليه . وقيل : بإخفاء صفة الرسول . وقيل : بإسقاط القود بعد استحقاقه . وقيل : بسوء التأويل . قال الطبري : المعنى يحرفون حكم الكلام ، فحذف للعلم به . انتهى . ويحتمل أن يكون هذا وصفا لليهود فقط ، ويحتمل أن يكون وصفا لهم وللمنافقين فيما يحرفونه من الأقوال عند كذبهم ، لأن مبادئ كذبهم يكون من أشياء قيلت وفعلت ، وهذا هو الكذب الذي يقرب قبوله . ومعنى من بعد مواضعه : قال الزجاج من بعد أن وضعه الله مواضعه ، فأحل حلاله وحرم حرامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية