الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
7363 - واحتجوا في ذلك بما حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=11942أبو بكر الحنفي ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16318عبد الحميد بن جعفر ، قال : حدثني أبي ، عن رجل من مزينة nindex.php?page=hadith&LINKID=697446nindex.php?page=treesubj&link=29545_30531_31106أنه أتى أمه فقالت : يا بني لو ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألته .
قال : فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يخطب الناس ، وهو يقول : من استغنى أغناه الله ، ومن استعف ، أعفه الله ، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق ، سأل إلحافا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : ولما اختلفوا في ذلك ، وجب الكشف عما اختلفوا فيه ؛ لنستخرج من هذه الأقوال قولا صحيحا .
فرأينا الصدقة لا تخلو من أحد وجهين : إما أن تكون حراما لا تحل من الأشياء المحرمات عند الضرورات إليها .
أو تكون تحل له أن يملك مقدارا من المال ، فتحرم على مالكه .
فرأينا من ملك دون ما يغديه ، أو دون ما يعشيه ، كانت الصدقة له حلالا ، باتفاق الفرق كلها .
فخرج بذلك حكمها ، من حكم الأشياء المحرمات التي تحل عند الضرورة .
ألا ترى أن من اضطر إلى الميتة ، أن الذي يحل له منها ، هو ما يمسك به نفسه ، لا ما يشجع ، حتى يكون له غداء ، أو حتى يكون له عشاء .
فلما كان الذي يحل من الصدقة ، هو بخلاف ما يحل من الميتة عند الضرورة ، ثبت أنها إنما تحرم على من ملك مقدارا ما .
فأردنا أن ننظر في ذلك المقدار ما هو ؟ فرأينا من ملك دون ما يغدي ، أو دون ما يعشي ، لم يكن بذلك غنيا .
[ ص: 373 ] وكذلك من ملك أربعين درهما ، أو خمسين درهما ، أو ما هو دون المائتي درهم ، فإذا ملك مائتي درهم ، كان بذلك غنيا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه في الزكاة : خذها من أغنيائهم ، واجعلها في فقرائهم .
فعلمنا بذلك أن مالك المائتين غني ، وأن ما دونها غير غني .
فثبت بذلك أن الصدقة حرام على مالك المائتي درهم فصاعدا ، وأنها حلال لمن يملك ما هو دون ذلك ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .