الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا مات الكافر وله ولي مسلم فإنه يغسله ويكفنه ويدفنه ) بذلك أمر علي رضي الله عنه في حق أبيه أبي طالب ، [ ص: 133 ] لكن يغسل غسل الثوب النجس ويلف في خرقة وتحفر حفيرة من غير مراعاة سنة التكفين واللحد ، ولا يوضع فيها بل يلقى .

التالي السابق


( قوله وله ولي مسلم ) عبارة معيبة ، وما دفع به من أنه أراد القريب لا يفيد ، لأن المؤاخذة إنما هي على نفس التعبير به بعد إرادة القريب به ، وأطلق الولي : يعني القريب فشمل ذوي الأرحام كالأخت والخال والخالة . ثم جواب المسألة مقيد بما إذا لم يكن له قريب كافر ، فإن كان خلي بينه وبينهم ويتبع الجنازة من بعيد ، هذا إذا لم يكن كفره والعياذ بالله بارتداد ، فإن كان يحفر له حفيرة ويلقى فيها كالكلب ولا يدفع إلى من انتقل إلى دينهم ، صرح به في غير موضع ( قوله بذلك أمر علي ) روى ابن سعد في الطبقات : أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ، حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن [ ص: 133 ] جده عن علي رضي الله عنه قال { لما أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب بكى ثم قال لي : اذهب فغسله وكفنه وواره ، قال : ففعلت ثم أتيته ، فقال لي اذهب فاغتسل ، قال : وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } الآية } وروى ابن أبي شيبة الحديث بسند أبي داود والنسائي قال { إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه ؟ قال : أرى أن تغسله وتجنه وأمره بالغسل } .

وإنما لم نذكره نحن من السنن لأنه قال فيهما { اذهب فوار أباك ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني ، فذهبت فواريته وجئته ، فأمرني فاغتسلت ودعا لي } وليس فيه الأمر بغسله إلا ما قد يفهم من طريق الالتزام الشرعي بناء على ما عرف من أنه لم يشرع الغسل إلا من غسل الميت دون دفنه وتكفينه ، وهو ما رواه أبو داود عن عائشة { كان عليه الصلاة والسلام يغتسل من الجنابة ويوم الجمعة وغسل الميت } وهو ضعيف .

وروى هو والترمذي مرفوعا { من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ } حسنه الترمذي وضعفه الجمهور ، وليس في هذا ولا في شيء من طرق علي حديث صحيح ، لكن طرق حديث علي كثيرة ، والاستحباب يثبت بالضعف غير الموضوع ، ولم يذكر المصنف ما إذا مات المسلم وليس له قريب إلا كافر وينبغي أن لا يلي ذلك منه بل يفعله المسلمون ، ألا ترى { أن اليهودي لما آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه تولوا أخاكم } ولم يخل بينه وبين اليهود ، ويكره أن يدخل الكافر في قبر قرابته من المسلمين ليدفنه .




الخدمات العلمية