الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو نذر بقربة مقصودة من صلاة أو صوم ، فقال رجل آخر : علي مثل ذلك يلزمه وكذا إذا قال علي المشي إلى بيت الله - عز شأنه - ، وكل مملوك لي حر ، وكل امرأة لي طالق إذا دخلت الدار ، فقال رجل آخر : علي مثل ذلك إن دخلت الدار ، ثم [ ص: 89 ] دخل الثاني الدار فإنه يلزمه المشي ، ولا يلزمه العتاق والطلاق ، ثم : قال ألا ترى أنه لو قال : علي طلاق امرأتي فإن الطلاق لا يقع عليها ؟ وهذا يدل على أن من قال : الطلاق علي واجب أنه لا يقع طلاقه .

                                                                                                                                قال القدوري رحمه الله : وكان أصحابنا بالعراق يقولون فيمن قال : الطلاق لي لازم يقع الطلاق لعرف الناس أنهم يريدون به الطلاق وكان محمد بن سلمة يقول : إن الطلاق يقع بكل حال .

                                                                                                                                وحكى الفقيه أبو جعفر الهندواني عن علي بن أحمد بن نصر بن يحيى عن محمد بن مقاتل رحمهم الله أنه قال : المسألة على الخلاف ، قال أبو حنيفة - عليه الرحمة - : إذا قال الطلاق لي لازم أو علي واجب - لم يقع وقال محمد : يقع في قوله لازم ولا يقع في قوله واجب ، وحكى ابن سماعة في نوادره عن أبي يوسف في رجل قال : ألزمت نفسي طلاق امرأتي هذه أو ألزمت نفسي عتق عبدي هذا قال : إن نوى به الطلاق والعتاق فهو واقع ، وإلا لم يلزمه ; وكذلك لو قال ألزمت نفسي طلاق امرأتي هذه إن دخلت الدار أو عتق عبدي هذا ; فدخل الدار - وقع الطلاق والعتاق إن نوى ذلك ، وإن لم ينو فليس بشيء جعله بمنزلة كنايات الطلاق .

                                                                                                                                وجه قول محمد - عليه الرحمة - أن الوقوع للعادة ، والعادة في اللزوم ; لأنهم يذكرونه على إرادة الإيقاع ، ولا عادة في الإيجاب فلا يقع به شيء ولأبي يوسف رحمه الله أن الظاهر الإلزام والإيجاب للنذر ، ويحتمل أن يراد به التزام حكم الطلاق الواقع فيقف على النية كسائر كنايات الطلاق ولأبي حنيفة رحمه الله أن الطلاق لا يحتمل الإيجاب والإلزام ; لأنه ليس بقربة فبطل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية