الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما قدم أن العمد لا عقل فيه مسمى ، وإنما يتعين فيه القود على الوجه المتقدم نبه هنا على أنه يجوز الصلح فيه بما شاء الولي بقوله ( وجاز صلحه ) أي الجاني ( في ) جناية ( عمد ) قتلا كان مع ولي الدم ، أو جرحا مع المجني عليه ( بأقل ) من دية المجني عليه ( أو أكثر ) منها حالا ولأجل قريب ، أو بعيد وبعين وعرض وغيرهما وقد قدم هذا في الصلح بقوله ، وعن العمد بأقل ، أو أكثر ( والخطأ كبيع الدين ) مبتدأ وخبر أي أن الصلح في الخطإ في النفس ، أو الجرح حكمه حكم بيع الدية ; إذ دية الخطإ مال في الذمة وما صولح به عنها مال مأخوذ عنها فيجب مراعاة بيع الدين فيه فلا يجوز أخذ ذهب عن ورق وعكسه ; لأنه صرف مستأخر ولا أحدهما عن إبل وعكسه ; لأنه فسخ دين في دين ويدخل في الصلح بأقل من الدية ضع وتعجل وبأكثر لأبعد من أجلها سلف بزيادة وجاز بما حل معجلا في جميع الأقسام ( ولا يمضي ) الصلح من الجاني خطأ ( على عاقلته ) بغير رضاها ( كعكسه ) أي لا يمضي صلح العاقلة على الجاني بغير رضاه ويلزم كلا الصلح فيما ينوبه ( فإن ) ( عفا ) المجني عليه خطأ قبل موته ( فوصية ) أي ، فالعفو كالوصية بالدية للعاقلة والجاني ، فتكون في ثلثه ، وإن كان له مال ضمت لماله ودخلت في ثلث الجميع ( وتدخل الوصايا ) التي ، أوصى بها المجني عليه ( فيه ) أي فيما وجب من ثلث الدية ( وإن ) ، أوصى ( بعد سببها ) أي الدية وسببها الجرح ، أو إنفاذ المقاتل يعني أن المجني عليه إذا أوصى بوصايا غير العفو المذكور أو معه ، فإن الوصايا تدخل في ثلثه ومنه ثلث الدية ، ولا فرق في الوصايا بين أن يوصي بها قبل سبب الدية ، أو بعده إلا أن المتوهم إنما هي الوصايا قبل السبب [ ص: 264 ] فكان على المصنف أن يبالغ عليه بأن يقول ، وإن قبل سببها ( أو ) ، أوصى لرجل مثلا ( بثلثه ) قبل السبب فتدخل الوصية في ثلث الدية ; لأنها مال موروث عنه ( أو ) ، أوصى ( بشيء ) كدار ، أو عشرة دنانير ، أو عشرة أثواب ولم يعين ثلثا ولا غيره ، ثم جني عليه فتدخل الوصية في الدية ومحل دخول الوصية من حيث هي في الدية حيث ، أوصى قبل السبب ( إذا عاش ) المجني عليه ( بعدها ) أي بعد الجناية ( ما ) أي زمنا ( يمكنه ) فيه ( التغيير ) بأن كان صحيح الذهن ( فلم يغير ) في وصيته فإن رفع مغمورا بعد الجرح ، أو مات مكانه لم تدخل الوصية في الدية ( بخلاف ) دية ( العمد ) لا تدخل فيها الوصايا ، وإن عاش بعد الجرح ما يمكنه في التغيير ; لأنها مال طرأ للوارث بعد الموت بالصلح عليها فلا دخل للوصية فيها ( إلا أن ينفذ مقتله ويقبل وارثه الدية وعلم ) بقبول وارثه لها ولم يغير فتدخل الوصايا فيها ; لأن علمه بقبول وارثه الدية مع عدم تغيرها كإحداثها بعده ، وهذا بخلاف ما لو قال إن قبل وارثي الدية فوصيت فيها ، أو فقد أوصيت بثلثها فلا يعمل بقوله ولا يدخل منها في ثلثه شيء ، وكذا لو قال تدخل وصيتي فيما علمت وما لم أعلم فلا تدخل وصيته في دية العمد كما في النقل ( وإن ) ( عفا ) مجروح عمدا ، أو خطأ ( عن جرحه ) مجانا ( أو صالح ) عنه بمال ( فمات ) من جرحه ( فلأوليائه القسامة ، والقتل ) في العمد ، والدية في الخطإ ، أو لهم إمضاء العفو ، أو الصلح [ ص: 265 ] ( ورجع الجاني ) إن أقسموا ( فيما أخذ منه ) ، وهذا إن صالح عنه فقط وأما لو صالح عنه وعما يئول إليه فخلاف كما تقدم في الصلح بأتم مما هنا ( وللقاتل ) إن ادعى العفو عنه وأنكر الولي ( الاستحلاف على ) عدم ( العفو ) ( فإن ) حلف الولي أنه لم يعف فله القود ، وإن ( نكل حلف ) القاتل يمينا ( واحدة ) لا خمسين ( وبرئ ) فإن نكل قتل بلا قسامة ، وإذا ادعى أن له بينة على العفو غائبة حلفه الحاكم على ذلك ( وتلوم له ) بالاجتهاد ( في بينته الغائبة ) قربت غيبتها ، أو بعدت على ظاهر المدونة وحملها عليه عياض وغيره ( وقتل ) القاتل ( بما قتل ) به ( ولو نارا ) ، وهذا إن ثبت القتل ببينة ، أو اعتراف فإن ثبت بقسامة قتل بالسيف كما قال ابن رشد ( إلا ) أن يثبت القتل ( بخمر ، أو لواط ) أقر به وأما لو ثبت بأربعة شهود فحده الرجم ( وسحر ) ثبت ببينة ، أو إقرار ( وما يطول ) كمنعه طعاما ، أو ماء حتى مات ، أو نخسه بإبرة ونحو ذلك فيتعين السيف في هذه الأربعة ( وهل ، والسم ) بفتح المهملة في الأكثر ، والكسر لغة تميم ، والضمة لغة أهل العالية أي لا يقتل به ( أو ) يقتل به و ( يجتهد في قدره ) أي في القدر الذي يموت به من السم ( تأويلان ) ، وإذا قتل بما قتل ( فيغرق ويخنق ويحجر ) إن فعل بالمقتول ذلك أي إن قتل بحجر قتل به ، وكذا ما قبله ( و ) من قتل بعصا ( ضرب بالعصا للموت كذي عضوين ) أي ضربه بالعصا مرتين فمات فإنه يضرب بالعصا حتى يموت فلا يشترط تساوي العدد ( ومكن مستحق ) للقصاص ( من السيف مطلقا ) سواء قتل الجاني به [ ص: 266 ] أو بغيره ( واندرج طرف ) كيد ورجل وعين في قتل النفس ( إن تعمده ) الجاني ، ثم قتله ، وإن كان الطرف ( لغيره ) أي لغير المقتول كقطع يد شخص وفقء عين آخر وقتل آخر عمدا فيندرجان في النفس ; لأنها تأتي على الجميع ولا تقطع يده ، ثم تفقأ عينه ، ثم يقتل ( لم يقصد ) القاتل ( مثلة ) بالمقتول فإن قصدها فعل به ما فعل ، ثم يقتل فقوله لم يقصد إلخ أي بطرف المجني عليه المقتول وأما طرف غيره فيندرج ولو قصد المثلة على الراجح واحترز بقوله إن تعمده عن الخطإ فإن فيه الدية ( كالأصابع ) تقطع عمدا تندرج ( في ) قطع ( اليد ) عمدا بعد الأصابع ما لم يقصد مثلة .

التالي السابق


( قوله : ولما قدم إلخ ) أشار بهذا الدخول إلى عدم معارضة قوله وجاز صلحه إلخ لقوله فيما مر ، فالقود عينا وذلك ; لأن ما هنا مع تراضيهما أي الجاني وولي الدم وتعين القود فيما مر عند عدم التراضي ( قوله : أن العمد لا عقل فيه ) أي سواء كان قتلا ، أو جرحا ، وإنما يتعين فيه القود أي إذا لم يكن الجرح من المتالف ، وإلا فلا قود فيه بل في الدية كالآمة ، والدامغة ومنقلة الرأس كما مر ( قوله : وجاز صلحه ) من إضافة المصدر لفاعله أي جاز أن يصالح الجاني ولي الدم ، أو المجروح في جناية العمد بأقل إلخ ( قوله : وقد قدم هذا إلخ ) أي وحينئذ فما هنا تكرار مع ما تقدم له في باب الصلح .

. ( تنبيه )

لو صالح الجاني ولي الدم على شيء بشرط أن يرحل من البلد ولا يعود إليها أصلا ، أو بعد مدة فأقوال ابن كنانة الشرط باطل ، والصلح جائز وقال ابن القاسم لا يجوز الصلح وينقض ويرجع الدية كاملة وقال ابن نافع ينقض الصلح ويقتص وقال المغيرة الشرط جائز ، والصلح لازم وكان سحنون يعجبه قول المغيرة ويراه حسنا فإن التزم القاتل أنه إن عاد للبلد فلهم القود ، أو الدية كان لهم ذلك انظر البدر القرافي ( قوله : مال في الذمة ) أي ، فهو دين ( قوله : فلا يجوز أخذ ذهب ) أي مؤجل عن ورق ، وكذا يقال في العكس ( قوله : ولا أحدهما ) أي ولا يجوز أخذ أحدهما أي الذهب ، أو الورق حال كونه مؤجلا عن إبل ومثل أخذ أحدهما مؤجلا أخذ عرض مؤجل عن إبل ( قوله : ويدخل في الصلح بأقل من الدية ضع وتعجل ) أي إذا عجل الأقل ( قوله : وجاز بما حل معجلا إلخ ) أي وجاز الصلح عن دية الخطإ بحال معجل في جميع الأقسام المذكورة فيجوز أخذ ذهب معجل عن ورق وعكسه ، وكذا أخذ أحدهما معجلا عن إبل ، والمراد بالتعجيل الدفع بالفعل ، وإنما يشترط ذلك ; لأن الحلول من غير تعجيل لا يخرجه عن كونه دينا فيلزم المحذور ( قوله : ولا يمضي على عاقلته ) أي بالنسبة لما يلزم العاقلة من الدية ; لأنه فضولي وقوله كعكسه أي بالنسبة لما يلزمه منها .

، والحاصل أن صلحه عنهم فيما يلزمه من دية الخطإ لا يمضي وصلحهم عن الجاني فيما يلزمه منها لا يمضي ويمضي صلحهم بالنسبة لما ينوبهم ، وكذا صلحه يمضي بالنسبة لما ينوبه ( قوله : فإن عفا المجني عليه خطأ ) أي عن دية الخطإ وأما لو قال لا تعفوا عن قاتلي عمدا فإن ثبت القتل بقسامة فلأوليائه العفو ولهم القصاص ، وإن ثبت ببينة ، أو إقرار فلا عفو لهم قاله أصبغ ولو وكل المقتول وكيلا على أن يعفو فإن ثبت القتل بقسامة ، فالأمر للأولياء ، وإن ثبت ببينة ، أو إقرار ، فالأمر للوكيل في العفو كذا في البدر نقلا عن الغرياني على المدونة ( قوله : فتكون في ثلثه ) أي فإذا لم يكن له مال أصلا حط عن الجاني ، وعن عاقلته ثلثها ودفعوا لورثة المجني عليه ثلثيها ( قوله : ضمت لماله ) فإذا كان ماله ألفي دينار ضمت لهما وحطت عن العاقلة ، والجاني ; لأن ثلث الجميع يحتملها ، وإن كان وماله ألفا حط عنهم منها ثلث الألفين ، وهو ستمائة وستة وستون وثلثان ولزمهم ثلثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ( قوله وتدخل الوصايا فيه ) أي وتدخل الوصايا في دية الخطإ أي في ثلثها مضافا لثلث ماله إن كان له مال فضمير فيه عائد على دية الخطإ على حذف مضاف كما علمت ، وإنما ذكر الضمير نظرا لكونها أمرا واجبا كما أشار له الشارح ، أو نظرا لكونها مالا ( قوله : فيما وجب من ثلث الدية ) أي دية الخطإ ( قوله : ومنه ثلث الدية ) أي ; لأن الدية تضم لماله وتصير مالا وينظر لثلث الجميع فإن حمل الدية الموصى بها فقط نفذت الوصية بها ، وإن كان هناك وصايا أخر اشترك الجميع في الثلث فإن حمل الجميع فلا [ ص: 264 ] إشكال ، وإن ضاق عن الجميع وجب المصير لقول المصنف وقدم لضيق الثلث إلخ ( قوله : فكان على المصنف إلخ ) أصل هذا الاعتراض لابن غازي ، وهو مبني على أن بعد في كلام المصنف يضبط بسكون العين ظرفا وأما إن ضبط بضم العين بصيغة الماضي فلا يتوجه هذا الاعتراض على المصنف ( قوله قبل السبب ) أي ، أو بعده أيضا ( قوله : فتدخل الوصية في ثلث الدية ) أي فإذا لم يكن له مال أصلا دفع له ثلثها ، وإن كان له مال ضم للدية ودفع ثلث الجميع للموصى له ( قوله : أو ، أوصى بشيء ) أي معين كدار ، أو دابة معينة وأما غير المعين ، فهو قوله وتدخل الوصايا فيه فقول الشارح كدار إلخ ينبغي حمل ذلك على المعين ( قوله ومحل دخول الوصية ) أي في ثلث الدية وقوله من حيث هي أي سواء كانت بثلثه ، أو بشيء معين ، أو غير معين كالوصية لزيد بعشرة ولعمرو بمائة وأشار الشارح بذلك إلى أن قول المصنف إذا عاش إلخ شرط في قوله وتدخل الوصايا فيه وفيما بعده بالنظر لما قبل المبالغة ( قوله : حيث ، أوصى بها قبل السبب ) أي وأما إذا ، أوصى بعده فإنها تدخل في ثلث الدية من غير شرط ( قوله : يمكنه فيه التغيير ) أي لوصيته ( قوله : فلم يغير ) أي الوصية الحاصلة منه قبل الجناية مع تمكنه من تغييرها فلما عاش بعد السبب مدة يمكنه فيها التغيير ولم يغير نزل ذلك منزلة إحداثها بعده ( قوله : بخلاف العمد ) مخرج من قوله وتدخل وصاياه فيه كما أشار له الشارح .

وحاصله أن من قتل عمدا ولم يعف عن قاتله وله وصايا ، ثم بعد موته قبل ورثته الدية فإن وصاياه لا تدخل في الدية ; لأنها مال لم يعلم به الميت قبل موته ، والوصايا لا تدخل إلا فيما علم للميت حين موته قال في كتاب محمد ولو أن الموصي قال إن قبل ، أولادي الدية فوصيتي فيها ، أو أوصي بثلثها لم يجز ولا يدخل شيء من وصاياه في ثلثها لعدم علمه بها حين موته وقال ابن رشد ولو قال يخرج ثلثي مما علمت ومما لم أعلم لم يدخل في ذلك الدية ; لأنها مال لم يكن بل طرأ للوارث بعد الموت ا هـ فظهر لك من هذا أن دية العمد قيل إنها مال من أموال الميت وعدم دخول الوصايا فيها لعدم علمه بها حين الموت وقيل أنها ليست مالا له ، وإنما هي إذا قبلت مال طرأ للورثة بعد الموت قال بن وفي الثاني نظر لاقتضائه أنه لا يقضى بها دينه وليس كذلك بل يقضى بها دينه كما في ح والمواق ، فالصواب القول الأول وشارحنا قد جنح لما قاله ابن رشد حيث قال ; لأنها مال طرأ للوارث إلخ ( قوله ، وإن عاش بعد الجرح ما يمكنه ) أي مدة يمكنه فيها التعبير لوصيته ولم يغيرها ( قوله فلا دخل للوصية فيها ) أي ; لأنها ليست بمال للميت ( قوله إلا أن ينفذ مقتله ) أي بقطع نخاع ، أو ثقب مصران .

وحاصله أن الجاني عمدا إذا أنفذ مقتلا من مقاتل المجني عليه الموصي بوصايا قبل الجناية ، ثم إن ، أولياءه قبلوا الدية من الجاني وعلم المجني عليه بذلك القبول ولم يغير وصاياه الحاصلة منه مع تمكنه من ذلك فإنها تدخل في ثلث تلك الدية ; لأنها مال له علم به قبل موته وسكوته عن تغييرها مع تمكنه بمنزلة إحداثها بعد العلم ( قوله كإحداثها ) أي الوصايا بعده أي بعد العلم ( قوله : فلا يعمل بقوله ) أي لا عند محمد ولا عند ابن رشد أما عند ابن رشد فلأنها مال طرأ للوارث إذا قبلها وأما عند محمد فلأن الموصي لم يعلم بكونها مالا له حين الموت ( قوله : ولا يدخل منها ) أي من الدية شيء في ثلثه ولو قال ولا تدخل وصيته في شيء منها كان أحسن ( قوله : فلا تدخل وصيته في دية العمد ) أي بغير الشرط المذكور في المصنف ، وهو قوله إلا أن ينفذ إلخ وذلك ; لأن الدية ليست من ماله ، وهو إنما أراد ما لم أعلم من مالي ، ثم إن عدم الدخول مبني على ما لابن رشد وأما على كلام محمد فتدخل الوصية فيها فقول الشارح كما في النقل أي عن ابن رشد تأمل ( قوله ، أو صالح عنه بمال ) أي وأخذه منه ( قوله : فلأوليائه القسامة إلخ ) أفاد المصنف أن الخيار للأولياء لا للجاني فإذا أراد الجاني الرجوع فيما أخذ منه صلحا وطلب القسامة من الأولياء ، والقود فيه وأبى [ ص: 265 ] الأولياء من ذلك وطلبوا إمضاء الصلح فلا كلام للجاني ، والكلام إنما هو للأولياء ( قوله : ورجع الجاني ) أي ، وإذا نقض الأولياء الصلح الحاصل من وليهم وأقسموا رجع الجاني بما أخذه من المجني عليه صلحا أي رجع بذلك على تركة المجني عليه ( قوله : إن صالح عنه ) أي عن الجرح ( قوله : الاستحلاف ) أي تحليف الولي أنه لم يعف عنه ، وهذا قول ابن القاسم وقال أشهب ليس له تحليف الولي بل إما أن يثبت الجاني ما ادعاه من العفو ، وإلا قتل وفي بن عن ابن عاشر استشكال تحليف الجاني لولي الدم مع قولهم كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها وعدوا من ذلك العفو ( قوله على عدم إلخ ) أشار إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف ، وهو غير متعين لجواز جعل على للتعليل كما في قوله تعالى { ولتكبروا الله على ما هداكم } ( قوله : حلف القاتل يمينا واحدة ) أي إن ولي الدم عفا عنه ( قوله لا خمسين ) أي ; لأن الولي إنما يحلف يمينا واحدة أنه لم يعف وقدرها على الجاني ( قوله : فإن نكل قتل بلا قسامة ) أي ; لأن دعوى القاتل أن ولي الدم عفا عنه تتضمن اعترافه بالقتل ( قوله : حلفه الحاكم على ذلك ) أي على أن له بينة غائبة تشهد له بعفو الولي عنه ( قوله : وتلوم له بالاجتهاد إلخ ) أي فإذا مضت مدة التلوم ولم تأت تلك البينة اقتص منه فإن اقتص الحاكم منه بعد التلوم فقدمت وشهدت بالعفو فينبغي أن تكون الدية في مال الولي ولا يقتص منه ولا يكون من خطإ الإمام فإن اقتص الحاكم من غير تلوم فعلى عاقلته قطعا وانظر إذا قتله الولي من غير تلوم ، فهل كذلك على عاقلته ، أو يقتص منه ا هـ عبق ( قوله : وقتل بما قتل به إلخ ) فهم منه أن الجراح ليست كذلك ; إذ يطلب فيها القصاص من الجاني بأرفق مما جنى به فإذا ، أوضحه بحجر ، أو عصا اقتص منه بالموسى ( قوله : ولو نارا ) ، لكن لا يشترط المماثلة في الصفة ورد بلو على من قال لا يقتص بالنار ممن قتل بها وعلى المشهور يكون القصاص بالنار مستثنى من النهي عن التعذيب بها ( قوله : إلا أن يثبت القتل بخمر ) أي إلا أن يثبت ببينة ، أو إقرار على أنه أكرهه على الإكثار من شربه حتى مات فلا يقتل بما قتل به بل يقتل قصاصا بالسيف ( قوله : أو لواط أقر به ) أي أنه إذا أقر بأنه لاط به فمات وثبت ذلك الإقرار بالبينة فلا يقتل بما قتل به بل بالسيف ، والفرض أنه لم يستمر على إقراره بل رجع عنه ولا يقال أن من أقر بالزنا ورجع عن إقراره يقبل رجوعه ; لأن قبول رجوعه من حيث عدم رجمه فلا ينافي أنه يقتل بالسيف لإقراره بالقتل ; لأن إقراره بالقتل لا ينفع فيه رجوعه قال البساطي معنى قولهم لا يقتل بلواط أنه لا يجعل له خشبة تحرك في دبره حتى يموت لفحش ذلك ، وإلا ، فاللواط لا يقتل عادة وموت المجني عليه فرض اتفاق ( قوله وأما لو ثبت بأربعة شهود إلخ ) أي ، أو بإقرار واستمر على إقراره ( قوله : ثبت ببينة ، أو إقرار ) أي فيقتص منه بالسيف ولا يؤمر ذلك الساحر أن يفعل السحر لنفسه بحيث يموت به ; لأن الأمر بالمعصية معصية خلافا للبساطي القائل أنه إذا أقر به يؤمر بفعله لنفسه فإن مات ، وإلا ، فالسيف ( قوله : ، وهل ، والسم ) أي إذا قتل الجاني به شخصا فإنه لا يقتل به ، وإنما يقتل بالسيف كالمستثنيات الأربع ، والسم في كلام المصنف بالجر عطف على خمر ( قوله : أو يجتهد ) عطف على مقدر كما أشار له الشارح ( قوله : تأويلان ) الأول لأبي محمد بن أبي زيد ، والثاني لابن رشد ( قوله : أي إن قتل بحجر قتل به ) أي فيضرب به في محل خطر بحيث يموت بسرعة لا أنه يرمى بالحجارة حتى يموت ( قوله : وكذا ما قبله ) أي فمن قتل شخصا بالتغريق ، أو بالخنق فإنه يفعل به مثل ذلك ( قوله : كذي عصوين ) أي كذي ضربة عصوين وقوله أي ضربه بالعصا مرتين أي فمات من ذلك ( قوله : ومكن مستحق للقصاص من السيف ) يعني أن مستحق [ ص: 266 ] الدم إذا طلب أن يقتص من الجاني بالسيف فإنه يجاب لذلك سواء كان الجاني قتل بالسيف ، أو بغيره من الوجوه السابقة وسواء قتل بأخف من السيف أم لا هذا هو المعتمد خلافا لابن عبد السلام القائل أن محل ذلك ما لم يكن الجاني قتل بأخف من السيف كلحس فص ، وإلا فعل به ذلك ولا يقتل بالسيف وأشعر كلام المصنف هنا أن القتل بما قتل به حق لولي المجني عليه لا لله فلذا كان لولي المجني عليه أن يختار السيف دون غيره ( قوله : إن تعمده ) أي إن تعمد الطرف أي إن تعمد تلفه ( قوله : أي بطرف المجني عليه ) أشار الشارح بهذا إلى أن قول المصنف لم يقصد مثله راجع لما قبل المبالغة وقد تبع الشارح في ذلك ابن مرزوق والمواق وكلام التوضيح يقتضي أنه قيد فيهما واستظهره بن ( قوله : ولو قصد المثلة ) أي بصاحب الأطراف التي قطعها ( قوله كالأصابع تقطع عمدا ) أي وأما لو قطعت خطأ فلا اندراج فإذا قطع أصابع شخص خطأ ، ثم قطع كفه عمدا أخذ دية الأصابع وفي الكف حكومة وأما قول عبق تبعا لتت أخذ دية الأصابع واقتص للكف فقد اعترضه طفى بأن يد المجني عليه إذا كانت ناقصة أكثر من الأصبع لا قصاص فيها سواء كان النقص بجناية عمدا ، أو خطأ وسواء كان الجاني ثانيا هو الجاني أولا ، أو غيره ( قوله : تندرج في قطع اليد ) أي سواء كانت يد من قطعت أصابعه ، أو يد غيره فإذا قطع أصابع شخص عمدا ، ثم قطع كفه عمدا بعد ذلك قطع الجاني من الكوع ، أو قطع أصابع رجل ويد آخر من الكوع ويد آخر من المرفق قطع لهم من المرفق إن لم يقصد مثلة ، ، وإلا لم تندرج الصورتان بل تقطع أصابعه أولا ، ثم كفه في الأولى وفي الثانية تقطع أصابعه ، ثم يده من الكوع ، ثم من المرفق




الخدمات العلمية