الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قال أبو حنيفة - رحمة الله عليه - خيار المجلس غير ثابت في عقود المعاوضات المحضة ، وقال الشافعي - رحمة الله عليه - : ثابت .

                                                                                                                                                                                                                                            احتج أبو حنيفة بالنصوص :

                                                                                                                                                                                                                                            أولها : هذه الآية ، فإن قوله : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) ظاهره يقتضي الحل عند حصول التراضي ، سواء حصل التفرق أو لم يحصل .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله : ( أوفوا بالعقود ) [ المائدة : 1 ] فألزم كل عاقد الوفاء بما عقد عن نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " وقد حصلت الطيبة ههنا بعقد البيع ، فوجب أن يحصل الحل .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " من ابتاع طعاما لا يبعه حتى يقبضه " جوز بيعه بعد القبض .

                                                                                                                                                                                                                                            وخامسها : ما روي أنه - عليه السلام - نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصيعان ، وأباح بيعه إذا جرى فيه الصيعان ، ولم يشترط فيه الافتراق .

                                                                                                                                                                                                                                            وسادسها : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه " . واتفقوا على أنه كما اشترى حصل العتق ، وذلك يدل على أنه يحصل الملك بمجرد العقد .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن الشافعي يسلم عموم هذه النصوص ، لكنه يقول : أنتم أثبتم خيار الرؤية في شراء ما لم يره المشتري بحديث اتفق المحدثون على ضعفه ، فنحن أيضا نثبت خيار المجلس بحديث اتفق علماء الحديث على قبوله ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا " . وتأويلات أصحاب أبي حنيفة لهذا الخبر وأجوبتها مذكورة في الخلافيات ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية