الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2817 ) فصل : فإن كان المشتركان في الاسم الخاص من أصلين مختلفين ، فهما جنسان ; كالأدقة ، والأخباز ، والخلول ، والأدهان ، وعصير الأشياء المختلفة ، كلها أجناس مختلفة باختلاف أصولها . وحكي عن أحمد ، أن خل التمر ، وخل العنب ، جنس . وحكي ذلك عن مالك ; لأن الاسم الخاص يجمعهما . والصحيح أنهما جنسان ; لأنهما من أصلين مختلفين ، فكانا جنسين ، كدقيق الحنطة ، ودقيق الشعير . وما ذكر للرواية الأخرى منتقض بسائر فروع الأصول التي ذكرناها .

                                                                                                                                            وكل نوع مبني على أصله ، فإذا كان شيئان من أصلين فهما جنسان ، فزيت الزيتون ، وزيت البطم ، وزيت الفجل ، أجناس . ودهن السمك والشيرج ، ودهن الجوز ، ودهن اللوز والبزر أجناس . وعسل النحل ، وعسل القصب ، جنسان . وتمر النخل ، وتمر الهند جنسان . وكل شيئين أصلهما واحد فهما جنس واحد ، وإن اختلفت مقاصدهما ; فدهن الورد ، والبنفسج ، والزئبق ، ودهن الياسمين ، إذا كانت من دهن واحد ، فهي جنس واحد .

                                                                                                                                            وهذا الصحيح من مذهب الشافعي ، وله قول آخر : لا يجري الربا فيها ; لأنها لا تقصد للأكل . وقال أبو حنيفة : هي أجناس ; لأن مقاصدها مختلفة .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها كلها شيرج ، وإنما طيبت بهذه الرياحين ، فنسبت إليها ، فلم تصر أجناسا ، كما لو طيب سائر أنواع الأجناس . وقولهم : لا تقصد الرياحين للأكل . قلنا : هي صالحة للأكل ، وإنما تعد لما هو أعلى منه ، فلا تخرج عن كونها مأكولة بصلاحها لغيره . وقولهم : إنها أجناس . لا يصح ; لأنها من أصل واحد ، ويشملها اسم واحد ، فكانت جنسا ، كأنواع التمر ، والحنطة .

                                                                                                                                            ( 2818 ) فصل : وقد يكون الجنس الواحد مشتملا على جنسين ، كالتمر ، يشتمل على النوى وغيره ، وهما جنسان ، واللبن ، يشتمل على المخيض والزبد ، وهما جنسان ، فما داما متصلين اتصال الخلقة فهما جنس واحد ، فإذا ميز أحدهما من الآخر ، صارا جنسين ، حكمهما حكم الجنسين الأصليين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية