الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3242 ) مسألة ; قال :

                                                                                                                                            ( وإذا لم يكن السلم فيه ، كالحديد والرصاص ، وما لا يفسد ، ولا يختلف قديمه وحديثه ، لم يكن عليه قبضه قبل محله ) يعني بالسلم : المسلم فيه ، باسم المصدر ، كما يسمى المسروق سرقة والمرهون رهنا . قال إبراهيم : خذ سلمك أو دون سلمك ، ولا تأخذ فوق سلمك . ومتى أحضر المسلم فيه على الصفة المشروطة ، لم يخل من ثلاثة أحوال : أحدها ، أن يحضره في محله ، فيلزمه قبوله ; لأنه أتاه بحقه في محله ، فلزمه قبوله ، كالمبيع المعين ، وسواء كان عليه في قبضه ضرر ، أو لم يكن .

                                                                                                                                            فإن أبى ، قيل له : إما أن تقبض حقك ، وإما أن تبرئ منه . فإن امتنع قبضه الحاكم من المسلم إليه للمسلم ، وبرئت ذمته منه ; لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع بولايته ، وليس له أن يبرئ ; لأنه لا يملك الإبراء .

                                                                                                                                            الحال الثاني ، أن يأتي به قبل محله ، فينظر فيه ، فإن كان مما في قبضه قبل محله ضرر ، إما لكونه مما يتغير ، كالفاكهة والأطعمة كلها ، أو كان قديمه دون حديثه ، كالحبوب ونحوها ، لم يلزم المسلم قبوله ; لأن له غرضا في تأخيره ، بأن يحتاج إلى أكله أو إطعامه في ذلك الوقت ، وكذلك الحيوان ; لأنه لا يأمن تلفه ، ويحتاج إلى الإنفاق عليه إلى ذلك الوقت ، وربما يحتاج إليه في ذلك الوقت دون ما قبله .

                                                                                                                                            وهكذا إن كان مما يحتاج في حفظه إلى مؤنة ، كالقطن ونحوه ، أو كان الوقت مخوفا يخشى نهب ما يقبضه ، فلا يلزمه الأخذ في هذه الأحوال كلها ; لأن عليه ضررا في قبضه ، ولم يأت محل استحقاقه له ، فجرى مجرى نقص صفة فيه . وإن كان مما لا ضرر في قبضه ، بأن يكون لا يتغير ، كالحديد والرصاص والنحاس ، فإنه يستوي قديمه وحديثه ، ونحو ذلك الزيت والعسل ، ولا في قبضه ضرر الخوف ، ولا تحمل مؤنة ، فعليه قبضه ; لأن غرضه حاصل مع زيادة تعجيل المنفعة ، فجرى مجرى زيادة الصفة وتعجيل الدين المؤجل . الحال الثالث ، أن يحضره بعد محل الوجوب ، فحكمه حكم ما لو أحضر المبيع بعد تفرقهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية