الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فإن عدمه ) أي : عدم المتمتع والقارن الهدي ( موضعه أو وجده ) يباع ( ولا ثمن معه إلا في بلده فصيام ثلاثة أيام في الحج ) قيل معناه في أشهر الحج وقيل : معناه : في وقت الحج ; لأنه لا بد من إضمار ; لأن الحج أفعال لا يصام فيها وإنما يصام في أشهرها أو وقتها وذلك كقوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } أي : في أشهر .

                                                                                                                      ( ولا يلزمه أن يقترض ) ثمن الهدي ( ولو وجد من يقرضه ) ; لأن الظاهر استمرار إعساره ( ويعمل بظنه في عجزه ) عن الهدي ( فإن الظاهر من المعسر استمرار إعساره فلهذا جاز ) للمعسر ( الانتقال إلى الصوم قبل زمان الوجوب ) أي : وجوب الصوم ; لأنه يجب بطلوع فجر يوم النحر .

                                                                                                                      ( والأفضل : أن يكون آخر الثلاثة يوم عرفة ) نص عليه ( فيصومه ) أي : يوم عرفة هنا استحبابا ( للحاجة ) إلى صومه .

                                                                                                                      ( ويقدم الإحرام بالحج قبل يوم التروية فيكون اليوم السابع من ) ذي ( الحجة محرما ) فيحرم قبل طلوع فجره ( وهو أولها ) ليصومها كلها وهو محرم بالحج .

                                                                                                                      ( وله تقديمها ) أي : الأيام الثلاثة ( قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة ) لا قبله وأن يصومها في إحرام العمرة ; لأن إحرام العمرة أحد إحرامي التمتع فجاز الصوم فيه وبعده كالإحرام بالحج ; ولأنه يجوز تقديم الواجب على وقت وجوبه إذا وجد سبب الوجوب وهو هنا إحرامه بالعمرة في أشهر الحج كتقديم الكفارة على الحنث بعد اليمين و ( لا ) يجوز تقديم صومها ( قبله ) أي : قبل إحرام العمرة لعدم وجود سبب الوجوب كتقديم الكفارة على اليمين ( ووقت وجوب صوم الأيام الثلاثة : وقت وجوب الهدي ) وهو طلوع فجر يوم النحر على ما تقدم ; لأنها بدله .

                                                                                                                      ( وتقدم ) وقت وجوبه ( و ) صيام ( سبعة ) أيام ( إذا رجع إلى أهله ) [ ص: 454 ] لقوله تعالى { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة } .

                                                                                                                      ( ولا يصح صومها ) أي : السبعة ( بعد إحرامه بالحج قبل فراغه منه ) قالوا : ; لأن المراد بقوله تعالى { إذا رجعتم } يعني من عمل الحج ; لأنه المذكور ( ولا ) يصح صومها ( في أيام منى لبقاء أعمال من الحج كرمي الجمار ولا ) يصح صوم السبعة ( بعدها ) أي : بعد أيام منى ( قبل طواف الزيارة ) ; لأنه قبل ذلك لم يرجع من عمل الحج قلت وكذا بعد الطواف وقبل السعي .

                                                                                                                      ( و ) إن صام السبعة ( بعده ) أي : بعد الطواف ولعل المراد : والسعي ( يصح ) ; لأنه رجع من عمل الحج .

                                                                                                                      ( والاختيار ) أن يصومها ( إذا رجع إلى أهله ) لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله } متفق عليه ( فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى ) وهي أيام التشريق لقول ابن عمر وعائشة " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي رواه البخاري ; ولأن الله تعالى أمر بصيام الأيام الثلاثة في الحج ولم يبق من الحج إلا هذه الأيام فتعين فيها الصوم .

                                                                                                                      ( ولا دم عليه ) إذا صامها أيام منى ; لأنه صامها في الحج ( فإن لم يصمها ) أي : الثلاثة أيام ( فيها ) أي : في أيام منى ولا قبلها ( ولو لعذر ) كمرض ( صام بعد ذلك عشرة أيام ) كاملة استدراكا للواجب ( وعليه دم ) لتأخيره واجبا من مناسك الحج عن وقته .

                                                                                                                      ( وكذا إن أخر الهدي عن أيام النحر لغير عذر ) فعليه دم لتأخير الهدي الواجب عن وقته فإن كان لعذر كأن ضاعت نفقته فلا دم عليه ( ولا يجب تتابع ولا تفريق في صوم الثلاثة ولا ) في صوم ( السبعة ولا بين الثلاثة والسبعة إذا قضى ) الثلاثة أو صامها أيام منى ; لأن الأمر ورد بها مطلقا وذلك لا يقتضي جمعا ولا تفريقا .

                                                                                                                      ( ومتى وجب عليه الصوم ) لعجزه عن الهدي وقت وجوبه ( فشرع فيه ) أي : الصوم ( أو لم يشرع ) فيه ( ثم قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه ) اعتبارا بوقت الوجوب كسائر الكفارات .

                                                                                                                      ( وإن شاء انتقل ) عن الصوم إلى الهدي ; لأنه الأصل وإن صام قبل الوجوب ثم قدر على الهدي وقت الوجوب فصرح ابن الزاغوني : بأنه لا يجزئه الصوم ، وإطلاق الأكثرين يخالفه .

                                                                                                                      وفي كلام بعضهم تصريح به قاله في القاعدة الخامسة واقتصر [ ص: 455 ] عليه في الإنصاف ( ومن لزمه صوم المتعة فمات قبل أن يأتي به ) كله أو بعضه ( لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكين ) من تركته إن كانت وإلا استحب لوليه كقضاء رمضان ولا يصام عنه لوجوبه بأصل الشرع بخلاف النذر ( وإلا ) أي : وإن لم يكن عدم إتيانه به لغير عذر بأن كان لعذر ( فلا ) إطعام عنه لعدم تقصيره .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية