الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن كان أقر له ، وهو غير وارث ، ثم صار وارثا يوم موته بأن أقر لأخيه وله ابن ، ثم مات الابن قبله حتى صار الأخ وارثا بطل إقراره له عندنا ، وقال زفر رحمه الله : إقراره له صحيح ; لأن الإقرار موجب الحق بنفسه فإنما ينظر إلى حال الإقرار ، وقد حصل لمن ليس بوارث فلا يبطل بصيرورته وارثا بعد ذلك كما لو أقر له في صحته ، ثم مرض وكما لو أقر لأجنبية ، ثم تزوجها وبهذا فارق [ ص: 33 ] الهبة والوصية لأنها مضافة إلى ما بعد الموت حقيقة أو حكما .

( ألا ترى ) أنه لو وهب لأجنبية ، ثم تزوجها ، ثم مات لم تصح الهبة ونظر فيه إلى وقت الموت لا إلى وقت الهبة بخلاف الإقرار فكذلك هنا ولنا أنه ورث بسبب كان يثبت قائما وقت الإقرار فيتبين أن إقراره حصل لوراثة ، وذلك باطل ، وهذا لأن الحكم مضاف إلى سببه ، فإذا كان السبب قائما وقت الإقرار تثبت صفة الوارثة للمقر له من ذلك الوقت بخلاف الأجنبية إذا تزوجها ; لأنها صارت وارثة بسبب حادث بعد الإقرار ، والحكم لا يسبق سببه فلا يتبين أن الإقرار حين حصل كان للوارث وبخلاف ما لو أقر في الصحة ، ثم حصل له مرض حادث بعد الإقرار فالحجر بسببه لا يستند إلى وقت الإقرار ، ثم الفرق بين الإقرار والوصية أو الهبة في حق من صار وارثا بسبب حادث من موالاته أو زوجته أن الإقرار ملزم بنفسه ويتبين أن المقر به ليس من تركته فالوراثة الثابتة بسبب حادث بعده لا يكون مؤثرا فيه . فأما الهبة والوصية كالمضاف إلى ما بعد الموت ، فإذا صار من ورثته بسبب حادث كان المانع قائما وقت لزومه فلهذا لا يصح ، وهو نظير إقرار المريض الوديعة مع الهبة على ما بينا في الباب المتقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية