الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كفل رجل رجلا وقال إن لم أوافيك به غدا ; فعلي ألف درهم ولم يقل [ ص: 178 ] التي لك فمضى الغد ولم يواف به وفلان ينكر أن يكون عليه شيء والطالب يدعي عليه ألف درهم والكفيل ينكر أن يكون له عليه شيء فالمال لازم على الكفيل . في قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وفي قوله الأول وهو قول محمد - رحمه الله - لا شيء عليه لأن بمجرد دعوى الطالب لا يثبت المال على واحد منهما ; فكانت هذه رشوة التزمها الكفيل له عند عدم الموافاة . والرشوة حرام ولو جعلناه كأنه قال : فعلي الألف التي لك عليه لزمه المال ، ولو جعلناه كأنه قال فلك علي ألف درهم ابتداء من جهتي ; لم يلزمه شيء والمال لا يجب بالشك ; لعلمنا ببراءة ذمته في الأصل ووقوع الشك في اشتغالها . وحجتهما ما بينا أن الصحة مقصود كل متكلم ، فمهما أمكن حمل كلامه على وجه صحيح ; يجب حمله عليه . ولو حملناه على الالتزام بطريق الرشوة ; لم يصح ، ولو حملناه على الالتزام بطريق الكفالة عن فلان ; كان صحيحا . فعلي ما لك عليه - وهو ألف درهم - موجب حمله على هذا الوجه .

( ألا ترى ) أن من قال لغيره : لك علي ألف درهم ، حمل كلامه على الإقرار ; فيصح ولا يحمل على الالتزام ابتداء ; لأنه إذا حمل عليه لم يصح .

توضيحه : أن أول كلامه كفالة صحيحة عن فلان والأصل : أن ما مبناه على كلام صحيح ; يكون صحيحا على ما بينا هذا في الفرق بين الوجه واليد - إن شاء الله تعالى - وإذا حملنا آخر كلامه على الكفالة ; كان ذلك إقرارا منه بوجوب المال على فلان وإقراره صحيح في حق نفسه ، فلا ينفعه الإنكار بعد ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية