الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا مر العبد بمال مولاه يتجر به لم يأخذ منه العشر إلا أن يكون المولى حاضرا ، أما إذا كان المال بضاعة في يد العبد للمولى فهو غير مشكل كما لو كان بضاعة مع أجنبي . وأما إذا كان المال كسب العبد وهو مأذون فإن كان عليه دين يحيط به فلا زكاة عليه فيه ، وإن لم يكن عليه دين فإن كان المولى معه يأخذ منه الزكاة ، وإن لم يكن المولى معه ففي كتاب الزكاة يقول : لا يأخذ منه الزكاة ثم رجع ، وقال : لا يأخذ منه شيئا . وفي الجامع الصغير يقول يأخذ منه ربع العشر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يأخذ منه في قولهما ، وفي المضارب إذا مر على العاشر بمال المضاربة كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولا : يأخذ منه الزكاة ، ثم رجع ، وقال : لا يأخذ منه شيئا وهو قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - ولا أعلمه رجع في العبد أم لا ، وقياس قوله الثاني في المضارب يوجب أن لا يأخذ من العبد شيئا أيضا . وجه قوله الأول [ ص: 202 ] أن المضارب له حق قوي يشبه الملك فإنه شريك في الربح ، وإذا صار المال عروضا يملك التصرف على وجه لو نهاه رب المال لا يعمل نهيه فكان حضور المضارب كحضور المالك . وجه قوله الآخر أن المضارب أمين في المال كالمستبضع والأجير ، وإنما فوض إليه التجارة في المال لا أداء الزكاة ، والزكاة تستدعي نية من عليه فإن كان قوله الثاني في العبد أنه لا يأخذ منه أيضا فلا حاجة إلى الفرق ، وإن لم يرجع في العبد فوجه الفرق أن المأذون يتصرف لنفسه حتى إذا لحقته العهدة لا يرجع به على المولى فكان في أداء ما يجب في كسبه كالمالك بخلاف المضارب فإنه نائب في التصرف يرجع بما يلحقه من العهدة على رب المال فلا يكون له ولاية أداء الزكاة

التالي السابق


الخدمات العلمية