الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا أوصى لجهة عامة فالشرط أن لا تكون معصية ) ولا مكروها أي لذاته لا لعارض كما يعلم مما يأتي في النذر [ ص: 5 ] فيهما ، وكذا إذا أوصى لغير جهة يشترط عدم المعصية والكراهة أيضا ، ومن ثم بطلت لكافر بنحو مسلم أو مصحف ، وكان وجه اقتصاره على الأولى كثرة وقوعها وقصدها بخلاف غير الجهة وشمل عدم المعصية القربة كبناء مسجد ولو من كافر ونحو قبة على قبر نحو عالم في غير مسبلة وتسوية قبره ولو بها لا بنائه ولو بغيرها للنهي عنه وفي زياداتالعبادي لو أوصى بأن يدفن في بيته بطلت الوصية ولعله بناه على أن الدفن في البيت مكروه ، وليس كذلك ، والمباحة كفك أسارى كفار منا وإن أوصى به ذمي وإعطاء غني وكافر وبناء رباط لنزول أهل الذمة أو سكناهم به ، وإن سماه كنيسة ما لم يأت بما يدل على أنه للتعبد وحده أو مع نزول المارة على الأوجه أما إذا كانت معصية فلا تصح من مسلم ولا كافر ( كعمارة ) أو ترميم ( كنيسة ) للتعبد وكتابة نحو توراة وعلم محرم وإعطاء أهل حرب أو ردة ووقود كنيسة بقصد تعظيمها [ ص: 6 ] لا نفع مقيم بها أي لغير تعبد فيما يظهر واختار جمع المنع مطلقا ( تنبيه )

                                                                                                                              وقع لشيخنا في شرح الروض أنه علل صحتها بفك الكفار من أسرنا بأن الوصية لأهل الحرب جائزة ، فالأسارى أولى ثم ناقضه بعد بقوله في شرح صحتها لحربي ومرتد والكلام في المعينين فلا تصح لأهل الحرب والردة ، ويجاب بأن مراده بأهل الحرب في الأول ما صدقه أي جماعة معينين منهم فلا ينافي كلامه آخرا كما دل عليه تفريعه المذكور فيه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بنحو مسلم ) يتجه استثناء من يعتق عليه كبيعه منه ، وظاهر الكلام البطلان لكافر عند الوصية وإن أسلم عند الموت ولو ذهب ذاهب للصحة حينئذ كان مذهبا ( قوله ولو بغيرها ) خولف فيه م ر ( قوله وكافر ) شامل للحربي ولا ينافيه قوله الآتي أهل حرب ؛ لأن صورته أنه عبر بأهل حرب الدال على قصد جهة الحرابة المعصية ، وقضية ذلك أنه لو عبر هنا بكافر كأنه ( قوله وإن سماه كنيسة ) اعتمده م ر وقوله أو مع نزول اعتمده أيضا م ر ( قوله في المتن كعمارة كنيسة ) قد يستشكل التمثيل بعمارة الكنيسة للجهة العامة إلا أن يجعل تنظيرا أو يقال أراد بالجهة العامة ما ليس شخصا معينا بدليل المقابلة أو يقال هي جهة باعتبار المنتفع فإنه غير معين . ( تنبيه )

                                                                                                                              يتبادر أن حقيقة الكنيسة ما هي للتعبد وقضية ذلك حملها على ذلك عند الإطلاق حتى لو أوصى لكنائس بلد كذا وجهلنا حالها هل هي للتعبد أو لا حكم ببطلان الوصية فإن تبين أنها للتعبد حكم ببطلان الوصية أولا حكم بصحتها ولا ينافي الأول قول الشارح للتعبد حيث دل على التقييد للإيضاح ؛ لأنها قد تطلق على ما ليس للتعبد ولو تجوزا فليتأمل ( قوله أهل حرب أو ردة ) أي بخلاف أهل الذمة كذا بخط شيخنا بهامش المحلي وسيأتي وفي شرح المنهج بعد قوله وتصح لكافر ولو حربيا ومرتدا إلخ ما نصه أما لو أوصى لمن يرتد أو يحارب أو يقتله أو يقتل غيره عدوانا فلا يصح ؛ لأنها معصية ا هـ وبقي ما لو أوصى لزيد الكافر أو الحربي أو المرتد ، ويحتمل البطلان أيضا إذ وصفه بما ذكر يجعله منظورا إليه ، وهو معصية وأي فرق بين قوله أهل الحرب أو أهل الردة وقوله لزيد الكافر أو الحربي أو المرتد ولا ينافي ذلك [ ص: 6 ] ما سيأتي من صحتها لقاطع الطريق لجواز أنه مصور بمن لم يوصف بقطع الطريق ، ويحتمل الصحة كما يشعر به تعبيرهم للبطلان بمن يرتد إلخ دون التعبير بالمرتد إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أي لذاته ) أي ما ذكر من المعصية والكراهة وقوله لا لعارض كبيع العنب والرطب [ ص: 5 ] لعاصر الخمر فإنه حرام حيث غلب على ظنه اتخاذه خمرا ومكروه حيث توهمه فتصح الوصية ا هـ ع ش ( قوله فيهما ) أي المعصية والمكروه ( قوله بنحو مسلم ) يتجه استثناء من يعتق عليه كبيعه منه سم وبجيرمي زاد الأول ، وظاهر الكلام البطلان لكافر عند الوصية وإن أسلم عند الموت ولو ذهب ذاهب للصحة حينئذ كان مذهبا ا هـ ويوافقه قول ع ش قوله أو مصحف أي إذا بقي على الكفر لموت الموصي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على الأولى ) أي الجهة العامة وقوله كثرة وقوعها أي الأولى أي وقوع الوصية عليها ( قوله ونحو قبة ) عبارة النهاية القباب والقناطر ا هـ ( قوله قبر نحو عالم ) عبارة النهاية والمغني قبور الأنبياء والعلماء والصالحين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وتسوية قبره ولو بها ) خالفه النهاية هنا وقال ع ش والمعتمد ما ذكره في الجنائز ا هـ أي من جواز الوصية لتسوية وعمارة قبور الأنبياء والصالحين في المسبلة ( قوله وليس كذلك ) أي فتصح الوصية ا هـ ع ش ( قوله والمباحة ) عطف على القربة ا هـ ع ش ثم قوله ذلك إلى المتن في المغني ( قوله كفك أسارى إلخ ) سيأتي تخصيصه بالمعينين ا هـ ع ش ( قوله وكافر ) قضية كلامهم تخصيصه بمعين ( قوله ما لم يأت إلخ ) أي فلا تصح الوصية ا هـ ع ش ( قوله أو مع نزول المارة ) اعتمده المغني أيضا قال ع ش ومنه الكنائس التي في جهة بيت المقدس التي ينزلها المارة فإن المقصود ببنائها التعبد ونزول المارة طارئ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على الأوجه ) أي تغليبا للحرمة ا هـ مغني ( قوله أما إذا كانت معصية ) أي أو مكروها أخذا مما مر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله من مسلم ) بل قيل إن الوصية ببناء الكنيسة من المسلم ردة ولا تصح أيضا ببناء موضع لبعض المعاصي كالخمارة ا هـ مغني ( قول المتن كعمارة كنيسة ) قد يستشكل التمثيل بعمارة الكنيسة للجهة العامة إلا أن يجعل تنظيرا ، أو يقال أراد بالجهة العامة ما ليس شخصا معينا بدليل المقابلة أو يقال هي جهة عامة باعتبار المنتفع بها فإنه غير معين .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              يتبادر أن حقيقة الكنيسة ما هي للتعبد وقضية ذلك حملها على ذلك عند الإطلاق حتى لو أوصى لكنائس بلد كذا وجهلنا حالها هل هي للتعبد أو لا حكم ببطلان الوصية ، فإن تبين أنها ليست للتعبد تبينت صحتها ا هـ سم ( قوله وكتابة نحو توراة إلخ ) عبارة المغني وكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما وكتابة كتب الفلسفة والنجوم وسائر العلوم المحرمة ا هـ زاد النهاية وقراءة أحكام شريعة اليهود والنصارى ا هـ قال ع ش قوله وكتابة التوراة والإنجيل أي ولو غير مبدلين ؛ لأن فيه تعظيما لهم ا هـ فليراجع ( قوله أهل حرب أو ردة ) بخلاف أهل الذمة نهاية وسم ( قوله بقصد تعظيمها ) أو لا بقصد شيء ا هـ سيد عمر [ ص: 6 ] عبارة ع ش ويرجع في ذلك إليه أي الموصي فإن لم يعلم منه شيء عمل بالقرائن فإن لم تظهر قرينة بطلت عملا بالظاهر ، والأصل من أن الوصية لها لتعظيمها ا هـ وقد مر عن سم ما يوافقه ( قوله لا نفع إلخ ) أي لا بقصد نفع مقيم بها إقامة لغير تعبد فإنها تصح بهذا القصد ا هـ كردي ( قوله مطلقا ) أي قصد تعظيمها أو نفع المقيم بها لغير تعبد ( قوله صحتها ) أي الوصية وقوله بفك إلخ متعلق بضمير المصدر ، وقد مر ما فيه غير مرة ( قوله والكلام إلخ ) مقول القول وقوله في المعينين أي الحربي والمرتد المعينين ( قوله أي جماعة إلخ ) بالجر تفسير لأهل الحرب المذكور في أول كلام شرح الروض ( قوله فلا ينافي ) أي كلام شرح الروض أولا ( قوله كما دل عليه ) أي ذلك المراد وقوله المذكور فيه أي في كلامه آخرا بقوله فلا تصح إلخ هذا ما ظهر لي في حل عبارته لكن يرد عليه أنه كان المناسب حينئذ تقديم ذلك على قوله فلا ينافي إلخ إلا أن يقال تأخيره إلى هنا للاختصار بالإضمار في قوله فيه




                                                                                                                              الخدمات العلمية